تشكل سرقة السيارات هاجسا مشتركا للأفراد والأجهزة المعنية، باعتبارها جريمة تهدد أمن المجتمع، سيما في ظل ارتفاع معدلاتها في الآونة الأخيرة، ويتكرر سيناريو السرقة وبتفاصيله، فما أن تترجل من سيارتك وتتركها في حالة تشغيل، أو تخرج من منزلك أو مكتبك، إلا وتفاجأ باختفائها، بينما مفاتيح تشغيلها في جيبك!. 3 سرقات في الرياض من حوادث هذه السرقات، ألقت دوريات الأمن في الرياض مطلع الشهر الجاري القبض على لص محترف سرق ثلاث سيارات في وضع التشغيل، فيما أوضح بيان لشرطة الرياض أن غرفة العمليات تلقت ثلاثة بلاغات عن سرقة قائد سيارة «نقل» في حي الملز لسيارة أخرى، بأسلوب الصدم من الخلف، وسرقة مماثلة من سائق سيارة في حي الملك فهد طريق العليا العام لسيارة أخرى بنفس الأسلوب، أثناء سير صاحبها، وسرقة سيارة على طريق صلاح الدين، أثناء نزول صاحبها وتركها في وضع التشغيل. وجاء في البيان أنه فور تلقي دوريات الأمن لهذه البلاغات نشرت فرقها السرية للبحث عن الجناة والسيارات المسروقة، ما أسفر عن رصد السيارات المسروقة ومتابعتها وضبطها مع الجاني، وتسليمها لمركز شرطة الملز لاستكمال إجراءات التحقيق. وفي مكةالمكرمة تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على عصابة احترفت سرقة وإتلاف السيارات، حيث أوضح مصدر أمني في شرطة العاصمة المقدسة أن العصابة درجت على سرقة السيارات بعد تكسير نوافذها، وأخذ ما بداخلها من أموال وأشياء ثمينة، الأمر الذي أزعج أصحابها ليبادروا للإبلاغ عن تعرضهم للسرقة، وفقدان مقتنياتهم الثمينة. وأضاف المصدر أن أفراد العصابة أربعة من الجاليات الإفريقية، ثلاثة من الجنسية المالية، وواحد من النيجيرية، مشيرا أن أحد أفراد العصابة اعترف بارتكابهم لأكثر من 13 حادثة سرقة، مبينا أن التحقيقات لا تزال جارية لكشف عديد من السرقات التي حدثت في العاصمة المقدسة في الآونة الأخيرة. وقائع مؤلمة هنا بعض الضحايا من مختلف المدن والمحافظات، يروون قصص تعرضهم لسرقة سياراتهم: يقول حمدان الجابري موظف في محافظة جدة: ذهبت من محافظة «أبو عريش» في منطقة جازان لزيارة والدي المريض في مستشفى الملك فهد هناك، وبعد انتهاء الزيارة التي لم تستغرق وقتا طويلا، لم أجد سيارتي التي تركتها في مواقف المستشفى، وبحثت عنها في كل مكان دون أن أعثر على أثر، فأبلغت الجهات الأمنية وبعد بحث ثلاثة أيام تلقيت اتصالا من الشرطة يفيد بأنهم عثروا عليها بالقرب من الحدود، ويبدو أن من سرقها كان ينوي تهريبها إلى دولة مجاورة، والغريب أنني عندما حضرت لاستلام سيارتي واطلعت على محتوياتها لم أجد فيها ما يدل على العبث أو التخريب، حتى أن زجاجها لم يكن مكسورا ما يؤكد نية سارقها تهريبها سليمة. ويروي ماجد المباركي من جدة: قبل أعوام قليلة، أوقفت سيارتي أمام منزلي كعادتي يوميا، وعندما خرجت لم أصدق أن سيارتي اختفت من مكانها، وعلى الفور تقدمت ببلاغ عن سرقتها وبعد أربعة أيام عثرت عليها الأجهزة الأمنية سالمة، ما يدل على أن من سرقها لص محترف يمتلك أدواته. أبو محمد من مكةالمكرمة، يقول: خرجت لأداء صلاة العصر، وفوجئت بأن سيارتي اختفت، أصابني الذهول فأسرعت إلى قسم الشرطة وتقدمت ببلاغ، ليصدر تعميم للبحث عنها، كنت آمل في العثور عليها ولكن وبعد مضي أسبوع بدأ الأمل يتلاشى ويضعف، وأصبحت يوميا أسال مركز الشرطة عن الجديد حول مصير سيارتي. ويضيف: اتصل بي أحد الأصدقاء وقال «وجدت سيارتك»، ففرحت كثيرا، ولكن الفرحة لم تكتمل حين أخبرني بأنه شاهدها في حالة يرثى لها بالقرب من منطقة تشليح السيارات، فذهبت إلى هناك لأجد سيارتي وقد سرق منها الكثير. إهمال وندم يعترف أحمد الحازمي، أحد الذين تعرضت سيارتهم في جدة للسرقة، أن إهماله كان السبب في اختفاء سيارته من أمام أحد المحال التجارية، حين تركها في وضع التشغيل. سرقة طفل يتجاوز الضرر من سرقة المركبة إلى ما هو أكبر، حيث أعادت الأجهزة الأمنية طفلا لذويه بعد أن سرق أحد اللصوص سيارة والده، بينما كان في داخلها في حي النسيم في جدة، وكان والد الطفل قد ترجل من سيارته في حالة التشغيل تاركا ابنه في داخلها، بينما كان اللص يراقبه خلف عجلة القيادة وانطلق بها إلى جهة مجهولة، الأب الذي فوجئ باختفاء سيارته وطفله، أبلغ الجهات الأمنية التي هرعت إلى الموقع حيث تم تطويق المنطقة وإنشاء عدد من نقاط التفتيش، وبعد مرور ساعتين تم العثور على الطفل في أحد شوارع الحي الفرعية حيث أنزله اللص الهارب. ويعترف سلطان الزهراني بأنه ترك سيارته في وضع التشغيل ونزل منها لشراء قنينة ماء من محل للمواد الغذائية، فتفاجأ برجل أمن يحرر مخالفة باسمه. وأضاف رغم أنني كنت أراقب سيارتي خوفا من سرقتها، إلا أنه أقنعني بأنها قد تسرق وأنني قد أشاهد السارق ينطلق بها أمام عيني، فرضخت لاستلام المخالفة، واقتنعت بأنني ارتكبت مخالفة باسم «النزول من المركبة وتركها قيد التشغيل» كما هو مدون في الورقة التي استلمتها. أجهزة الإنذار يؤكد عاملون في سوق قطع غيار السيارات وزينة السيارات، أن هناك إقبالا ملموسا من أصحاب المركبات على تركيب أجهزة إنذار السرقة، وأشاروا أن نسبة كبيرة من السائقين لا يلجأون إلى تركيب أجهزة الإنذار، إلا بعد تعرض مركباتهم للسرقة أو مركبة شخص قريب لهم. محمد الشعيبي صاحب محل لبيع الزينة وأجهزة الإنذار، قال: أصبح لدى كثير من السائقين الوعي بأهمية تركيب أجهزة إنذار السرقة، لذا نشهد إقبالا متزايدا على شرائها، ولا يقتصر ذلك على أصحاب السيارات القديمة التي لا يوجد بها جهاز إنذار، بل أصحاب السيارات الجديدة ذات الموديل الحديث، لأن كثيرا من هذه السيارات الحديثة، صممت ليعمل جهاز الإنذار في حال محاولة فتح أبواب السيارة فقط، ولا يعمل إذا تم كسر زجاج السيارة مثلا لسرقة ما بداخلها من أشياء ثمينة أو كسر زجاجها لمحاولة تشغيلها وسرقتها، والأجهزة التي نبيعها تطلق صوت الإنذار عند محاولة فتح باب السيارة أو تهشيم زجاجها أو حتى لمسها، وهي فعالة وتحد من السرقات بشكل كبير. ويتفق معه إبراهيم عبد الله بالقول: أجهزة الإنذار لها أهمية كبيرة، وتحد من حوادث السرقة بشكل كبير، والأجهزة الأمنية دائما ما تدعو إلى أهمية تركيب مثل هذه الأجهزة، ولكن كثيرا من السائقين لا يهتمون بها إلا بعد تعرضهم للسرقة، وأتمنى أن تكون هناك توعية مستمرة للسائقين بأهمية تركيب أجهزة الإنذار، ولوسائل الإعلام المختلفة دور في هذا الشأن، فكلما كانت المركبة مجهزة بمثل هذه الأجهزة، كلما تراجعت نسبة حوادث سرقة المركبات. لصوص التشليح يجمع الكثيرون على أن مناطق التشليح في معظم مدن المملكة تشهد تجاوزات كثيرة، رغم المتابعة الأمنية لتلك المناطق، إلا أن هناك من يبحثون عن الربح السريع ممن يسهلون عمليات البيع والشراء لبعض قطع الغيار المسروقة بعيدا عن أنظار الجهات الأمنية. بندر الحربي من جدة يقول: التشليح في منطقة بريمان أصبح مرتعا لبعض المتخلفين وضعاف النفوس الذين يتاجرون في قطاع السيارات المسروقة، ويصف الحربي عمل اللصوص في الموقع قائلا: إنهم يفككون القطع من المركبات المسروقة، بعد أن تجزأ إلى قطع صغيرة ويزال الطلاء من هيكلها الخارجي بمواد مذيبة، ومن ثم تعرض القطع ليستقبلها الأفارقة ويعرضونها على أبناء جلدتهم في الورش ومواقع الصيانة، وفي المقابل يضطر الزبائن لشراء القطع دون أي ضمان أو تقرير يوضح حالتها في ظل غلاء الأسعار في المحلات النظامية لبيع قطع الغيار. ويرى سلطان الجهني، أن تشليح بريمان قد تحول إلى موقع للمتخلفين وضعاف النفوس الذين وجدوا فيه موقعا لارتكاب المخالفات، مطالبا بتكثيف الرقابة عليها، وأن تشرف عليها الجهات المختصة بصورة أكثر صرامة. جمعة بشيري، أحد زبائن أسواق التشليح في جدة، تحدث عن الأسباب التي تدفعه إلى الاستعانة بالتشليح يقول: تعرضت مركبتي لعطل فني بسبب تلف الدينمو الخاص بتوليد الكهرباء، وصدمت بغلاء سعره في محال قطع الغيار، وبعد أن رأى «الكهربائي» الحيرة على محياي نصحني بالبحث عنه في سوق التشاليح، وبالفعل وجدت ما أريده بسعر يقل عن الموجود في الوكالة ب 450 ريالا. وعن الضمان، قال بشيري: إن صاحب التشليح أكد له أنها سليمة وتستطيع العمل لمدة طويلة، ولا ينكر أنه وجد من يعرض عليه شراء «الدينمو» أو قطعة أخرى، ولكنهم لا يعملون في التشليح وليس لهم محلات مرخصة، ولكنهم يصطادون زبائنهم بعناية، ما يدل على أن هناك من يبيع قطعا مسروقة بعيدا عن أعين الجهات الرقابية. أما أبو أحمد «ميكانيكي» يعمل في بيع قطع الغيار المستعملة في التشليح، فقد كان له رأي آخر قائلا: السوق كبيرة وجاذبة لشريحة واسعة من أصحاب المركبات الباحثين عن قطع غيار، لا سيما محدودي الدخل، مشيرا أن البيع يتم بطريقة رسمية موثقة من شيخ التشاليح، ويعطي البائع ورقة إلى إدارة المرور للتأكد من سلامة وضع السيارة، بعدها تتم عملية الشراء وتفكيك الأجزاء السليمة من المركبة وعرضها للبيع، أما بقية الأجزاء المعدنية كهيكل السيارة، فيشتريها أصحاب الحديد لكبسها تمهيدا لبيعها للمصانع. الحرص أولا إلى ذلك أوضح المتحدث الأمني في شرطة جدة العقيد مسفر الجعيد، أن رجال الأمن يتابعون يوميا موقع التشاليح، مشيرا أن دوريات الشرطة تتواجد في المنطقة على مدار الساعة، للتأكد من وضع السيارات فيها، وفي حال ضبط أي مخالفة يتم على الفور التعامل معها بشكل سريع وتحال المضبوطات والمخالفين للجهات المعنية لاتخاذ اللازم. وحذر الجعيد من ترك السيارات في وضع التشغيل وترك الأبناء أو أي شيء آخر ثمين بداخلها، لافتا أن العديد من الجرائم يحدث نتيجة إهمال وأخطاء من هذا القبيل. وأضاف في هذا الصدد أن هناك بلاغات عن سرقة سيارات تكون في حقيقة الأمر غير مسروقة، وإنما تم سحبها لمخالفتها أنظمة السير، وعندما لا يجدها أصحابها يبلغون عن سرقتها، فتسجل كسيارات مسروقة وبالتالي ترتفع النسبة في حين أنها ليست مسروقة بل مسحوبة. الجمارك والمواصفات من ناحيته أوضح مدير عام جمرك ميناء جدة الإسلامي سليمان عبد الله التويجري أن المواصفات والمقاييس اللازمة تراعي توفير المتطلبات المتعلقة بالحماية من السرقة في المركبات المستعملة المستوردة، حيث إن التعليمات المنظمة لفسح المركبات تراعي التأكد من كون السيارة الواردة ليست من ضمن السيارات الممنوع دخولها وتحديد سنة الموديل بخمسة أعوام للسيارات الصغيرة والحافلات، وعشرة أعوام للشاحنات. وأضاف أن من حق مصلحة الجمارك منع دخول المركبات المستعملة المستوردة إلى المملكة دون عرضها على هيئة المواصفات والمقاييس، إذا ثبت أن هذه المركبات سبق وأن تعرضت لحوادث أو سبق استخدامها كسيارات أجرة أو سيارات شرطة أو تأجير، وإحالة بقية أنواع السيارات المستعملة الأخرى إلى مختبر هيئة المواصفات والمقاييس، للتأكد من أن السيارات سليمة وتتوافق مع المواصفات القياسية المعتمدة، وبعد إصدار تقرير المطابقة يتم صرف البطاقة الجمركية التي يتم بموجبها تسجيل السيارة لدى الإدارة العامة للمرور وإصدار اللوحات.