• في أبو ظبي هطل المطر ساعات امتدت إلى أكثر من أربع بغزارة ثم توقف، وجلت مع بعض الأحبة في شوارعها، فقلت بصوت حزين لك الله يا جدة. • ستظل تلازمنا مأساة جدة في حلنا وترحالنا، في سياراتنا وفي مجالسنا، لا سيما نحن الذين كنا جزءا من المأساة، ولم أقل شهودا عليها. • المشهد -أو بالأحرى المشاهد- لا يمكن أن تسقط من الذاكرة. • مشهد الأحياء المنسية، ومشهد السيارات المتراكمة فوق بعض، وأسر كانت تبحث عن أسر من خلال اقتفاء خطى السيل الذي مر من هناك، لتضع يومها التفاصيل تفاصيل أحباء قادهم العوز للبحث عن السكن في الأودية. • الجرح أكبر من أن يندمل يا جدة، فمع كل رشة مطر أتذكرك، وأتذكر الأربعاء الحزين، وأتذكر صديقي الذي فقد في لمح البصر نصف أسرته. • قلت لزميلي صالح الطريقي ونحن نتناول طعام الإفطار في مقر سكننا في أبو ظبي: بماذا يذكرك المطر؟ • تأمل المنظر ثم عاد بعد أن أمعن النظر فقال بحزن: جدة. • صباح الثلاثاء في أبو ظبي لم يكن مثل ذاك الأربعاء في جدة، رغم أن منسوب المياه التي جادت بها السماء ربما يكون واحدا إن لم يكن أكثر في أبو ظبي. • في تجوالي لم أر حادثا في الشوارع، ولم أر أثرا لسيل جارف، بقدر ما رأيت غابة نخيل تتراقص ابتهاجا بالمطر. • المعلق فارس عوض من بني ياس يسأل: كيفكم مع المطر؟ فقلت: نكأ الجراح، فقال بعد صمت: آآه يا جدة. • جدة التي أحبها ربما أكثر من حبي لقريتي أتعبني حزنها وأتعبني أكثر أبناؤها الذين خانوها. • لكنها تأبى أن تكون إلا جدة الأم التي لا يمكن أن تقسو على أبنائها. • من شرفة الفندق عادت لي الذكريات وأنا أتابع هطول المطر، أعني ذكريات جسر الجامعة وشرق جدة وجنوبها، فبكيت وحدتي وحزني. • يأخذني الخيال أحيانا إلى الاستعانة بالروايات المتفائلة هربا من ذكرى جدة المؤلمة. • ثمة من يعمل من أجل وطن وثمة من يعمل من أجل ذاته، والفارق بين الاثنين لا يحتاج إلى أن تشبهه. • مشكلة جدة أن من عملوا لها لم يكونوا على قدر كبير من المسؤولية. • ومشكلتي أنني مع هطول الأمطار أتذكر دوما حزن جدة، وأنسى أن لجدة جهات أربعا، خامسها المواطن والمسؤول «خالد الفيصل». • فخالد الفيصل يحب جدة وأهل جدة، وبقية الحكاية ستقرأونها عملا على أرض الواقع. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 251 مسافة ثم الرسالة