ليس ثمة طريق يقود الإنسان إلى الكوارث سوى منح الأخطاء أسماء نبيلة كي تمر، وحين تمر ينسى الناس أنها أخطاء ويسمونها بأسمائها الجذابة، يستنسخونها وينشرون أسماءها في كل مكان وتصبح جزءا من ثقافتهم، إنها ثقافة التعايش مع الخطأ وذهنية التعاطي مع الفساد باعتباره واقعا لا فكاك منه. الأسماء والعناوين الماكرة كثيرة وأكثرها وضوحا للعيان هو ما يسمى ب(التطوير العقاري) التي أوجدت طبقة سميت ب(المطورين) رغم أن واقعنا اليوم يثبت أن ما حدث للمدينة السعودية كان تدميرا وليس تطويرا قام به مدمرون لا مطورون!. كانت مساحة أغلب المدن السعودية 30 في المائة من مساحتها الحالية، ولكنها كانت كبيرة، وتمتلك بنية تحتية جيدة وثمة حرص شديد على الجودة، رغم قلة الإمكانيات، أما اليوم فإن 70 في المائة من المدينة السعودية وقع ضحية للتطوير العقاري العشوائي البشع. فقد فعل (المدمرون العقاريون) كل شيء سيئ في المدينة السعودية، تمددوا دون تخطيط... حملوا صكوكهم ومخططاتهم في ممرات الأمانات والبلديات.. انتشروا في الوديان وسفوح الجبال.. تعهدوا بالبنية التحتية والفوقية ..نشروا الإعلانات ..باعوا المخططات للناس.. وانتهى كل شيء.. وكان الله بالسر عليما!. تخيلوا حين يتعلق 70 في المائة من المدينة بال 30 بالمية القديم والمخطط جيدا بالتأكيد سيكون الحال مائلا، في الأمطار الأخيرة لم تغرق أحياء وسط الرياض، بل غرقت الأحياء الجديدة التي تشكل الجزء الأكبر من مساحة العاصمة، لقد تم حقن المدينة السعودية بالهرمونات كي تكبر بسرعة فظهرت على شكل طفل غريب رأسه كبير جدا وأطرافه متناهية الصغر. توفير ميزانيات أكبر لإصلاح الخلل في البنية التحتية أصبح أمرا ملحا في كل المدن والمناطق، والتعامل بحزم وشفافية مع مشاريع التطوير العقاري هو الضمانة الأهم كي لا تفقد الأموال طريقها الصحيح و لا تضيع الجهود فيما عمليات التمدد العشوائي مستمرة، فمن غير المعقول أن يتم إصلاح الخلل بينما يبحث ( المدمرون ) عن 70 في المائة جديد كي نستلمه غارقا حتى أذنيه في الماء! . [email protected]