تقول إحدى الأفكار التي طرحت قبل زمن طويل لخدمة التنمية في البلاد وتجنيبها وفرة التخصصات «الغثائية»: استحدثوا لخريجي الثانوية العامة كليات للخدمة المدنية. وحتى نخرج من الجدل القديم والمستمر حول وجوب بقاء أبواب بعض التخصصات مفتوحة إلى الأبد، وإن كانت طريقها تأخذ خريجيها إلى الشارع وليس غيره، فاتركوا ما شئتم من الأبواب مفتوحا ولكن افتحوا تلك التي يحتاج إليها الوطن أكثر من أي وقت مضى. افتحوا الباب الذي يضمن للشاب الحد الأدنى من الممارسة والمهارة ليجد مكانه في مكتب الخدمة الحكومي أو الخاص فيعمل هناك ولديه دراية وحنكة وفوقهما شهادة بذلك، وليست شهادة في المحاسبة أو الزراعة أو الجغرافيا. ومع الاحترام والتقدير لكل تلك التخصصات إلا أن وظيفة المكتب الحكومي المتصل مع الجمهور باتت تحتاج إلى الكثير من المهنية والاحترافية والتخصص وليس إلى خبط شهادة. تخبر الأرقام الرسمية بأن أكثر الجامعيين، بمختلف تخصصاتهم ومشاربهم، يتجهون إلى طريق الخدمة المدنية وإن كانوا لا يملكون مهارة في متطلبات تلك الوظيفة. بل إن الغالبية العظمى ممن يجلسون على كراسي قاعات الجامعات اليوم لا يجدون حرجا في الكشف عن أهدافهم وغاية طموحهم: مكتب في أي وزارة حكومية أو قطاع خاص ليصرف من فوقه الأوراق. تجد اليوم وفي غرفة المكتب الواحد خريج اللغة العربية يجاور خريجي الشريعة والتربية الفنية والزراعة وإدارة الإعمال، ويؤدي كل أولئك نفس العمل، وهؤلاء قادهم الحظ إلى هنا، بينما أكثرهم لا يزالون عاطلين ويتمنون يوما أن يصيروا مكانهم، بصرف النظر عن التخصص.. الكل يريد أي مكتب. وطالما أن الأمر كذلك، فلماذا لا يفتح باب كليات تتخصص في الخدمة المدنية لتعلم أولئك الباحثين عن العمل المكتبي التقليدي العلم والمهارات والأساليب التي يحتاج إليها الموظف المدني وتترك أبواب باقي التخصصات مفتوحة لمن يريدونها فعلا. بدلا أن يترك أمر ذلك فوضويا يدخل من يشاء إلى ما يجده أمامه من تخصصات ثم يلتقي كل أولئك على حب وظيفة واحدة فلا يجدوها.. فيصرخون «أن وظفونا». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة