تتعرض بيئة المشاعر المقدسة أيام الحج لكثير من أشكال وألوان الملوثات، ويرجع أسباب ذلك إلى تعامل الحاج ومدى وعيه وثقافته بأهمية المحافظة على بيئته المحيطة، وكشفت العديد من الدراسات البيئية التي أجريت على بيئة المشاعر طوال الأعوام الماضية وجود العديد من الملوثات أهمها ما ينتج من عوادم الحافلات الناقلة لضيوف الرحمن، أو رمي النفايات بأشكالها السائلة أو الصلبة أو المبعثرة التي يترتب عليها الكثير من الانعكاسات غير الصحية في انتشار الأوبئة والأمراض والحشرات، أو غير ذلك من أصناف التلوث. ومن المنظور العلمي، فإنه لا يخلو مكان من النظافة إلا وأصبح مرتعا للفيروسات والميكروبات، التي قد تخلف أمراضا تصيب الشخص المعرض لها، خصوصا أن المشاعر تحتضن الحجاج من كل بلدان العالم بمختلف شرائحهم وثقافاتهم وجنسياتهم ولغاتهم، وبالتالي فإنه يصعب التعامل معهم بسهولة وإقناعهم بالمحافظة على بيئة المشاعر وعدم ممارسة السلوكيات الخاطئة. وتبذل كافة القطاعات والجهات في المملكة جهودا جبارة في خدمة ضيوف الرحمن وتوعيتهم بأهمية المحافظة على سلامة البيئة من الملوثات والأمراض، وهي جهود تكلف الدولة الملايين من الريالات، إلا أننا ما زلنا نعاني الكثير من الإشكاليات البيئية والسلوكيات الخاطئة في الحج، وهو ما يتطلب وضع إجراءاتz صارمة، ومنها منع الحافلات التي تخلف وراءها سحابة سوداء من العوادم، وضع عقوبات صارمة على المطاعم والمحلات العامة التي تلوث البيئة وما أكثرها في المشاعر، زيادة كمية الحاويات أمام المطاعم والمخيمات والمراكز الخدمية، وقبل كل ذلك تفعيل دور الرقابة المنوط على عاتق الأمانة من خلال الفرق الميدانية التي تجوب وترصد السلبيات وتطبق العقوبات. كل هذه المعطيات تستوجب المزيد من برامج التوعية لظروف الرحمن، حيث إن أكثر التوجهات التوعوية هي في الجانب الصحي، بينما نجد أن الجانب البيئي مهمل أو غير مفعل، وهذا ما يدعوني إلى توجيه نداء إلى جمعية البيئة السعودية ومراكز أبحاث الحج بأن تكرس دورها في توعية الحجاج بلغاتهم من خلال برامج مرئية أو مسموعة أو مقروءة أسوة بالتوعية الصحية التي تصل إلى ضيوف الرحمن بكل لغات العالم. * مدير إدارة حماية البيئة السابق في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.