وفقا للتقرير الصادر مؤخرا عن البرنامج المشترك لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسب (الأيدز) التابع للأمم المتحدة (UNAIDS) فقد انحسر عدد الإصابات الجديدة بالمرض عالميا بنسبة 19 % في عام 2009م، حيث كانت هناك 6و2 مليون إصابة مقارنة ب 1و 3 مليون إصابة في عام 1999م. وقد بلغت نسبة الانحسار أكثر من 25 % في 33 دولة تقع 22 منها جنوب الصحراء الأفريقية أي ضمن منطقة الانتشار الأعلى للوباء، وتشمل هذه الدول كذلك الهند وتايلاند وأريتريا وإثيوبيا. وهذا يعني أن طرق الوقاية التي تتركز عليها جهود المكافحة في هذه الدول بدأت تؤدي دورها بصورة فاعلة. وبلغ عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج 2و5 مليون شخص، وهذا الرقم يمثل نقلة جيدة من الماضي، رغم أنه لا يشكل إلا ثلث الذين يحتاجون إلى العلاج. كذلك انخفض عدد المواليد المصابين بالعدوى من 000 500 إلى 000 370، وأصبح واضحا أن وقف انتقال العدوى بالكامل من الأمهات المصابات إلى أطفالهن بات هدفا قابلا للتحقيق. في المقابل زادت نسبة الإصابة بالأيدز في سبع دول منها بنجلاديش والفلبين وكازاخستان وطاجاكستان. وبلغ عدد المصابين في بعض دول أوروبا الشرقية ووسط آسيا ثلاثة أضعاف ما كان عليه عام 2000م. ومن ناحية ثالثة لم يتغير معدل الإصابة في 23 دولة منها الولاياتالمتحدةالأمريكية وألمانيا وفرنسا وماليزيا وعدة دول أفريقية. للأسف زاد عدد المصابين بالأيدز حاليا في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يضم أغلب الدول العربية والإسلامية (إيران وباكستان وأفغانستان) من 000 180 في عام 2001م إلى 000 460 في عام 2009م، كما تضاعف عدد الإصابات الجديدة وعدد المتوفين بالمرض في الفترة نفسها. بل إن عدد الإصابات الجديدة في هذا الإقليم في 2009م (000 75) أخذ يقترب من عدد الإصابات الجديدة في دول أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية مجتمعة (000 100) رغم أن هذه الدول تفوقنا عددا وقد سبقتنا بكثير في التعرض للوباء. ومن المؤسف، بصفة خاصة أن عدد الأطفال المصابين في الإقليم عام 2009م (000 21) أصبح يزيد بعدة أضعاف عن مثيله في دول أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية كلها (6000). هناك، للأسف، غياب واضح للمعلومات المقدمة للبرنامج المشترك للأيدز من أغلب الدول العربية والإسلامية. هذه الدول كانت من آخر الدول تعرضا لوباء الأيدز، ولا زالت، باستثناء جيبوتي وجنوب السودان والصومال، من أقل الدول في نسبة انتشار المرض، ولا شك أن طبيعة مجتمعاتها المحافظة ساعدتها على مقاومة انتشار المرض، ولكن الأرقام الموضحة أعلاه تدل على أن الوضع قابل للتغير، بل تغير بالفعل، وأن على هذه الدول مراجعة استراتيجياتها في مكافحة الوباء. ما هي طرق الوقاية الموصى بها من قبل الهيئات العالمية والتي بدأت تثمر في الدول التي نجحت في وقف انتشار الوباء أو تخفيضه؟، تشمل هذه الطرق نشر الوعي بطرق تجنب العدوى لدى الفئة الأكثر تعرضا لخطر الإصابة وهي الفئة التي تقع أعمارها بين 15 49 عاما، ويشمل ذلك تجنب ممارسة الجنس مع شركاء غير موثوقين أوالاكتفاء بشريك واحد أو أقل عدد ممكن من الشركاء، الابتعاد عن استعمال المخدرات الوريدية التي تقود إلى تبادل الحقن الملوثة (وتوفير حقن معقمة بديلة للمدمنين)، استعمال الواقيات الذكرية والمهبلية، الكشف المبكر عن الإصابة بالعدوى وذلك بالتوسع في إتاحة التحاليل المخبرية اللازمة بطريقة طوعية مع حفظ السرية للمصاب، وتوفير العلاج الأمثل والرعاية الصحية والاجتماعية للمصابين. ويعتبر ختان الذكور من الطرق الحديثة التي تمت إضافتها مؤخرا إلى أسلحة مكافحة الأيدز. وهناك تطلع كبير إلى إضافة وسيلة جديدة للوقاية من العدوى تعتمد على استعمال الكريمات المهبلية المحتوية على الأدوية التي تمنع تكاثر فيروس الأيدز بعد أن بينت النتائج الأولية فعالية هذه الوسيلة. كما أن هناك اتجاها لتبسيط وتطوير أسلوب العلاج وفق تعليمات أطلق عليها (Treatment 2). إضافة إلى ذلك يعتبر سن القوانين التي تحمي مرضى الأيدز من الوصم والتفرقة في المعاملة أو الحرمان من العمل أو الترحيل والقوانين التي تشجع على الكشف الطوعي مع ضمان السرية ومنع الطرق الجبرية للفحص، من الوسائل الفاعلة في مكافحة المرض لأنه يشجع فئة المعرضين للإصابة على التقدم للكشف عن إصابتهم والبحث عن العلاج الفعال عوضا عن التكتم على الإصابة والاستمرار في نقل العدوى لغيرهم. أما الإصابة عن طريق نقل الدم والأعضاء فقد أصبحت شبه منتهية في أغلب الدول التي تحرص على فحص دم التبرع بالطرق المعتمدة. ويؤكد التقرير على الحاجة الماسة إلى زيادة الإنفاق على مكافحة الأيدز من قبل جميع الدول خلال المرحلة القادمة. ماذا يمكن للدول العربية والإسلامية أن تستفيد من هذا التقرير؟، في اعتقادي أنها يجب أن تستفيد من نجاح الآخرين وتركز على استخدام الوسائل التي تم ذكرها أعلاه والتي أدت إلى هذا النجاح، وإلى زيادة جهودها وإنفاقها لمكافحة الوباء وتوفير العلاج والرعاية للمصابين والتشجيع على فحص كل الأمهات الحوامل لمنع نقل العدوى للمواليد. وحيث إن انتشار المرض بين عامة الناس في هذه الدول لا زال محدودا فمن المهم التركيز على البؤر التي يرتفع فيها معدل الإصابة مثل مدمني المخدرات الوريدية والمساجين والعاهرات والمثيليين والقادمين من دول ذات نسب إصابات عالية، بما في ذلك المقيمون غير الشرعيين، حيث إن هذه البؤر تشكل مصادر أساسية لانتقال المرض إلى بقية المواطنين. ومن الضروري إتاحة طرق الفحص الطوعي للجميع وتكثيف الدراسات الإحصائية الدورية واتباع الشفافية في نشر المعلومات. ومن المهم سن وتطبيق القوانين التي تساعد على تجنب الوصم والتعصب ضد المصابين (مواطنين أو مقيمين)، ومن ذلك مراجعة قوانين الفحوص الجبرية واستبدالها بالفحوص الطوعية والتكفل بسرية النتائج ومراجعة أسلوب الإبعاد الفوري (الترحيل) للأجانب الذين تكتشف إصابتهم، وإتاحة طرق العلاج لهم. التقرير السنوي للأيدز وسيلة موضوعية لأية دولة للحكم على مدى التقدم الذي حققته في مكافحة الوباء مقارنة بالدول الأخرى، وتجدر الاستفادة منه بأقصى درجة ممكنة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة