لا أعرف كيفية التفاهم مع أهلي وأحس أنهم غرباء عني، ويوميا المشاكل معهم، وخصوصا أمي لا يمر يوم دون خصام، أما إخواني فلا أراهم إلا نادرا، وإذا اجتمعنا أقول ليتنا لم نجتمع لعدم وجود شيء مشترك، أبي متوفى وأحس بأنه لا يوجد أحد يسأل عني أو يفهمني، لذا فأنا أحس أني وحيدة، ولا وجود لأي انسجام بيني وبين إخوتي، ورغم حاجتنا لخادمة ترعى شؤون بيتنا في ظل الظروف الصحية لأمي لكنها تعترض على وجودها، رغم أن أخي الكبير ضيوفه كثر، وأنا وأختي لا نستطيع القيام بتنظيف البيت والطبخ والكنس والكوي والمذاكرة، خاصة في أيام الامتحانات، فوالدتي تتضايق إذا أخبرتها أن تطلب من أخي التوقف قليلا عن استقبال ضيوفه وبالذات في أيام الامتحانات أو في الأيام التي أكون فيها متعبة، ورغم أني أحب أمي وأتمنى أن أقبل رأسها حتى أرتاح لكني لا أستطيع، أشعر أنها أصبحت عدوة لي، وأني بسببها سأصاب بمرض نفسي، وبسببها أيضا يرتفع ضغطي ويعلو صوتي عليها رغم ندمي، فهذه المعاملة جعلتني انطوائية، ولو زارنا ضيوف أذهب للنوم، وصرت غير قادرة على تحمل الجلوس بينهم، وتعبت أيضا من أن أجد شخصا أحبه ويحبني، والبعض يصفني بالأنانية، والمشكلة الثانية أنني خطبت أكثر من مرة وبصراحة مترددة هل أوافق أم لا، وسبب ترددي هو أهلي، لأنني لو كنت مرتاحة في العيش لما كنت ترددت، فأنا لا أريد أن أكون كغيري أتزوج وأحمل وأربي أولادا، مع أني متأكدة أني لن أحقق ما أريده، أريد أن أكون إنسانة مميزة، أعيش حياة علمية، وبعد ذلك أفكر بالزواج. م.س جدة من الواضح أن العلاقة بينك وبين معظم أفراد أسرتك متوترة، وبخاصة الوالدة، والواضح أيضا أنك لم تستطيعي حتى الآن معرفة أمثل الطرق للتعامل معها، أنت تريدين ممن حولك أن يهتم بك ويحبك ويعطيك ويقدر ظروفك، وفي الوقت نفسه الواضح أنه يضيق صدرك بملاحظاتهم، وعدم إعطائك ما تتوقعينه منهم، وإذا كنت حريصة على الحل فاتبعي ما سأقوله لك دون تردد، وستقطفين الثمار بشرط أن لا يضيق صدرك بملاحظاتهم، وأن لا تستعجلي قطف الثمار، وأول خطوة يتوجب عليك فعلها أن تبعدي من مصطلحاتك عبارة: لا أستطيع، فنحن جميعا نستطيع عمل أشياء كثيرة، أولها أننا نستطيع أن لا نكره أهلنا، ونستطيع أن نتحملهم، ونستطيع أن نعطيهم الكلمة الطيبة والخدمة مع الابتسامة، ونستطيع أن نتحمل بعضا مما يأتينا منهم من نقد، علما بأن النقد نتيجة طبيعية لمعارضتنا للكبار منهم، نستطيع كل ذلك، وحري بك أن تستخدمي جملة: لا أريد، بدلا من جملة لا أستطيع، فأنت في الحقيقة لا تريدين أن تقدمي لهم ما يطلبونه منك إلا إذا هم قدموا لك ما تطلبينه منهم، وهنا مكمن الخطأ، أنت تضعين شرطا لعطائك لهم، وهو أن يعطوك، وإذا قدمت وأعطيت مثلما تعطين الآن من قيام بأعباء البيت فأخشى أن يعقب ذلك منا عليهم بما تفعلين، وقد تضيفين إلى ذلك تضجرك الدائم مما تفعلين، وهذا يجعل والدتك تقول لك: ليتك لا تفعلين شيئا، ومع أنك تقولين في رسالتك بأنكم قليلو الضيوف فأنت تشتكين من أن أخاك أحضر أصحابه في ليلة كان عندك بعدها اختبار، ولو أنك في تلك اللحظة جهزت لأخيك ما يطلبه مع كلمة طيبة ثم ذهبت لمذاكرتك لكنت كسبت أخاك وأمك، فواضح أنك تتمنين أن يكون العالم على مزاجك، وسؤالي لك: هل العالم على مزاج كل منا؟ وهل يمكن لأي فرد في هذه الدنيا أن يختار أباه وأمه؟ أم المطلوب منا أن نقبل ما يقسمه الله لنا، ونجاهد كي نتغلب على ما في هذه الدنيا من مصاعب؟ أليست الدنيا دار اختبار؟ أليس كل من يعيش على سطح البسيطة لديه مشكلاته وهمومه؟ أليس الأقوياء هم الذين يواجهون الصعوبات بتحد ولا يهربون منها، في حين أن الضعفاء هم الذين يتخيلون هذه الحياة خالية من الهموم والمشكلات، واضح يا ابنتي أنك قادرة على تحدي كل هذه الصعوبات لو أنك تبنيت مفهوما جديدا للحب، يكمن في أن تعطي كل من حولك دون من عليهم ولا أذى وعندها تأكدي أنهم سيبادلونك الحب بحب والعطاء بعطاء.