يقف المسلم على سماحة الإسلام في أداء فريضة الحج حيث لم تفرض إلا على المستطيع ماليا وبدنيا وأمنيا على نفسه وماله وهو في طريقه إلى الحج. والمملكة التي شرف الله أهلها وحكومتها بخدمة ضيوف الرحمن وضعت من الضوابط ما ترى فيه راحة حجاج بيت الله وتيسير أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، كأن يكون الحج كل خمس سنوات مرة واحدة لمن سبق له الحج وعلى حجاج الداخل الحصول على تصريح حج يخول لهم أداء فريضة الحج، إلا أن التصريح أصبح يشكل هاجسا ومشكلة للكثير من المواطنين والمقيمين لاسيما أصحاب الأسر الكبيرة والمتوسطة الدخل من أصحاب الدخل المحدود نظرا للمبالغة في الأسعار التي أصبحت عاملا رئيسا في انصراف عدد كبير من الحجاج عن الاشتراك في حملات الحج لأداء الفريضة واتباع الطرق غير النظامية لأداء فريضة الحج مما يولد ظاهرة الافتراش، كما أن المقيمين في البلاد يرون أداء فريضة الحج فرصة مناسبة لهم لاسيما وأن ظروفهم المادية لا تساعدهم على الاشتراك في حملات الحج بأسعارها المبالغ فيها مما يجعلهم يسلكون أي مسلك يمكنهم من أداء فريضة الحج. إن ظاهرة الافتراش مشكلة مستعصية على الحل مهما أعطيت من جهد، فالافتراش واقع يحتاج إلى الاعتراف به والتعايش معه بواقعية طالما أن الحج مفروض على كل مسلم وأن الحياة المعيشية سوف تبقى متفاوتة بين المسلمين أغنياءهم وفقراءهم وتلك سنة الله في خلقه وأن ظاهرة الافتراش حالة لا يمكن القضاء عليها نهائيا وإنما يمكن الحد منها واحتواؤها بشكل يضمن عدم تأثيرها على أعمال الحج وراحة الحجيج قدر الإمكان. قد تكون هنالك حلول تسهم في حل الظاهرة كالحد من نسبة ارتفاع أسعار حملات حجاج الداخل بما يتناسب مع من يرغب من المواطنين والمقيمين تحت شعار (لا ضرر ولا ضرار) وأيضا تكثيف التوعية بأهمية عدم الافتراش عن طريق أئمة المساجد والوسائل الإعلامية المختلفة، والتأكيد على دور المواطنين وتذكيرهم بأنهم جزء من المنظومة الأمنية والخدمية والإشرافية على خدمة حجاج بيت الله الحرام لتمكينهم من أداء فريضتهم في راحة تامة، كل هذا يسهم في تعزيز ثقافة التعاون بين أفراد المجتمع قاطبة. فايزة الصبحي جدة