ينتظر العراقيون قرار صناديق الاقتراع في انتخابات تشكل مفترقا للحياة السياسية في البلاد، وفي نتائج أولية أعلنت مفوضية الانتخابات أمس في محافظة نينوى، شمال العراق، عن فوز «القائمة العراقية»، التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي بالمركز الأول بين الكيانات السياسية المتنافسة في هذا الاستحقاق الانتخابي. ولم تحدد المفوضية نسبة هذا الفوز ونسبة القوائم المنافسة في المحافظة، التي تعد ثاني أكبر محافظات العراق من حيث عدد السكان، بعد العاصمة بغداد. وكان أسامة النجيفي رئيس «القائمة العراقية» في محافظة نينوى، أعلن أن قائمته حققت فوزا ساحقا في المحافظة في الانتخابات، الأمر الذي لم يجر تأكيده من جهة رسمية بعد. وفي ظل الأخواء الاتخابية قتل 38 شخصا وأصيب أكثر من مائة في انفجارات أمس، فيما بدأ العراقيون التصويت في انتخابات تعهد متشددون بإفسادها في واحدة من التحديات الكثيرة، التي تواجه جهود تحقيق الاستقرار في العراق قبل انسحاب القوات الأمريكية. وانفجرت عشرات من قذائف المورتر والصواريخ والقنابل على الطرق قرب مراكز الاقتراع في بغداد، وبعضها في أماكن أخرى، في حملة منسقة لإفساد الانتخابات التي تهدف إلى اختيار ثاني برلمان عراقي منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003. وسيكون المسار السياسي العراقي حاسما بالنسبة لخطط الرئيس الأمريكي باراك أوباما؛ لخفض مستويات القوات الأمريكية إلى النصف خلال الأشهر الخمسة المقبلة، وسحب كل القوات الأمريكية بحلول نهاية 2011. وستراقب هذه الانتخابات عن كثب أيضا شركات الطاقة التي تعتزم استثمار مليارات الدولارات في العراق. وفي أكثر الهجمات فتكا لقي 12 شخصا حتفهم عندما فجرت قنبلة مبنى سكنيا في بغداد وقتل أربعة في تفجير مماثل في مبنى سكني آخر. وقتل صاروخ كاتيوشا أربعة أشخاص في منطقة أخرى بالعاصمة التي يسكنها سبعة ملايين نسمة، وأصيب مائة شخصا على الأقل في أنحاء البلاد. وقال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم الموسوي: إن أغلب الصواريخ وقذائف المورتر تطلق من أحياء تسكنها أغلبية سنية داخل المدينة وحولها. وأضاف أن السلطات في حالة قتال وأنها تعمل في ساحة معركة وأن المحاربين يتوقعون ما هو أسوأ. وعلى الرغم من هذا العدد من الهجمات قال الموسوي إن السلطات رفعت حظرا كان مفروضا على حركة السيارات الخاصة في وسط بغداد؛ بهدف إحباط تفجير السيارات الملغومة بعد أقل من أربع ساعات من بدء التصويت في حين ظلت القيود المفروضة على الحافلات والشاحنات قائمة. وحذرت جماعة دولة العراق الإسلامية التابعة للقاعدة العراقيين من الإدلاء بأصواتهم وتوعدت بمهاجمة من يتحداها. وظلت القوات الأمريكية البالغ حجمها 96 ألف جندي في العراق في الخلفية مما يبرز تراجع الدور الأمريكي في العراق. ويمكن للناخبين في ذلك البلد المؤلف من مزيج عرقي وديني الاختيار بين أحزاب تسيطر على العراق منذ الإطاحة بصدام حسين، ومنافسين آخرين علمانيين. وحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كل الأحزاب على القبول بنتيجة الانتخابات. وقال بعد أن أدلى بصوته في المنطقة الخضراء المحصنة: إن من يفوز اليوم ربما يهزم غدا وإن من يهزم اليوم ربما يفوز غدا. وشكا رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي أحد خصوم المالكي بالفعل من مخالفات خلال مرحلة مبكرة من التصويت. وتلعب قائمة علاوي على مشاعر الاستياء نتيجة سنوات من الصراع وتدني الخدمات العامة والفساد، ويأمل في الحصول على تأييد من السنة. وسيتنافس نحو 6200 مرشح من 86 كيانا سياسيا على 325 مقعدا في البرلمان. وليس من المتوقع أن تفوز أي كتلة بأغلبية وربما يستغرق تشكيل الحكومة شهورا ما يعني احتمال وجود فراغ سلطة ربما تستغله جماعات مسلحة مثل الجماعات المنتمية للقاعدة. وليس هناك انتخابات تذكر تتسم بالمنافسة في منطقة الشرق الأوسط، مثل الانتخابات العراقية. وقال عمار الحكيم الزعيم الشيعي من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بعد الإدلاء بصوته: أتى يوم يتحدث فيه العراقيون، في حين يلتزم آخرون الصمت. وينسب ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي إليه المالكي لنفسه الفضل في تحسين الوضع الأمني منذ بلوغ الحرب الطائفية ذروتها في 2006 و2007، ويواجه المالكي تحديا من المجلس الأعلى الأسلامي العراقي، وحلفاء شيعة سابقين يعتبرهم مقاتلين موالين لإيران.