أكد عدد من المسؤولين والمختصين أن فكرة توفر وسائل حديثة للنقل في المشاعر المقدسة سيكون له مردود إيجابي ما سيخفف بالتأكيد الازدحام في شبكات الطرق وخصوصًا عند النفرة من عرفات ومزدلفة وبالتالي سيقلل من تركيز الملوثات في الهواء والمحافظة على صحة الحاج وخروج حج هذا العام بإذن الله خالٍ من الأمراض مع انسياب في حركة سير المرور. وقد استهدفت الحملة الإعلامية التوعوية (الحج عبادة وسلوك حضاري) في مقامها الأول العاملين في خدمة الحجيج ومن هذا المنطلق عملت الوزارات المعنية على تنفيذ عدد من المشروعات الخدمية التي نفذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لراحة وسلامة ضيوف الرحمن ليؤدوا نسكهم بكل سهولة ويسر. وفي هذا العام ينعم الحجاج بالعديد من الخدمات في كافة الأماكن التي يقصدونها لأداء شعائرهم التعبدية في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة وكافة أماكن وجودهم وفي المشاعر المقدسة. وعلاوة على اكتمال مشروع منشأة الجمرات يبدأ تشغيل قطار المشاعر لتدور عجلاته لأول مرة في البقاع الطاهرة في هذا الموسم وبذلك فإن تشغيل القطار سيؤدي إلى تقليل عدد الحافلات الناقلة للحجاج وهذا معناه تقليل نسبة التلوث البيئي الناتج عن احتراق الوقود خاصة وأن القطار يعمل بنظام كهربائي كامل في جميع محطاته التي يمر منها وإذا أخذنا في الاعتبار تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بمنع السيارات التي تقل حمولتها عن 25 شخصًا من دخول المشاعر المقدسة فإننا نتحدث عن انخفاض كبير في أعداد السيارات مما يقلل من ازدحام المركبات وما تصدره من ضجيج هو أيضًا أحد أنواع التلوث مما ينعكس إيجابًا على الصحة العامة للحجاج بإذن الله إذ من المعروف صحيًا أن عوادم السيارات والغازات المنبعثة منها تسبب أمراضا كثيرة منها الربو و أمرض القلب وارتفاع ضغط الدم والحساسية وضيق التنفس والسرطان فيما يسبب التلوث الضوضائي التوتر والقلق وزيادة الأمراض التنفسية وهذا ما وجد ويجد اهتمام الجهات البحثية بالتعاون مع الوزارات القائمة على تنفيذ هذه المشروعات وتشغيلها. وحول هذا الموضوع استطلعنا آراء عدد من المسؤولين والمختصين الذين أبانوا أن حكومة المملكة لم تأل جهدا في سبيل راحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام انطلاقا من مسؤوليتها التي أخذتها على عاتقها وتشرفت بحملها وهي خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما على مدار العام. في البداية أوضح الدكتور حبيب زين العابدين مدير الإدارة العامة للمشروعات التطويرية بوزارة الشؤون البلدية أن مشروع القطار نفذ لعدد من الاعتبارات أهمها توفير وسيلة التنقل المريحة والسريعة في نفس الوقت لحجاج بيت الله الحرام سيما وأن شعائر الحج موقوفة بأماكن وزمن محدد ولذا كان مشروع القطار لخدمة الحجيج على أكثر من ميدان فعلاوة على النقل هناك التقليل من نسبة التلوث خاصة تلوث الهواء نتيجة العوادم المنبعثة من السيارات وحافلات النقل بالإضافة إلى تقليل زمن الانتظار وبالتالي ما يحدث عنه من ازدحام وضجيج كبيرين وهذا يتيح الفرصة لإخلاء الشوارع في المشاعر مستقبلا لحركة المشاة والحفاظ على الأجواء الصحية النقية فمع عمل القطار بطاقته الكاملة في السنوات القادمة لن نحتاج إلى حافلات وسيارات للنقل وهذه جميعها نتيجة دراسات مستفيضة ورؤى تخطيطية وتطويرية لخدمة الحجيج وأضاف الدكتور حبيب أن تقليل نسبة عوادم السيارات سينعكس إيجابًا على الصحة العامة خاصة أمراض الجهاز التنفسي والأمراض الأخرى التي قد تنتج نتيجة للتلوث ونحن عندما نتحدث عن هذا الأمر لا يعني أن الأعوام السابقة سجلت فيها نسبة ارتفاع كبيرة في التلوث ولكننا نبحث دائما عن الأفضل لخدمة ضيوف الرحمن وأضاف الدكتور حبيب أن اكتمال منشأة الجمرات سيحل مشكلة التدافع وكذلك الازدحام البشري وما ينتج عنه من ضوضاء واحتكاك بين الحجاج أثناء حركتهم وما يمكن أن يتسبب في انتقال أمراض الجهاز التنفسي لأن المنشأة باكتمال كافة مراحلها هذا العام ستكون حركة الحجاج فيها سلسة وسهلة خاصة وأن منطقة المنشأة لن تدخلها أية سيارات أو وسائل نقل وإنما ستكون الحركة عبر الأنفاق الثلاثة التي تربط مشعر منى بمنطقة الجمرات. كما أن نظام التكييف المتطور الذي نفذ في المنشأة يعمل بنظام المكيفات الصحراوية ووجود قنوات لنثر الرذاذ على الحجاج في مختلف طوابق الجسر وهو الأمر الذي سيجعل درجة الحرارة لا تتجاوز 29 درجة مئوية. وهذا يساعد على تخفيف نسبة التلوث بوجه عام الأمر الذي سينعكس بإذن الله على الصحة العامة للحجاج. منع دخول السيارات من جهته قال عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج الدكتور ثامر الحربي: لا شك أن تشغيل قطار المشاعر ومنع السيارات التي تقل سعتها عن 25 راكبا من دخول المشاعر المقدسة سيعمل على تقليل نسبة التلوث البيئي بجميع أنواعه سواء تلوث الهواء أو الضجيج الصادر عن الحافلات والسيارات التي تقل الحجاج وهذا سينعكس إيجابًا إن شاء الله على الصحة العامة للحجاج والمعهد كجهة بحثية قام بدراسات متعددة حول الأماكن التي كانت تقف فيها الحافلات وقتًا طويلًا خاصة في التقاطعات ومخارج الكباري في المشاعر المقدسة جميعها وما تلك الدراسات إلا لمعرفة أسباب التوقف والذي ينتج عنه الضوضاء وارتفاع أبواق السيارات التي هي أيضًا مزعجة خاصة للمشاة ووضع الحلول المناسبة لها ولعل أبرز الحلول وهو حل جذري تنفيذ مشروع القطار الذي يعمل هذا العام كمرحلة أولى. من جهته يرى الدكتور عاطف أصغر رئيس قسم البحوث البيئية والصحية بمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج أن المشاريع الجديدة بالمشاعر المقدسة لها دور كبير في تسهيل الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وكذلك المساهمة في الحفاظ على صحة وراحة الحجيج ومن المعروف إن مشاريع القطارات في العالم تساهم بشكل فعال في التقليل من الازدحام في الطرق بشكل عام إضافة إلى أنها تساعد في تخفيض الانبعاثات الكربونية وضجيج المحركات وجعل النقل أكثر سلاسة في المدن وتتميز القطارات الحديثة بأنها وسائل نقل صديقة للبيئة والتي يتم فيها وضع مواصفات حماية البيئة (التقليل من الضجيج والاهتزازات وملوثات الهواء وغيرها) أثناء تصنيع عربات ومحركات القطار وكذلك أثناء إنشاء وتشغيل القطار فمن المتوقع أن مشروع القطار بالمشاعر سوف يساهم بشكل كبير في تقليل انبعاثات الكربون بأضعاف عما تصدره المركبات بمختلف أنواعها ومع ذلك فإن الموضوع يحتاج إلى إجراء دراسات لرصد وتقييم تجربة النقل بالقطارات وإعداد قاعدة بيانات يمكن الاعتماد عليها لقياس نسب الضجيج والتلوث الهوائي وغيرها من المعايير البيئية والتي ستمكننا من مقارنة مدى مساهمة مشروع القطار من التقليل من التلوث البيئي خاصة وأن المشروع يعمل بجزء من طاقته الاستيعابية في حج هذا العام ويمكن من خلال التجربة الأولى هذه أن تجرى دراسة علمية ميدانية للمقارنة بين نسبة الانبعاثات الكربوينة التي ترصد هذا العام وقد قلت نسبة الحافلات والسيارات المقلة للحجاج في تنقلاتهم بين المشاعر المقدسة ومقارنتها بما كان يسجل في الأعوام الماضية من نسبة هذه الانبعاثات خاصة وأن الوسائل جميعها كانت الحافلات والسيارات قبل تنفيذ مشروع القطار. الاهتمام بالبيئة من جهته قال الدكتور محمد جميل علوي وكيل معهد البحوث العلمية بجامعة أم القرى: الاهتمام بالبيئة أمر ضروري، وعلى الجميع أن يتعاون مع الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة في تنفيذ أهدافها والخطوات الوقائية للحد من زيادة الملوثات وقال: على المجتمع دور مهم جدًا تجاه البيئة للترشيد في استخدام الموارد، ونشر ثقافة الحفاظ على البيئة للحفاظ على البيئة والالتزام بتعليمات السلامة البيئية والاستثمار البيئي وقال إن المحافظة على البيئة محافظة على الصحة العامة ولعل الكثير من الأمراض وخاصة أمراض الجهاز التنفسي وارتفاع ضغط الدم يثيرها التلوث وفي الحج حيث الازدحام البشري الكبير وازدحام الحافلات المقلة لهم تسجل نسب من التلوث التي تتابعها وترصدها بشكل يومي هيئة المساحة الجيولوجية ويأتي هذا العام تشغيل قطار المشاعر حلا كبيرا للتقليل من نسب التلوث بجميع أنواعه وحبذا لو عممت الفكرة للاستفادة من المشروع في كافة تحركات الحجيج في مكةالمكرمة ليصل القطار إلى كافة الأحياء السكنية ومن ثم نقل الحجاج إلى الحرم والمشاعر المقدسة لتقليل الازدحام وعادم السيارات وكذلك المرونة في النقل. أما الدكتور تركي حبيب الله الأستاذ بجامعة أم القرى والباحث بمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج فقال: أولت الحكومة الرشيدة اهتمامًا كبيرًا بمدينة مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة والتي يتوافد عليها أعداد كبيرة من الحجاج والمعتمرين والزوار وذلك بتوفير الإمكانات وتهيئة الظروف المساعدة على المحافظة على البيئة لكي تكون مثالية وخالية من المؤثرات التي تضر بالإنسان والمكان. ومن أهم أهداف معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج هو المحافظة البيئة الطبيعية كما خلقها الله سبحانه وتعالى في هذه المدينة المقدسة. ولكي نحافظ على الهواء الخارجي لا بد من متابعة جودة الهواء داخل المدينة والتي يرتكز عليها لاحقًا وضع الحلول والاشتراطات التي تساعد على التحكم بملوثات الهواء وبالتالي المحافظة على الصحة العامة. وقد اتضح من الدراسات السابقة التي أجراها المعهد أن زيادة استخدام المركبات وبطء تسارعها قد يؤدي بالتالي إلى احتمال تلوث الهواء، فوسائل النقل العام تعد المصدر الرئيس لتلوث الهواء في المدن. وفي ظل وجود المشروعات الحديثة التي تبنتها الدولة مثل قطار المشاعر والذي سيساعد بالتأكيد على المحافظة على بيئة مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة من ملوثات الهواء الناشئة من النقل العام. ومما لا يخفى أن قطار المشاعر سيخفف من استخدام الحجاج لوسائل النقل الأخرى (علمًا بأن ثلاثة آلاف حافلة ستخرج عن الخدمة مع نهاية المشروع) وأيضًا سيوفر الجو المناسب وسهولة التنقل بين المشاعر.