كشفت ل«عكاظ» مصادر مطلعة أن جهات علمية وأمنية وقضائية تدرس بدائل العقوبات التعزيرية، ومنها استبدال السجون بعقوبات بديلة، وذلك بعد أن رأت هذه الجهات ثبوت ضرر هذه العقوبة على أصحاب الجنح اليسيرة حين اختلاطهم بأصحاب الجرائم الكبيرة داخل السجون، معتبرين أن هذا مخالف لحصول الهدف من العقوبة وهو الإصلاح، ويؤدي إلى نتائج عكسية. وتوقع المصدر أن تكون هناك دراسة شاملة رسمية ومتعمقة تجري قريبا لعقوبات التعزير، تشارك فيها جهات مختلفة مثل إدارات السجون والمراكز العلمية والبحثية والقضائية، مبينا أنه «سوف تتم الاستفادة من الدراسات التي تمت عبر لقاءات وندوات عقدت في وقت سابق حول بدائل السجون». من جهته، أكد ل«عكاظ» عضو هيئة كبار العلماء ومجلس القضاء الأعلى الدكتور علي بن عباس الحكمي أن إقحام أصحاب الجنح اليسيرة مع مرتكبي الجرائم الكبيرة في السجون يؤثر سلبا عليهم «بالتأكيد يؤثر عليه سلبا وهذا من مساوئ السجون، تزيد من يدخلها إجراما». وبين الحكمي أن هناك توجها إلى وجود بدائل للسجون للتخفيف من هذه الآثار. وأضاف «لا شك أن البدائل نافعة؛ فالمقصود من السجن شيئان الإصلاح للجاني، والثاني زجره ومنعه من الجريمة وحماية المجتمع من شره، فكلما كانت العقوبة تؤدي هذين الغرضين كان ذلك أفضل، وإذا كان التعامل مع المجرم أو الجاني إلى إصلاحه فهو أفضل، لكن يجب البحث عن بدائل». وأشار الحكمي إلى أنه توجد دراسات على مستوى العالم والمملكة للبحث عن بدائل للسجن قدر الإمكان مبينا «هذا مطلب شرعي؛ فالسجن ليس المقصد والغاية بحد ذاته، بل وسيلة إلى كف شر المجرم فإذا وجدت وسيلة أخرى تحقق المقصود فهذا هو المطلوب وإن لم يوجد فلا بد من هذه العقوبة». وعن سؤال حول عقوبة التعزير بالجلد وتقنينها أجاب الحكمي «أهل العلم قالوا إن التعزير مرجعه إلى الإمام وولي أمر المسلمين من حيث تقديره واختيار جنسه ونوعه، فيبدأ بالأخص فالأخص، فإذا وجد أن من الناس من تعزره كلمة أو منع أو زجر أو إيقاف يوم أو إخراج من مجلس فهذا لا يحتاج إلى عقوبة أكبر، ومنهم من لا ينفع فيه إلا السجن ومنهم من لا ينفع فيه إلا الجلد، فهذا عائد إلى حكمة الشرع، فقد جعل لولي أمر المسلمين هذه الولاية والقاضي ينوبه عند هذا». وشدد على ضرورة التدرج في عقوبة التعزير؛ لأنه «مطلب شرعي»، مؤكدا «لا يجوز للقاضي أن يحكم بعقوبة وهو يرى أن من المصلحة وجود عقوبة أدنى منها تحقق الغرض».