كثيرا ما أثار تساؤلي وجود نظام الكفيل في صورتيه الحضورية والغرمية، ككفالة الوافدين للعمل، أو كفالة أولئك الذين يطلبون القروض، أو كفالة بعض المقبوض عليهم كي يطلق سراحهم. ما معنى أن يطلب من فرد أن يكفل الآخر فيتعهد بإحضاره متى امتنع عن الحضور أو أن يدفع ما التزم به من مال متى عجز عن الدفع أو امتنع عنه؟ حسب ما يظهر لي، لا أرى في هذا النظام سوى استبدال مطلوب مكان آخر، وتحميل بريء تبعة جرم غيره، خاصة أن بعض المكفولين يجد في هذا النظام تيسيرا لتحقيق أغراضه، فيقترض ثم يتهرب من السداد مدعيا العجز تاركا الكفيل ليقوم بذلك بدلا عنه. ونظام الكفالة وإن كان مقتبسا مما أقره فقهاء السلف إلا أن ذلك لا يعني التسليم بصوابه وصحة العمل به، أو عدم جواز إلغائه والبحث عن سبل أخرى تؤمن حقوق الناس. نظام الكفالة يسبب للناس حرجا كبيرا مع أقاربهم وأصدقائهم، فعندما يطلب منك قريبك أو صديقك أن تكفله سواء ماديا أو حضوريا، يصعب عليك أن ترفض، رفضك لا مبرر له أمامه سوى أنك لا تثق فيه ولا يعنيك أمره، وربما لو طلب منك إقراضه بعض المال لاستطعت التملص بقول أنك لا تملك، أما أن تتلمص من كفالته فلا عذر لك، وحين تقبل تحمل عبء تلك الكفالة مضطرا، قد تجد نفسك يوما أنت المطلوب بدلا منه، وعليك تسديد مال انتفع به هو لا أنت، فتضطر إما إلى الدفع صاغرا وإما إلى التعرض للجزاء بدلا من مكفولك الكريم. بعض الكفلاء يقومون بذلك وهم يجهلون تبعات كفالتهم، خاصة بين الشباب الصغار الذي تتقد في قلوبهم العواطف وقيم الشهامة والمروءة فيبادرون إلى تحمل الكفالة غير مدركين تماما مسؤوليتها العظيمة، وقد يستغل هذه السذاجة فيهم، بعض طالبي الكفالة فيخدعونهم بالقول إن المسألة شكلية وأن الكفيل لن يتحمل شيئا. أما أولئك الذين لا يجهلون مغبة الكفالة ويعلمون جيدا عظم المسؤولية التي يعلقونها على أعناقهم، فإنهم في بعض المرات يجدون أنفسهم مضطرين إلى تحمل تلك المسؤولية رغما عنهم، تحت إلحاح المجاملة أو الرغبة في حل مشكلة قريب يحتاج إلى من يقف معه في ورطته. لكن المكفول قد يكافئ الكفيل في بعض الأحيان، بالتملص بطريقة أو أخرى من التزاماته فيتركها معلقة في عنق كافله لتتجه المطالبات إليه، وهنا يجد الكفيل نفسه في موضع المجرم وكل ذنبه أنه حاول مساعدة من لجأ إليه يطلب المساعدة. الأمر السيئ في هذا النظام، أنه يلقي بمهمة الجهات الرسمية المسؤولة عن الإشراف على حفظ الحقوق، على الكفيل الذي يطلب منه، حسب ذلك أن يقوم بتلك المهمة، فيتولى مراقبة المكفول ومتابعته، كي يضمن لنفسه النجاة من المجازاة فيما لو فشل المكفول في أداء التزاماته. وهذا يعني أن الكفيل أمام أمرين إما أن يقوم بدور الشرطة في المتابعة والمراقبة وربما المطاردة ليضمن تسليم المكفول متى تخلى عن أداء ما عليه، وإما أن يسلم نفسه متحملا تبعة جرائم مكفوله بدلا عنه. قد يكون في شرط الكفيل، سواء كان غارما أو حضوريا، حفظ لحق المدعي، لكنه يتضمن غبنا لحق الكفيل. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة