يعتبر الإعلام شريكا أساسيا في أي منظومة عمل، وبحسب تصريحات المسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وفي الأندية فإن الإعلام الرياضي يعد شريكا أساسيا في المنجزات وكذا في الإخفاقات؛ نظير مساحة التأثير الواسعة التي يعكسها على الشارع الرياضي وكافة منسوبيه. ونظرا لمساحة التأثير تلك، يرى البعض أن ثمة منغصات تحول دون أن يؤدي الإعلام الرياضي رسالته بما يخدم منظومة العمل الرياضية من واقع السلبيات التي تحول دون أن تؤدي «السلطة الرابعة» رسالتها بشكل صحي. «عكاظ» فتحت ملف الإعلام الرياضي، وطرحت أمام المختصين الأسئلة المتداولة في الشارع الرياضي حول الاستفهامات التي تحاصر نوعية العلاقة التي تربط الإعلام المرئي والمكتوب في الأندية، وما يترتب عليها من احتضان البرامج الرياضية تحديدا لتوجهات صناع القرار في الأندية ونثرها في الشارع الرياضي وحول نوعية هذه العلاقة ومدى ارتباطها ب «الفساد». «عكاظ» اخترقت حاجز الغموض وتوغلت مع أهل الاختصاص في دهاليز الإعلام الرياضي وخرجت بهذه المحصلة. في البداية قال الكاتب الرياضي صالح الحمادي «المجتمع الرياضي جزء لا يتجزأ من منظومة المجتمع الكبير والإعلام الرياضي هو أيضا أحد أركان هذا المجتمع الرياضي، وإذا الفساد غزا المجتمع الكبير حتما سيطال المجتمع الرياضي، فهو مجتمع غالبيته من الشباب وكثير منهم قليل الخبرة، وبالتالي كل ما يطال المجتمع الرياضي بكل تأكيد سيطال الإعلام الرياضي، والدلائل على ذلك كثيرة ولكن في نطاق محدود فهناك السواد الأعظم من الإعلام الرياضي لا يزال بعيدا عن الفساد». وعن غزو بعض البرامج الرياضية وأنها أصبحت موجهة من قبل بعض أعضاء الشرف ورؤساء الأندية قال «بكل أسف نعم، بل إن بعضهم يحدد الضيف في بعض البرامج، حتى أن بعض الضيوف يتم محاربتهم بشتى الوسائل كي لا يظهرون خاصة الضيوف المستقلين تماما بآرائهم والذين لا يقبلون التوجيه بما يريد هؤلاء الرؤساء وأعضاء الشرف». وأضاف الحمادي «الوسط الرياضي ابتلي ببعض الدخلاء والذين أفسدوا الركن المهم في المجتمع الرياضي ممثلا في الإعلام الرياضي، وهذه ظاهرة خطيرة لن يحاربها إلا المستقلون والأتقياء من الإعلاميين». وتابع «كل قائم على وسيلة إعلامية هو مؤتمن في المقام الأول في مسألة نزاهة وعدالة وحيادية وسيلته الإعلامية التي ينتمي إليها أيا كانت هذه الوسيلة، وليعلم الجميع أن المتابع الرياضي ليس بساذج كي تمرر عليه مثل هذه المؤامرات، حيث أصبح يفرق بين الإعلام الهادف والصادق والإعلام الموجه». ترهيب وترغيب من جانبه، قال محمد نجيب، مقدم برنامج خط الستة مدير قناة أبو ظبي الرياضية «هناك للأسف من يحاول توجيه البرامج الرياضية لمصلحته ولأفكاره ولمصلحة ناديه، ونحن في برنامج خط الستة شاهدنا أشياء (ترهيبية وترغيبية) من أجل الرضوخ لرغبة هؤلاء». وأضاف «وضعنا في المقام الأول المصداقية والمتابع الرياضي الكريم محور اهتمامنا، ولن نحيد عن هذا في طرحنا، وأصدقك القول إن هذه الضغوط التي تمارس ضدي أقابلها بابتسامة عريضة». وتابع «للأسف الشديد هناك برامج معروفة في هذا الصدد، فهي تنفذ ما يملأ عليها من قبل بعض الشخصيات الرياضية، وتقوم بالتنسيق المسبق مع الضيوف في محاور اللقاء». وعن الاتهامات الموجهة لبرنامج خط الستة بأنه برنامج موجه قال «أقسم لك لا نرضى في قناة محترمة ولها مشاهدين كثر في العالم العربي أن نكون أداة تستخدم من قبل البعض؛ لأن هذا سيفقدنا مصداقيتنا أمام الملأ». ومضى بالقول «ابتلى الوسط الرياضي بعدد من المنتفعين والذين يعملون كأدوات تستخدم لتمرير فكر معين لرؤساء أندية أو أعضاء شرف، ولكن ما يخفف من ألمنا على حال الإعلام الرياضي وجود أسماء إعلامية مهتمة بصدقها ومصداقيتها أمام المتابع الرياضي». وعن الحلول قال «أعتقد أن الحلول تبدأ من مقدم البرنامج والمعد نفسيهما، فهي مسألة كرامة قبل كل شيء، ولكن هناك دورا كبيرا على المؤسسات الإعلامية التي ينتمون لها، فكيف يرضى المسؤولون عن هذه المؤسسات الإعلامية أن تكون مؤسساتهم وسيلة وأداة تستخدم من الغير لأهداف غير شريفة!؟». ضمير المهنية من جانبه، قال عدنان جستنيه مدير المركز الإعلامي في نادي الاتحاد «يجب في البداية أن نفسر ما هو المقصود بالفساد الإعلامي، وهل هو فساد في المجال المهني أم فساد في الأخلاق؟». وأضاف «بالنسبة للأخلاق، كيف خرجوا من إطار الأمانة المطلوبة منهم إلى تدخلات تغير من توجههم وتعاملهم مع المهنة بما يرضي ضميرهم، ويرضي المشاهد الذي يتمنى أن يرى عملا إعلاميا متكاملا». ويضيف جستنيه «إذا نظرنا إلى الجانب الأخلاقي فبالتالي لا يمكن المغامرة في الحديث عن شكوك لا تملك لها أدلة، ولكن حينما تنظر إلى ما يقدمون من عمل ستجد أن هناك ما يثبت بالأدلة القاطعة هذا التوجه من خلال محاباتهم لبعض الشخصيات الرياضية بشكل ملفت للنظر ومثير للجدل وكأنهم يعملون لديهم ولا يعملون لدى القنوات الفضائية التي يتبعون لها، وهناك للأسف بعض الصحافيين والإعلاميين ينتمون لأسماء معينة». وأضاف «لك أن تتخيل أن هناك تنسيقا مسبقا بين عدد من معدي البرامج والضيوف حتى في عملية طرح الأسئلة، هناك اتفاق مسبق على كل شيء في استخفاف واضح على المشاهد الذي يبحث عن إعلام صادق لا إعلام مضلل». وعن السبب الرئيس لتنامي هذه الظاهرة قال «أعتقد أن السبب الرئيس في تناميها يعود إلى غياب المتابعة والرقابة، والتي بكل تأكيد تأتي كإجراء أولي قبل عملية المحاسبة». وتابع «هذا لا يمنع من وجود شخصيات قيادية في عدد من القنوات الفضائية ساهمت في تغيير جذري للفكر الذي يقود بعض القنوات، وعلى سبيل المثال: عندما تولى الأمير تركي بن سلطان الإشراف على القناة الرياضية السعودية شاهد الجميع التغير الكبير الذي حصل في هذه القناة فهو بكل أمانة شخصية على درجة كبيرة من المهنية وصاحب نظرة شمولية متساوية لكل المنتمين للوسط الرياضي، وهذه شهادة في حق هذا الرجل». الانتماء للأشخاص من جانبه، قال الكاتب الرياضي أحمد الشمراني «لو أردنا الحديث عن الجوانب المضيئة في الإعلام الرياضي سنجد أنها تستحق التقدير، كما أن هناك جوانب مظلمة في الإعلام الرياضي أعتقد أنها لم ترتق ليمكن أن نقول عنها ظاهرة». وقال «المسألة هنا نسبة وتناسب، وللأسف الشديد إعلامنا يعاني من الانتماءات المعلنة وحتى القارئ البسيط يستطيع أن يحدد هوية الجهة الإعلامية بكل سهولة من خلال ما تطرح، بل أصبحت مسألة التصنيف سهلة جدا فلدينا متابعين وقراء يختلفون عن المراحل السابقة فبالتالي سينكشف ضعفنا أمام متابع متمكن». وتابع «من ينتمي للأشخاص فهذا لا يمكن القياس عليه لكونه موضوعا آخر، ويجب عدم الخلط بين الأشياء، وأنا الآن أتحدث ولي ميول معروفة لدى كل المنتمين للوسط الرياضي، ولكن من الضروري عدم الخلط بين ميولي وبين ما أطرح فأنا في طرحي أقوم بإنصاف الآخرين دون أي مجاملة ولا محاباة ولا إقصاء للرأي الآخر». وأضاف «أعتقد أن الخاسر الأكبر من هذه المعارك الإعلامية هي الحركة الرياضية لدينا». وتحدث الشمراني عن برنامج خط الستة على سبيل المثال، وقال «نحن من خلال هذا البرنامج استطعنا أن نقلب المعادلة ألا وهي معادلة «الطرح بجرأة»، وهناك قنوات حاولت استنساخ برنامج خط الستة؛ بفضل ما يقدم هذا البرنامج من طرح جريء بعيد كل البعد عن الميول والأهواء، وكل هذا بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم مذيع خبير ومتمكن ومعد جيد وضيوف قادرين على الطرح بكل شفافية وموضوعية». وشدد الشمراني أن برنامج خط الستة هو برنامج مستقل وبرنامج حر، ولا يمكن أن يسير من قبل بعض الشخصيات الرياضية من خارج البرنامج. وعن وجود تنسيق مسبق بين بعض الضيوف ومعد الحلقة قال «من المستحيل أن يكون برنامج ناجح مثل برنامج خط الستة يحدث فيه مؤامرات ودسائس وتكتيك معين للإثارة، بل هو برنامج إنتاج اللحظة، وأجزم لك أنه لا يوجد فيه اتفاقات مسبقة مع المتداخلين بالبرنامج». إسقاط العضويات من جانبه، أوضح الكاتب الرياضي فهد الروقي أنه لا يوجد أدلة قطعية على وجود الفساد في الوسط الإعلامي الرياضي، بل هي عبارة عن احتمالات واضحة على السطح ممثلة في بعض البرامج التي تحمل توجها ثابتا، والدليل أن ضيوف هذا البرنامج ثابتون، بل يصل الأمر في هذه البرامج إلى دعم معلن لأندية معينة أو توجه معين من خلال استضافة أسماء معينة أو حتى أعضاء شرف معينين من أجل تغييب الصوت الآخر والعمل على تكريس فكر معين. وأضاف «سأضرب مثالا على وجود هذه النوعية في وسطنا الرياضي: هناك ضيف ثابت في إحدى البرامج الرياضية وكاتب رياضي ذكر في زاويته أن عضو شرف في أحد الأندية تناقش مع معد إحدى البرامج حول محاور الحلقة قبل موعد بثها، وهذه ليست إدانة كاملة لكنها للأسف أمور موجودة في وسطنا الرياضي وهناك قرائن تثبت هذا الشيء». وتابع «هناك بعض أعضاء الشرف يستخدمون بعض البرامج الرياضية للهجوم على إدارات الأندية أو على مدرب أو لاعب، وهذا مما زاد من الفجوة الحاصلة حاليا في الأندية وتنامي ظاهرة الخلافات داخل النادي الواحد فكل هذه المشاكل سببها خلل واضح في المنظومة الرياضية لدينا، حيث إن أي اتحاد متقدم ومتطور على مستوى العالم لا يوجد به ما يسمى بأعضاء الشرف فيجب أن يلغى مسمى أعضاء الشرف؛ لأن البعض منهم يجيد الظهور الإعلامي فقط، مع أن عددا كبيرا منهم حتى رسوم العضوية الشرفية لم يقم بسدادها».