بعد مقالات عدة حول زيارة العاصمة الفرنسية باريس، نعود إلى فن الشعارات، ونستكمل الحديث حول شعار الهلال المقلوب، الذي ثبت أن له صلة وثيقة بالمحافل الماسونية، وكان محفل (الهلال) في لبنان التابع للشرق الأكبر العثماني، يعد من أكبر تلك المحافل، وكان لبعض رموز هذا المحفل نشاط مشبوه في مجال الصحافة والإعلام، روجوا من خلالها أفكارهم بطرق ملتوية ومخادعة. ومن أبرز هذه الرموز الماسونية كان الباحث جورجي زيدان الذي أطلق على مجلته اسم (الهلال)، مستغلا ما يشاع بين الناس من أن الهلال رمز إسلامي، فاتخذ من الهلال المقلوب والمنقوص (C) شعارا لمجلته، معبرا بهذا العمل عن معتقداته الماسونية، ومستغلا بذلك ضعف إدراك الناس في التمييز بين شكل الهلال الماسوني المقلوب (C)، وبين شكل الهلال المعتدل (ر)، وهو الشكل المنسجم مع مفردات التقويم الإسلامي، المبنية على رؤية ميلاد الهلال في بداية الشهر وليس في نهايته. وتتهافت معارض الإكسسوارات في الأسواق الغربية، على عرض المجوهرات والحلي لتصاميم النجمة والهلال المقلوب، وربما تسللت هذه المجوهرات المشبوهة إلى أسواقنا من دون أن نحس بها أو نعلم بمصدرها، وانتهجت منظمة الصليب والهلال الأحمر الدولية الطريقة الماسونية في اتخاذها الهلال المعكوس شعارا ورمزا لها دون أن يفطن إليه أحد. واتخذ عدد من الدول العربية والإسلامية شعارات أعلامها وفق هذا الشكل الماسوني، وكان العلم العراقي الذي اقترحته السلطات الأمريكية عام 2003 مصمما بهذا الشكل، حيث جاء الهلال المعكوس واضحا في قلب العلم، لكن هذا الاقتراح قبر في مهده، حيث وجه باعتراضات واسعة من شمال العراق إلى جنوبه، ويكاد يكون الاستثناء الوحيد من بين الأعلام هو علم دولة الكويت، الذي اقترحه الشيخ مبارك الصباح رحمه الله عام 1905م، حيث يظهر الهلال الإسلامي الصحيح بشكل واضح على علم المشيخة، وعلى العلم البحري الكويتي، وكان اقتراح الشيخ مبارك ينم عن إدراك ووعي عميقين للصورة الحقيقية التي ينبغي أن يظهر بها الهلال لحظة ميلاده في أول الشهر. إننا اليوم بحاجة إلى تنبيه مؤسساتنا الدينية والثقافية إلى ضرورة تصحيح هذا الخطأ التاريخي الفادح، والمتمثل في عدم التمييز بين رمز الهلال الماسوني المعكوس، وبين صورة الهلال الإسلامي المرتبطة بميلاد القمر في بداية الشهر الهجري. [email protected]