طرحنا في المقال الماضي سؤالا حول مدى تطبيق الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لوائحه الخاصة بحظر ارتداء اللاعبين أثناء المباريات قمصانا تحمل صورا أو عبارات أو شارات أو شعارات لتيارات سياسية أو دينية معينة، ومنع اللاعبين من خلع الفانلة أو رفعها، كشكل من أشكال التعبير عن الفرحة؛ للحيلولة دون استغلال ذلك من قبل اللاعبين؛ لإظهار شعارات تعكس انتماءات سياسية أو دينية أو عنصرية، بعد أن بدأ بعض اللاعبين في كتابة شعارات تعكس هذه الانتماءات، والتلويح بها أمام الجماهير والشاشات التلفزيونية.. وهل يلتزم الفيفا في هذا التطبيق بمعايير موضوعية مجردة، أم أن هذا التطبيق يكون حاسما إزاء شعارات معينة، ويتراجع ويتلاشى تجاه شعارات أخرى؟. وما يدعونا إلى إثارة هذا الأمر الآن، خاصة وبطولة كأس العالم على الأبواب، والجميع يترقب منافساتها وأحداثها، هو ازدواجية المعايير التي تنتقل من عالم السياسة إلى عالم الرياضة، ويكون ضحيتها دائما الطرف الضعيف، حيث نجد أن الفيفا أظهر العين الحمراء، وأوعز إلى الاتحادات الرياضية القارية الإقليمية والمحلية بتوقيع عقوبات، ولوح هو نفسه أو وقع عقوبات بالفعل على بعض اللاعبين العرب أو المتعاطفين مع القضايا العربية والإسلامية، بحجة عدم خلط الهوية الدينية والسياسية في الألعاب الرياضية. فلا أحد ينسى عقوبة النجم المصري محمد أبو تريكة، لأنه كشف عن شعار داعم لقطاع غزة المنكوب والمحاصر، فبعد تسجيله للهدف الثاني لمنتخب مصر في لقائه أمام السودان، في بطولة كأس الأمم الأفريقية قبل الماضية، خلع أبو تريكة قميصه ليظهر عبارة كتبها على قميصه الداخلي حملت عبارة: تعاطفا مع غزة (SYMPATHIZE WITH GHAZA)، في إشارة منه لتذكير العالم أجمع، والذي يتابع مئات الملايين منه بطولة الأمم الأفريقية بمعاناة الشعب الفلسطيني، كما وجه الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) تحذيرا لمحمد أبو تريكة، واتهمه بخرق النظم واللوائح بوضع شعارات سياسية أثناء المباريات. ورغم أن حكم اللقاء البنيني كوفي كودجا أشهر البطاقة الصفراء لأبو تريكة، بزعم منع الفيفا لاستخدام الشعارات السياسية في المباريات، إلا أن أبو تريكة لقى صدى شعبيا واسعا في كافة الأوساط العربية والإسلامية، خاصة أنه سبق وحمل شعار (نحن فداك يا رسول الله) في البطولة الأفريقية السابقة لها، إثر قضية الرسومات المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم آنذاك. كما أن قضية لاعب نادي إشبيلية الإسباني، المهاجم المسلم المالي الأصل «فريدريك كانوتيه» ليست عنا ببعيد.. عندما دفع غرامة مالية؛ لأنه تضامن مع غزة، وكتب على قميصه الداخلي اسم فلسطين، عندما سجل هدف الفوز الثاني لفريقه في مرمى فريق ديبورتيفو لاكورونيا في مسابقة كأس إسبانيا لكرة القدم العام الماضي. وليس الغرض هنا تأييد أو استنكار هذه التصرفات، ولكن إيضاح مدى قوة تعبير كلمة أو شعار أو رمز على المتلقي. [email protected]