يحكى قديماً أن امرأة كانت تبغض أم زوجها لدرجة الموت، حيث لم يكن هناك ما يشغل أم زوجها سوى التنغيص على زوجة الابن وتقديم الانتقاد على تصرفاتها وأعمالها وطريقة لبسها وتسريحة شعرها وطريقة مشيها وخلافه، وكانت كثيرة التذمر من أي فعل تقوم به زوجة الابن. وكان يوجد بالقرية حكيم يقوم بوصف العلاجات لأهل القرية.. فقامت زوجة الابن بزيارة الحكيم في يوم ما لتشكو إليه حالها مع أم زوجها وأنها مستعدة لدفع كل ما لديها للتخلص منها، لكن الحكيم قد طلب منها أن تحسن تعاملها مع أم زوجها وأن تزوره بعد أسبوع. وبعد أسبوع أتته زوجة الابن مرة أخرى، وألحت عليه أن يعطيها سما لكي تتخلص من أم زوجها فما كان للحكيم، إلا أن يعطيها السم وقال لها: إن هذا السم قاتل وشديد المفعول وعليك استخدامه بحذر، كما عليك استخدامه على مراحل، وأن تحسني معاملتها لكي لا تتجه نحوك الشبهات عند موت أم زوجك. فاتجهت زوجة الابن فرحة إلى بيت أم زوجها وبدأت بوضع السم في طعام أم الزوج كل يوم كما بدأت في تغيير معاملتها لأم زوجها، فأصبحت تعد لها الطعام وتغسل لها ملابسها وتجدل لها شعرها، وبعد فترة بدأ الوئام والمحبة بين أم الزوج والزوجة.. وجاء يوم مرضة فيه أم الزوج مرضا شديدا فتوجهت الزوجة إلى الحكيم لتقول له: أرجوك أنا لا أريدها أن تموت.. إني أحبها مثل أمي.. إنها تحسن معاملتي.. سأدفع كل ما عندي فقط ساعدني لكي أعكس مفعول السم. فرد عليها الحكيم قائلا: إن السم الذي أعطيتك إياه لم يكن سما، بل ماء وإن السم الحقيقي هو الذي جعل حياتك معها مستحيلة، أما الآن وقد تغيرت الأمور فما عليك سوى الدعاء لها بالشفاء. إن تعاملنا مع الآخرين من حولنا يتأثر بمدى إيماننا بصدقهم وحبهم وولائهم لنا.. فكلما تقاربت وجهات النظر وطريقة التفكير زاد بذلك مقدار الألفة والمحبة. ولكن الأسى عندما نعتقد في شخص ما أنه من نبحث عنه ومع مرور الوقت نكتشف غير ذلك، أو بالعكس عندما نعتقد أننا لا نؤمن في شخص ما حتى نكتشف أنه هو من نبحث عنه، فنصاب حينها إما بالفرح الشديد أو بالأسى العارم. هنالك أشخاص من حولنا نحبهم ونكن لهم كما رائعا من المودة، ولكنهم أوصدوا دون مشاعرنا الأبواب ربما لأسبابهم الخاصة التي تمنع دائرتي التواصل من التقاطع أو التلامس، وتكمن المشكلة هنا في طريقة التواصل واختلاف المصالح، حيث ينظر أحد الطرفين للآخر بأنه مجرد صديق مثلا والآخر يتوقع أكثر من مجرد الصداقة فهنا نقطة خلاف ويجب على أحد الطرفين أن يعرف الآخر عن تصوره لمعنى العلاقة التي تربط الطرفين، وأن تكون في إطار واضح وذات أسس متينة تبنى عليها مصالح مشتركة، بهذا فقط يمكننا أن نعتبر أنفسنا منتهجين مبدأ الشفافية التي ينادي بها العالم، كما علينا ترسيخ مبدأ التآلف والتراحم والمودة التي تنادي بها تعاليمنا الدينية لمستقبلٍ أفضل. م. محمد باخريبه