لعبت النجوم والكواكب والشمس والقمر دورا حيويا في حياة العرب قديما، في بيئة تخلو غالبا من التضاريس والأنهار، ومواسم وفصول الزراعة والحصاد، فلكونهم اعتادوا التنقل والرحيل المتكرر في معيشتهم وتجارتهم، كانت هذه الأجرام السماوية بالنسبة إليهم بمثابة البوصلة لمعرفة مواقعهم واتجاهاتهم، ولمعرفة الوقت والزمن، فيستدلون على الأيام بالشمس، وعلى الشهور بالقمر. وامتدادا لهذه الثقافة ظل الهلال الذي يمثل أحد أطوار القمر رمزا في حياة العرب بعد الإسلام، حتى صار رمزا لدينهم وعقيدتهم، بل وأصبح شعارا دوليا معتمدا لهم، من خلال هيئات ومنظمات الهلال الأحمر في الدول العربية والإسلامية، والمعتمد من خلال منظمة الصليب والهلال الأحمر الدولية، ويعود ذلك إلى عام (1876)م، أثناء الحرب التركية الروسية، عندما أصرت الإمبراطورية العثمانية كممثلة للمسلمين في العالم أن تستخدم شعار الهلال الأحمر بدلا من الصليب الأحمر، الذي كان معتمدا وحده منذ عام(1863)م، والناتج من عكس الألوان الفيدرالية السويسرية كرمز للحياد بين الدول والقوى الدولية، وتم الاعتراف رسميا بالشعار المزدوج الصليب والهلال الأحمر عام 1929. ولكن لأن العالم يزخر بديانات وفلسفات وضعية أخرى، وقوميات وإثنيات مختلفة، فقد طالبت العديد من الدول باعتماد شعاراتها المستمدة من ثقافتها ورموزها الوطنية والدينية الخاصة بها، ولكن منظمة الصليب والهلال الأحمر الدولية، وحرصا منها على وحدة شعارها وتمثيله لأغلب سكان العالم، فقد رفضت تلك المطالبات في اتفاقيات جنيف عام (1949)م، وفي محاولة منها لاسترضاء هذه الدول التي واصلت ضغوطها، وصلت إلى حل وسط في نهاية التسعينيات الميلادية من القرن الماضي، يقضي من خلال بروتوكول إضافي ثالث لاتفاقيات جنيف، بإقرار شعار إضافي على شكل «بلورة حمراء مربعة الشكل»؛ لتستخدمه الدول غير الراغبة في استخدام الهلال الأحمر أو الصليب الأحمر شعارا لها. وليس لهذا الشعار أية خلفيات أو دلالات دينية أو قومية أو ثقافية محددة، حفاظا على عدم تشتت شعار حركة الهلال والصليب الأحمر الدولية، وحرصا على طابعها العالمي، وعدم ارتهانها لاعتبارات سياسية، وقد ترتب على ذلك أن أجبر الكيان الصهيوني على منع استخدام نجمة داود خارج حدود فلسطينالمحتلة. [email protected]