إن الأستاذ الجامعي محل احترام وتقدير المجتمع عامة والمجتمع الجامعي والوسط الأكاديمي خاصة، فهو يحمل علما ومعرفة اختصاصية وهو القادر بما زود به من خبرة مهارية وبراعة في الأداء وعبقرية العطاء أن يزود طلابه بنواتج هذه الخبرة وخلاصة ما توصل إليه من علم ومعرفة مجالية، وسلوك التفاعل رفيع المستوى. إن الأستاذ الجامعي محل رفعة وسمو واعتراف بمسيرته العلمية وإنجازاته الأكاديمية مما ينبغي على طلبته الاقتداء به، والتأسي بمسيرته العلمية والتأمل في منهجيته العلمية، والاستفادة بنواتج ما قام به من دراسات وبحوث علمية، والاستنارة بها في سلم الارتقاء العلمي الرفيع. هذه هي التقاليد الجامعية من قبل الأستاذ الجامعي الحقيقي فهو كينونة علمية وأكاديمية رفيعة المستوى، وفي ذات الوقت له دور اجتماعي راق لما يقدمه من إسهام في صناعة الأجيال وصياغة المستقبل، وتزويد طلابه بأنماط وتقنيات التفكير الجيد وصقل قدراتهم في الطلاقة والمرونة والأصالة. إن الأستاذ الجامعي المبدع العبقري يأخذ بأيدي أبنائه الطلاب لتجاوز الصعوبات الأكاديمية ويساهم في حل مشكلاتهم الاجتماعية في غير تصلب أو جمود، أو النأي عن محفزات التفكير عالي المستوى الذي يدفع دائما إلى إنتاج أفكار جديدة في مجال التخصص بما يحدث تراكما في المعرفة، والمعرفة بطبيعة الحال هي معرفة إنسانية يتحصلها الإنسان عن طريق امتلاك منهجية وأدوات التعليم .. وفنيات التعليم .. والتراث المستمد من الثوابت في العقيدة والأخلاق .. فضلا عن إعلاء قيم المعرفة والنقد والمراجعة والنقد الذاتي. هكذا تتضح أهمية الأستاذ الجامعي في تدريب طلابه على التمييز بين الخطأ والصواب في العرف الاجتماعي السائد، وتدريبه على تحمل المسؤولية الاجتماعيه تجاه مجتمعه والآخر مما يمنحه قيمة تقوي لديه النزعة تجاه العيش الإنساني الكريم فيما ينبغي على الأستاذ الجامعي أن ينمي فيه حس المسؤولية تجاه نفسه ومجتمعه. وهذا يحقق إقامة توازن في المعادلة (الفرد/ المجتمع). وبعرض أفكار هذا المقال على أحد الزملاء لمعرفة مدى تناسبها مع الواقع الجامعي اليوم، قال لي: وماذا حول الأستاذ الجامعي الذي يحيد عن هذه الأفكار قليلا أو كثيرا؟ فسألته: كيف؟ فقال الأستاذ الذي يتوعد طالبا بالرسوب في مادته طالما هو موجود في الكلية ويدرس هذه المادة؟ قلت: لماذا؟ قال: لعدم التزام الطالب بما يراه الأستاذ عرفا جامعيا بأن يقف الطالب حين يرى أستاذه إلى أن يمر من أمامه، وأن يحني رأسه ولا يطالع فيه أو أن يحصل بينه وبين أحد طلابه نقاش في موقف ما فيحرم هذا الأستاذ الطالب من دخول محاضراته طوال العام.. إلخ. واستطرد قائلا وماذا حول أستاذ يلزم طلابه بكتابه فقط، فإذا وجد إجابة تنتمي لفكر آخر فسوف لا يعبأ بها وسيرسب الطالب لا محالة. وماذا حول أستاذ يتباسط مع طلابه أكثر من اللازم (يتبادل التدخين والنكات معهم والمرح اللا سوي بميزان القيم الأخلاقية والأعراف الاجتماعية والجامعية) وما يصدر عنه من تصرفات باعتباره مثلا وقدوة وكأنه شخص عادي، المفترض أنه يعرف كيف يميز بين الخطأ والصواب في مجال العرف السائد. ولم أستطع الإجابة سوى القول: «إنه لكل قاعدة شواذ». للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 267 مسافة ثم الرسالة