شهدت الأسواق الشعبية جنوبي جدة الأيام الماضية إقبالا كبيرا من قبل أصحاب المطاعم وبعض المواطنين والمقيمين للظفر بأكبر كمية ممكنة من أرز الزكاة الرخيص الثمن، الذي عمل على جمعه بكميات كبيرة في الأيام الماضية سماسرة من جنسيات أفريقية شكلوا مجموعات تنظيمية استغلت موسم توزيع الزكاة من قبل الجمعيات الخيرية والمواطنين لبيعها في السوق السوداء. وفي الوقت الذي رصدت فيه الأجهزة الرقابية تجاوزات لبعض الجمعيات الخيرية في مناطق مختلفة من المملكة في ما يتعلق بتأخير توزيع الزكاة وإيصالها لغير مستحقيها، أثار عدد من المواطنين تساؤلات عن سر وجود كميات كبيرة من الأرز تعرض بأحجام مختلفة في الأسواق الشعبية ولاقت إقبالا كبيرا من قبل أصحاب المطاعم، وبعض المواطنين والمقيمين دون وجود رقابة حكومية. وبدورها، رصدت «عكاظ» في جولة لها أمس على عدد من الأسواق، عددا من مندوبي مطاعم الولائم ومواطنين ومقيمين يتفاوضون على شراء كميات كبيرة من الأرز من قبل بائعات من الجنسية الأفريقية يعملن لصالح سماسرة الأرز. وقال أحد مندوبي المطاعم في حديث إلى «عكاظ»: «فترة ما بعد رمضان تعد فرصة سانحة لشراء كميات من الأرز تكفيهم لفترة تتجاوز ستة أشهر، لاسيما وأن الأرز المعروض يباع بأسعار أقل مقارنة بأسعارها في الأسواق الرسمية». وزاد المندوب: «الكثير من المطاعم لاسيما الشعبية منها تحرص على استغلال هذه العروض والشراء بكميات كبيرة قدر المستطاع»، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لا يوجد تنسيق مسبق مع سماسرة الزكاة، والموضوع لا يتجاوز بأنهم يتحينون الفرصة للشراء متى كان السعر المعروض مناسبا لإمكانياتهم. من جهتهن، بينت عدد من البائعات في حديثهن ل «عكاظ» أن الكميات الكبيرة التي حصلن عليها كانت عن طريق سماسرة من أبناء جلدتهن، ساهموا معا على جمع تلك الكميات ابتداء من 25 من شهر رمضان ولمدة خمسة أيام. وقالت البائعات: «تحديد الأسعار كان بالاتفاق مع معظم البائعين، إذ لا يتجاوز سعر الكيس حجم 45 كيلو 140 ريالا، فيما حجم العشرة كيلو لا يتجاوز 35 ريالا، وهو سعر منافس للأسعار الرسمية في المحال التجارية». وأفادت البائعات ذاتهن أن معظم أنواع الأرز المستخدم للاستهلاك المحلي يتم عرضه بدءا من الأرز الهندي، الباكستاني، والإندونيسي، وغيره من الأصناف الأخرى، مشيرات إلى أن المبيعات تصل في اليوم الواحد من 15 ألفا إلى 18 ألف ريال لكل بائعة. أما المواطنون الذين تواجدوا في السوق، أبدوا في حديث إلى «عكاظ» استغرابهم من غياب التنظيم الذي من شأنه منع مثل هذه التجاوزات، لاسيما وأن وجود كميات كبيرة من الأرز أمام كل بائعة أمر مثير للشك بأن زكاة المواطنين لم تصل إلى مستحقيها الفعليين، قائلين: «كيف لهؤلاء النسوة يبعن هذه الكميات الكبيرة وبأسعار لا تقل كثيرا عن أسعار المحال الرسمية». وطالب المواطنون تدخل الجهات الرقابية لمنع تلك التجاوزات، التي وصفوها بالخطيرة، محملين الجمعيات الخيرية مسؤولية ذلك كونها عمدت على توزيع الزكاة بشكل عشوائي دون وجود عملية منظمة للتأكد من أن مستلمي الزكاة هم محتاجوها الفعليون. إلى ذلك، قدر مراقبون للسوق السوداء لبيع الزكاة أن الكميات المعروضة للبيع في الأسواق الشعبية في جدة تتجاوز خمسة آلاف كيس من الأرز بأحجام مختلفة وأصناف متنوعة، وتقارب قيمتها السوقية مليون ريال، وهي من كميات الأرز التي وزعتها الجمعيات الخيرية على الفقراء قبل عيد الفطر لهذا العام. واعتبر المراقبون وجود تلك الكميات الكبيرة دلالة على عشوائية في التوزيع، إذ لم يتم التأكد بشكل قاطع أن الزكاة تصل إلى المستحقين الفعليين وليس إلى السماسرة الذين عملوا على بيع الزكاة بهذه الكميات المهولة.