ما هي إلا هنيهة من الزمن قد مضت على زواجها وإذا بها تعود إلى بيت أبيها وأمها، تتوارى في كل زاوية من زوايا البيت، تكاد تخاطب الجدر، وتبوح بالسر، تقرأ في أعين الأبوين كلمات الندامة والترحم، وفي أعين الإخوة والأخوات أسئلة وتساؤلات، تعيش في الأمل ساعة وفي الألم ساعات، لا يدرك حجم معاناتها إلا من اصطلى بنارها. إن سألتم لماذا هذا؟ فإن الجواب: لا أدري. ولكن تطفلا على القضية يمكن أن نقول وأظن أن للقول حظا من النظر. بالتأكيد أن المتسبب في المشكلة أحد جهات أربع لا خامس لها: إما من الزوج، وإما من الزوجة، وإما منهما سويا، وإما من عنصر آخر خارج عش الزوجية، وقد يقول قائل لقد أهملت أهم ما في الأمر وهو القضاء والقدر. فالجواب: كلا وحاشا أن نهمله ولكن كما هو متقرر: المسببات معلقة بفعل أسبابها «ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا..». دراسة هذه المشكلة لا تفي بها كلمات في سطور معدودة. فقد عقدت مؤتمرات. وأقيمت ندوات ومحاضرات، واستنفرت منابر جمعة، وجمعيات خيرية، وجند من أجلها أنام، واستفزعت وسائل الإعلام، ولم تزل القضية بحاجة وأيما حاجة. إن على من كان في بيته مطلقة أن يراعي الأمور التالية: الإحسان إليها بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. ثانيا: السعي في الإصلاح إن كان الطلاق غير بائن بينونة كبرى. ثالثا: استشارة أهل الاختصاص والخبرة والمعرفة. رابعا: البحث عن أسباب المشكلة وإظهار الأمر للناس لئلا يظن بالمطلقة ظن السوء خصوصا إذا كان المتسبب في الطلاق هو الرجل من غير ما حق له فيه، فإن السكوت والحالة هذه لا يحسن عقلا كما أنه لا يصلح شرعا، بل إن في هذه الخطوة مصالح كثيرة، منها: أن يردع الفساق عن اللعب في نساء الناس، ومنها: أن يحذر الناس شره فيما بعد، ومنها: حصول الاتعاظ من غيره به. ومما يجب على من في بيته مطلقة: أن يعرف حالة الطلاق كيف هي فإن من الطلاق من لا يقع ويسميه أهل العلم بالطلاق البدعي. أمور أخرى على المرء أن يراعيها ويتحرى فيها ما يحقق المصالح ويدفع المفاسد لا تخفى على كل ذي علم وحجا. [email protected]