إذا كان موقف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حاسما كما بينا تجاه اللاعبين العرب والمسلمين الذين يبدون تعاطفا مع القضايا العربية والإسلامية، وتوقيعه عقوبات عليهم من خلاله، أو بتوصية الاتحادات القارية الإقليمية الرياضية بذلك، بزعم تطبيق لوائحه التي تحظر ارتداء اللاعبين أثناء المباريات قمصانا تحمل صورا أو عبارات أو شارات أو شعارات لتيارات سياسية أو دينية معينة، فإن الفيفا نفسه يحمل شعار (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم) تجاه حالات وممارسات أخرى، يتم فيها خرق لوائحه الحاسمة، ويتجاهل رفع شعارات سياسية ودينية في الملاعب. فقبل فترة خرج علينا فريق نادي أنتر ميلان الإيطالي بلباسه موشحا ب «الصليب المقدس»، أفلا يعتبر ذلك إقحاما لشعار ديني في لعبة رياضية، وكيف يكون الأمر إذا اتبعت أندية أخرى في العالم هذا النهج، واستخدمت شعارات دينية أو هويات ثقافية أخرى، يضاف إلى ذلك شعار فريق برشلونة الإسباني الذي يحتوي الصليب الشهير، وبسبب هذا الصليب يتم منع بيع قمصان الفريق في معظم دول الخليج، أليس شعار الفريق الكتالوني يحمل دلالة دينية مباشرة؟. وهناك أندية أوروبية أخرى تحمل شعارات دينية مشابهة، حيث تحتوي على رموز ترتبط بالهوية المسيحية الأوروبية، تلك الرموز التي تعود إلى ثقافة الصراع والتحدي في الغرب، التي تحتل موضع العقيدة في التكوين الثقافي الأوروبي منذ القدم، فهناك «صراع الآلهة» فوق جبال «الولمب»، وهناك صراع الأساطير في «الألياذة» و«الأوديسا»، وصراع أسبرطة وأثينا، تلك الثقافة التي تستمد كرة القدم الحديثة جزءا من فلسفتها منها. وفي العام الماضي ارتدى اللاعب البرازيلي الشهير (كاكا) قميصا يحمل العبارة الشهيرة التي اشتهر بها: «أنتمي إلى المسيح»، تعبيرا عن فرحته بفوز منتخب بلاده بلقب بطولة كأس القارات في جنوب أفريقيا، وشاركه بعض لاعبي السامبا في أداء بعض الشعائر الدينية على أرض الملعب، وفي حينه أعلن متحدث رسمي في موقع الفيفا أن ما قام به لاعبو السامبا لا يعتبر خرقا لقوانين كرة القدم، طالما لا تمس هذه الشعارات أحدا بسوء سواء كان فردا أو مجموعة. كما أن لاعب منتخب غانا «جون بينتسيل»، سبق أن رفع علم الكيان الصهيوني، وطاف به أرض الملعب في كأس العالم الماضية في ألمانيا، وتحديدا بعد فوز غانا على التشيك بهدفين مقابل لا شيء، ولم يتدخل الفيفا أو يعلق أو يوقع أية عقوبة حينها بحق هذا اللاعب. أعود وأكرر أن لغة الشعارات والرموز من أقوى لغات التواصل وتوصيل الفكرة ودعم توجه. [email protected]