صديقي.. تفسر ماريان الفرق ما بين صداقة حقيقية وأخرى مزيفة قائلة: «في الصداقات المزيفة، يتصور كل طرف لدى الآخر ما ليس لديه هو، فيجتمعان ليسرق كل منهما الآخر، يظلان سوية إلى أن يعتقدا أنه لم يعد هناك ما يمكن سرقته، ثم يترك كل طرف الآخر ويمضي بعيدا عنه. أما الصداقة الحقيقية فهي تنطلق من مقدمة مختلفة ينظر كل طرف إلى داخل نفسه فلا يجد أي نقص، لهذا لا يحتاج أن يسرق من الآخرين شيئا». أظنني أذهب معها في هذا الأمر، لهذا أخاف الصداقات، وأحب ثرثرة الغرباء، وأشعر بمتعة حين يجلس إلى جانبي رجال أو نساء غرباء، وليقتلوا الوقت يبدأون في الثرثرة عن الجو وأسباب السفر، وعن تلك المدينة التي سيغادرونها أو التي سيذهبون لها، وإن كانوا مرغمين؛ لأن ثمة أطفالا وأما وأبا وأزواجا ينتظرونهم، أو لأسباب مرتبطة بخوفهم من المغامرة بعدم العودة. حوار الغرباء خارج الأوطان، أعني بعد أن يختم على جوازك وتعبر الخط الفاصل بين الأوطان والمنطقة المحايدة، يمكن لك أن تثرثر بكل شيء حتى في السياسة، لأن خارج الأوطان لا أحد يراقبك، أو يسألك عن انتماءاتك السياسية والعقدية، حتى أنت تصبح محايدا ومتقبلا كل (الإيديولوجيات). في ذاك المكان المحايد، يمكن لك أن تسمع شيعيا وسنيا يتفقان على أن الأحقاد القديمة دمرتهما، قبل أن يبث كل منهما للآخر أمانيه بأن يفكر من بداخل الأوطان بنفس الطريقة التي يفكر فيها من هم خارج الأوطان، وأنه وطالما تلك المساحة الصغيرة والحرة اتسعت كل (الإيديولوجيات)، لماذا لا تفعل الأوطان الأكبر مساحة هذا، ويعيش الجميع داخل الأوطان بلا أحقاد؟ يمكن أيضا سماع امرأة تبث همومها قائلة: «ثمة أوطان لا يمكن لأفرادها تقبل فكرة أن تستقل امرأة بذاتها، وألا تحتاج لأحد، وتكد وتعمل، لأنها لا تريد أن تكون عالة وعلة على أحد، وإن خالفت قانون القبيلة يرونها سيئة السمعة، وعلى كل النساء اجتنابها؛ لأنها تنتمي لفئة المفسدات بالأرض، مع أن خطيئتها الوحيدة أنها قررت أن تكون حرة لا يملكها أحد، لأن من يصرف عليك يريد استعبادك، ومع الوقت ستقبل بهذا حتى لا تموت جوعا». يمكن لك سماع رجل عتيق وقديم يخبرك أن الأوطان التي لا يحترم فيها الإنسان، أوطان غير قابلة للعيش الآدمي، لهذا يتحول ناسها لوحوش ينقض بعضهم على بعض، يأكل كل منهما لحم الآخر في الخفاء، وحين يلتقيان يؤكد كل منهما «نحن إخوة». خارج الأوطان يمكن للغرباء أن يثرثروا بأمورهم الشخصية وبصدق وبلا خوف، لأن كلا منهما على يقين أنه لن يلتقي بذاك الغريب مرة أخرى. هل تحب ثرثرة الغرباء خارج الأوطان يا صديقي؟ التوقيع: إنسان [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة