عندما يعين أحد في وظيفة حكومية على مرتبة معروف راتبها وأقصى ما يمكن إضافته للراتب من بدلات وحوافز، ويكون معلوما لدى الجميع أن هذا الموظف ليس من أسرة ذات تجارة ومال، ولم يكن له في يوم ما دخل آخر من أي عمل غير الوظيفة، ثم تبدأ فجأة ملامح التغيير في حياته نحو البحبوحة فإن أفضل تفسير لذلك هو قول السيدة فيروز : «فيه شي بده يصير».. وحين نرى هذا الموظف وقد انتقل إلى سكن لا يتيحه ألف ضعف لراتبه، فإن الشاهد على هذا التغيير الدراماتيكي هو قول السيدة فيروز أيضا «فيه شي عم بيصير»، أي أن صاحبنا قد اجتاز مرحلة التجربة والتمرين إلى الممارسة الفعلية. أما حين يتيقن المجتمع أن هذه المؤسسة وتلك الشركة أصبحت مسجلة باسم زوجة ذلك الموظف التي كانت مثله «على الحديدة» أو ابنه أو قريبه فإن المسألة لم تعد «عم بيصير» وإنما صار وصار وصار.. حاولوا خلال قراءة هذا المقال استعراض النماذج التي تختزنها ذاكرة كل واحد منكم وينطبق عليها هذا الوصف، ألا تشعرون أنها حالة وصلت حد الظاهرة؟؟ ألا تلاحظون أنها أصبحت حالة شبه سائدة حتى أنها لم تعد تثير الاستغراب ولا التساؤل.. نحن الآن نفتح صفحة جديدة في مشروع الإصلاح ومكافحة الفساد ومحاولة الانتصاف للوطن من الذين تسببوا في ضرره سابقا وحمايته من الذين يتربصون به مستقبلا، ونعرف أنه مشروع ليس بالسهل، يحتاج إلى خطط وتدابير وأنظمة وإجراءات عديدة، ولكن ألا تعتقدون معي بأن من أبسط الإجراءات التي يمكن اتخاذها وأكثرها فعالية في الكشف المبكر عن أي ممارسة للفساد مطالبة كل مسؤول يعين في وظيفة عامة بتقديم بيان بكل ما يملكه ومعرفة وضعه المادي حتى يسهل معرفة ما يمكن أن يتيحه له ماله الحلال من أسلوب حياة خلال الوظيفة، وحتى يمكن ضبط أسباب أي تغير لا يتفق مع ما يتيحه دخله المعروف المشروع ؟؟.. لقد تعودنا يا سادة على مشاهدة مسؤولين يقفزون إلى قمة الثراء بعد أن كانوا «على الحديدة» قبل حصولهم على المنصب الوظيفي، يجاهرون بثرائهم دون أدنى خجل أو توجس من مساءلة لأن الفرد منهم يعرف أنه واحد من كثير، وما دمنا نريد فعلا محاربة الفساد فلابد من وضع حد لهذه المهزلة ؟؟.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة