يحزنني، وأنا أكتب هذه السطور، أن أتحدث عن نهاية شابين فصلا من قطاع خاص عشت بدايتهما فيه، والسبب كما تضمنه الخطاب وكما لمسته بنفسي ولا يستطيعان هما إنكاره: غياب متكرر وتأخر في الدوام وعدم القيام بالواجبات بالحد الأدنى المطلوب. والمؤلم أن قرار تعيينهما جاء لإحلالهما مكان وافدين تم الاستغناء عنهما لأجل ابن البلد، فما كان منهما إلا أن سودا الوجه. وأترك لكم تصور ردة فعل هذا القطاع تجاه من يأتي من السعوديين غدا. هذه صورة من حياة سعودي في القطاع الخاص، ترك بها أسوأ الانطباعات لدى مدرائه. وهذا لأنه ابن ثقافة تعلم منها أن مجيئه إلى ذلك الكرسي هو مجرد «تسلية» حتى تأتي وظيفة الحكومة. هو مغرم بحياة (فلان) الجالس على الكرسي الحكومي حين يداوم صباحا على كأس شاي وصحن فول ويغادر متى أراد، ثم يراكم أعمال أسبوعين ومصالح مئات المواطنين لأن مزاجه مضطرب، وهذه مميزات مغرية لا تتوفر على كرسي القطاع الخاص، ولذلك لا يريده. بهذا وغيره فتحنا باب الذريعة لبعض المؤسسات الخاصة لتجلب من تشاء، وتضع سقف الرواتب الذي تريده، وتفصل شروطها على مقياس رغباتها طالما أننا نطرق بابها لمرة واحدة ونهرب مع فتح الباب أو ندخلها عابرين خارجين برغبتنا. نحن مأسورون ومغرمون بالوقوف على باب الخدمة المدنية لأن ثقافتنا علمتنا أن لا مستقبل إلا على كرسي حكومي وإن كان في أقصى مكان وبأقل الرواتب. وأنا حين أقول ذلك لا أتكئ على تجربة وحيدة أو رأي عاطل واحد، ولكني مثلكم أعيش حياة عاطلين كل همهم وظيفة بإدارة تعليم أو بلدية أو فرع وزارة وإن كان راتبها أقل القليل، المهم أن يشم فيها رائحة أمان وإن توفرت له من بدائل القطاع الخاص ما كان أفضل منها. وهذا الأمان سمعه من جده وأبيه ولم يعرف أن كراسي الدولة الوظيفية تشبعت معظمها اليوم، وأن الباب صار مفتوحا على اتساع ملايين لمن أراد وظيفة شركة بأمان يعيشه سعوديون هذه اللحظة. أتدرون من الذي جعل القطاع الخاص يجحف في حق بعضنا؟ للأسف نحن. ولو غيرنا ما بأنفسنا وتشربنا حقيقة أن الزمن تغير وتعلمنا أن كسل البعض على كرسي وزارة وإدارة حكومية لا يمكن أن يقبل به على الكرسي الخاص، ثم مارسنا الضغط بالفعل وليس بالاسم على تلك القطاعات لأعادوا التفكير مجددا في الشاب السعودي. لو تآزر شباب الحملات الإليكترونية وطرقوا بالواقع أبواب القطاع الخاص مائة مرة وألف، وغير الآلاف منهم، بكفاحهم، صورة السعودي عندهم لفكر أصحاب الشركات كثيرا قبل كتابة قيمة رواتبهم وقبل أن يستقدموا مكانهم الوافد. نحن شاطرون فقط في ندب حظنا الوظيفي عند باب الوزارة وإن كنا نعرف أن دخولنا إليها سيطول لسنوات. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 244 مسافة ثم الرسالة