منذ أن وجد الإنسان على معمورة الرحمن، والكبد يلازم سحنتك أيها العربي، يلازم ثنايا أخبارك المسموعة والمقروءة والمرئية أيها العربي، تتنفسه وتتخبط، تزفره وتتبدد بك الطرق إلى المنافي المكانية والزمانية والنفسية والمصيرية. تستفحل أزماتك، والمتغيرات حولك تلقى بأسود الظلال عليك اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا. ذكرتها ذات صباح في «عربي 2004»، ومضت الأعوام، بيد أن الخوف لم يبرح تخوم سايكس بيكو الجديدة، لم يزل الخوف يزورك، أيها العربي، فترحل بعيدا بمسافات من عثرات تترك أجنتها خلفك لتتوالد ويتناسل منتجها ومنجزها. وبمرجعية علم نفسية، لن نخرج بتشخيصية لكل ما يعيشه زمننا من نجاحات وانتصارات وفوز انتخابي ومنجزات تقع تحت صنيعة الوهم، وأنها لاتعدو أكثر من محاولة لتمويه الإخفاق ومساحيق تجميل مقلدة ذات منشأ مجهول، وخطابات تلوي عنق الكلمات لا تغني من وجل وجدل وخلل مورث. التساؤل ليس جديدا، فهو متكرر، وتكراره يعكس القاسم المشترك لحالة القنوط العربية المستشرية بين الرأي العام والمجتمعات المدنية والسياسيين، ويجسد قدرا من الإحباط المسبق، أو فلنقل نوعا من الزهد السياسي في المستقبل وفي قيمية التفاؤل خاصة. كانت تخدرك موضعيا عن واقعك الضبابي، أيها العربي، ظواهر حنجرية في «فندقية» هنا أو هناك، تعزل الاسم عن صفته، وتحيل القضية إلى إسطوانة مشروخة لا محل لها في علم الصوتيات، إلا كأنين منكسر أو توسل خنوع. هكذا، إلا من حالة يقين بشأن الحاضرين الفاعلين المؤكدين من حكماء العرب، من يتداولون مآزقنا بكيفية أن يصبح ظاهر كل أمر كباطنه. من خبروا أن الحياة السياسية، والأفكار السياسية ليست انعكاسا سلبيا لمصالح ضيقة أو طموحات فردية، بل تحمل قوة وقدرة على التأثير في الفعل السياسي، وبالتالي تغيير الواقع. وفي الوقت ذاته، أنها لا تنشأ من فراغ، بل هي متأثرة بسياقها التاريخي والاجتماعي، وتنشأ وتتطور في إطاره، وتخدم طموحات وتوازنات سياسية متوخاة قائمة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي او 737701 زين تبدأ بالرمز 242 مسافة ثم الرسالة