«والناس من صعوبة البكاء يضحكون» هذا هو لسان حال سكان حي التوفيق شرق جدة، الذين يعيشون منذ أشهر زادت عن الستة وسط بحيرات متحركة بالماء الآسن رغم أنهم طرقوا أبواب أمانة المحافظة حتى وصلوا إلى أن خلو حيهم من البكتيريا والبعوض والمياه الملوثة أمر بعيد المنال وحينما حلت كارثة سيول الأربعاء، وما تبعها من استنفار غير مسبوق للأمانة لمعالجة الأضرار وما يتصل بها، ظنوا أنهم باتوا على أبواب الحل الجذري لمعاناتهم، لكن رحلتهم في البحث عن الخلاص من طوق الحصار لم تتوقف عند نقطة بعد ليرفعوا صوتهم أخيرا «سنضع معاناتنا أمام الأمير خالد الفيصل، الأمير الحازم، ونحن واثقون أنه سيضع الأمور في نصابها». وهنا يقول سالم القحطاني «حضرت سيارة رش البعوض والحشرات قبل أسبوع ثم اختفت، أكثر ما أخشاه أن يتعرض أخي الصغير لمكروه من لسعات البعوض». واتفق إمام مسجد الحي محمد الغامدي وبشير الجهني على أن القلق الحقيقي يتمثل في وضع السد الاحترازي ومدى جدواه مع مشروع تصريف المياه واستمرار صيانة المشروع. أما قصة الطفل علي الحربي فيرويها بمرارة جده معتق الحربي قائلا «تلقى جسد حفيدي لدغات البعوض، وبات كأنه مصاب بجدري، وغيره الكثير من أطفال الحي، والأمانة تغط في سبات عميق عن ما يحيط بنا، فلا هي سارعت إلى نزح المياه الآسنة، ولاهي كثفت عمل سيارات الرش لحماية الناس من مخاطر حمى الضنك». وعبر محمد الجهني عن استيائه من عمل سائقي صهاريح سحب المياه «الأسبوع الماضي زار أمين جدة الحي وفوجئنا بوصول 16 صهريجا اختفت بعد مغادرته الحي ولم نشاهده قبل وصولها». وطالب بركات القرني من أوائل سكان الحي بحلول جذرية للمياه «التي باتت كابوسا يجثم على الصدور منذ أربعة شهور، لما تسببه من تكاثر البعوض والحشرات وأنواع الأوبئة التي تهدد حياة الناس، فضلا عن أن تلك المياه الآسنة وقفت عائقا أمام الحركة، حتى بتنا غير قادرين على مغادرة المنازل إلا للضرورة القصوى مستخدمين السيارات في كل التنقلات حتى ولو كانت المسافة لا تتجاوز أمتارا قليلة». أما محمد الزهراني فإنه حينما يود زيارة جاره المقابل لمنزله مباشرة يقل زوجته وأبناءه في سيارته ويوصلهم منزل جاره «ليس أمامي من وسيلة لتجاوز المياه الآسنة وترسبات الطين إلا هذه» ولا يختلف عنه علي الغامدي المحاصر منزله بالمياه منذ رمضان الماضي. فيما أكد بخات صالح الغامدي أن معاناته تصل إلى ثمانية أشهر. وكان أمين محافظة جدة المهندس عادل فقيه، قد وجه وكالة التعمير والمشاريع في الأمانة بسرعة إنهاء معاناة سكان حي التوفيق ووضع الحلول الجذرية للمشكلة على أرض الواقع. إلى ذلك حمل رئيس المجلس البلدي في محافظة جدة الدكتور بسام أخضر الأمانة مسؤولية المعاناة التي يعيشها سكان حي التوفيق منذ أمد. وقال الدكتور أخضر ل«عكاظ»: «سوف ندفع باتجاه الضغط على الأمانة في سبيل الإسراع في عملية تجفيف المياه الراكدة، وتنظيف شوارع الحي من ركام الطين والأتربة وسوف نتصل بوكيل الأمين للخدمات المهندس إبراهيم كتبخانة، ونطالبه بتوفير عدد كبير من العمال حتى يتم إنهاء المشكلة القائمة في أسرع وقت ممكن، فالحالة التي بات عليها الحي غير مقبولة على الإطلاق».