لقد كان القمر على الدوام ملهما للإنسان ومقصدا لإدراك الحياة والخلود، لذلك كان القمر حاضرا في أشعارنا وشعاراتنا وكذلك في أعلام بلادنا، فالهلال الذي يمثل أحد أطوار القمر يحتل مكانا بارزا مع النجمة، سواء مقترنين أو منفردين، في أعلام كثير من الدول العربية والإسلامية، حيث يزينان أعلام دول، مثل: الأردن، تركيا، باكستان، الجزائر، تونس، ماليزيا، وبروناي، وعلم مصر قبل الثورة. ونادرا ما تتضمن الأعلام كلمات مكتوبة بلغة معينة، وأول من ابتدع الكتابة على الرايات والأعلام هم الأغالبة في الأندلس، حيث كتبوا على أعلامهم عبارة «لا غالب إلا الله»، وفي العصر الحديث توضع كلمة التوحيد «لا إله إلا الله» وهي ركن الإسلام الأول شعارا مع السيف على علم المملكة العربية السعودية، بحيث امتزجت الهوية الوطنية بالهوية الدينية وانصهرت فيها من خلال هذا الشعار، وفي العقد الماضي وضع شعار «الله أكبر» على العلم العراقي. وعلى نفس الدرب سارت الدول الأوروبية المسيحية، حيث وضعت بعضها شعارها المستمد من البعد الديني وهو الصليب على أعلامها الوطنية، حيث يبدو رمز الصليب بارزا في علم الاتحاد السويسري، أو رمز الصليب ذي الاتجاهات الثمانية، كما يبدو في علم المملكة المتحدة (بريطانيا)، وقد يبدو غريبا أن شعار الصليب كان قد ظهر حتى قبل عدة قرون من ظهور المسيحية والمسيح عليه السلام، حيث كان شعارا للجماعات البدائية في أفريقيا وأستراليا، يعلق عليه الصيادون فرائسهم من حيوانات الغابات متفاخرين بذلك، كما كان الصليب رمزا للنصر عند بعض القبائل القديمة يعلقون عليه زعماء الحرب من الأعداء بعد قتلهم وسلخهم، ولكن لم يصبح الصليب رمزا للمسيحية إلا بعد أكثر من 600 عام من رفع المسيح عليه السلام، حيث اعتمده الفاتيكان شعارا للمسيحيين في العالم. وهناك الصليب المعقوف «svastika»، الذي اشتهر بكونه شعار النازية في ألمانيا في النصف الأول من القرن الميلادي الماضي، ولكن الغريب أيضا أن هذا الصليب المعقوف ظهر قبل إحياء هتلر له في الحرب العالمية الثانية، حيث كان رمزا لآلهة الحرب عند الأسكندنافيين، وكان قديما بمثابة وسام للشجاعة يمنح للجنود الأبطال في أمريكا وإنجلترا وفرنسا، وهي نفسها الدول التي حاربت النازية!. [email protected]