لا شك أن لكل رمز في حياتنا المعاصرة دلالة ومعنى وأصلا تاريخيا، والشعارات الدينية هي من هذا القبيل.. ونقصد بها الرموز والأشكال ذات الدلالة الدينية، وليس العبارات والكلمات التي تحمل شعارا دينيا. ومن الموروثات التاريخية المتعارف عليها أن لكل أمة أو دولة شعارها الذي يميزها عن غيرها، ويعبر عن هويتها الخاصة، وانتمائها الديني والقومي والعرقي. الشمس الصفراء اتخذها اليابانيون، والمطرقة والسندان الاتحاد السوفيتي السابق، ونجمة داود الكيان الصهيوني. وهذه الشعارات وغيرها هي في معظمها ذات دلالة ومعان دينية، فهي امتداد لشارات تدل على الانتماء الديني أو الاعتقادي، يستوي في ذلك أتباع الديانات السماوية، أو الفلسفات الوضعية والوثنية، وقديما كانت الزهرة التي ترمز إلى فينوس آلهة الجمال عند اليونانيين، هي نفسها عشتار لدى البابليين والسومريين والأراميين، واللات والعزى عند العرب، وللبوذيين والهندوس كانت وما تزال لهم شعاراتهم الخاصة حتى يومنا هذا. أما الديانات السماوية الثلاث، فقد استقرت الأوضاع على شعارات خاصة للمنتمين إليها، كل على حدة، في ضوء ظروف تاريخية معينة، فالهلال أصبح شعارا للمسلمين، والصليب للمسيحيين، ونجمة داود لليهود، وقد انعكست هذه الشعارات في العديد من المظاهر، ومن أبرزها تصدرها للأعلام الوطنية الرسمية في الكثير من الدول في الغرب والشرق على السواء، بل واتخذتها بعض المنظمات الدولية والإقليمية شعارا لممارسة أنشطتها، وصار لها صبغة عالمية. والشعارات الدينية تلعب دورا كبيرا في حياتنا، وربما يتخذ الكثيرون قراراتهم متأثرين بها، ولا سيما في المسائل التجارية والبيع والشراء، حيث يجذبك أو ينفرك شعار معين ذو دلالة دينية ما، بل قد يكون للشعارات والرموز الدينية دورها في اكتساب الأصدقاء كذلك، بحيث أصبح الوفاء للشعار الديني عميقا ومؤثرا في النفس الإنسانية، وهذا ما عبر عنه حكيم وفيلسوف الصين الأشهر كونفشيوس قبل أكثر من 24 قرنا حين قال: «سيعيش البشر دوما في عالم تحكمه الرموز والشعارات لا القوانين والكلمات». ومن المثير للتأمل هو أن كثيرا من تلك الشعارات الدينية لا تمت في كثير من الحالات بصلة إلى الدين أو العقيدة التي تنتسب إليها، وأحيانا تكون في أصلها مرتبطة بثقافة وحضارة أخرى، وإنما رسختها عوامل اجتماعية وتاريخية.. وهو ما سنعرض له لاحقا. [email protected]