السرقة العينية إذا حصلت على أي من ممتلكاتنا الشخصية أو ممتلكات الجهات التي نعمل فيها نجد أن هناك أنظمة وقوانين شرعية وأمنية تحكم حالاتها، ويتم فيها القبض على الجاني والتحقيق معه، وقد ينتهي به الأمر إلى السجن أو قطع اليد. هناك أنواع أخرى من السرقات والتعديات لا تلقى الاهتمام المطلوب من المواطنين ولا التعاون الكافي من الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة، وأعني بها الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية ومن بينها (حقوق المؤلف). الاعتداء على هذه الحقوق مرتبط بشكل كبير بعمليات التقليد وتزوير المنتجات ومحاولة استيرادها بطرق غير مشروعة (القرصنة) وهذه العمليات تعاني منها كثير من القطاعات من بينها التجارة والصناعة، والصحة، والجمارك، وهيئة الآثار، والثقافة والإعلام. وقد ازداد حجم المعاناة بعد أن أصبحت المملكة عضوا في منظمة التجارة العالمية ومطالبة بتوفير الحماية للملكية الفكرية بجميع أشكالها من منتجات وعلامات تجارية وأدوية ومصنفات فنية لتضمن مناخا صحيا مناسبا للمستثمر الأجنبي الذي يهمه كثيرا المحافظة على منتجه الأصلي وعدم الاعتداء عليه. شاركت في الأسبوع الماضي في المؤتمر العالمي الخامس الذي عقد في (كانكون) في المكسيك لمكافحة التقليد والقرصنة ودهشت بعدد المتحدثين والمشاركين من مختلف دول العالم والذين يمثلون عشرات من المنظمات والهيئات الحكومية والأهلية. الكل يتحدث عن تجاربه وآماله في بيئة نقية من كافة مظاهر اختراق الملكية الفكرية، ويطلق التحذيرات، ويوجه النداءات بضرورة التصدي لعمليات التقليد والقرصنة في مختلف دول العالم. نحن في المملكة جزء من هذا العالم ولا يمكننا أن نعيش بمعزل عن الآخرين، ومن هنا فالضرورة تحتم علينا مسايرة الركب ونشر ثقافة الملكية الفكرية والعمل على إنفاذها. الكثير منا يضع السعر الأقل معيارا له حين يريد أن يحصل على أي منتج ضاربا عرض الحائط بجودة هذا المنتج ومتجاهلا وقوع الضرر على صاحبه الأصلي. كيف نسمح لأنفسنا بأن يشتري أبناؤنا أقراصا مدمجة CD مقلدة لألعابهم، وكيف نسمح لهم أيضا بأخذ الكتاب إلى مركز خدمات الطالب وتصويره دون موافقة مؤلفه، وكيف نسمح لأنفسنا أيضا بشراء سلعة مقلدة أوشريط أو قرص مدمج منسوخ مسجل عليه أي من المصنفات الدينية أو الأدبية أو الفنية دون موافقة صاحب الحق شخصا كان أو مؤسسة. هذه سرقات واعتداء واضح على صاحب الحق فكيف نبيحها لأنفسنا؟ علينا أن نعي ثقافة الملكية الفكرية ونعلمها أبناءنا منذ الصغر، في البيت وفي المدرسة وخلال التسوق وغيره من الأنشطة الاجتماعية. علينا أن نبين لهم أن شراء مادة مقلدة أو منسوخة يترتب عليه ضرر كبير على شخص آخر بسلب حقه، إضافة إلى الأضرار المرتبطة بشراء المنتجات المقلدة وعدم وجود ما يضمن الجودة والاسترجاع في حالة وجود خلل في المنتج. أعلم أن الجهات الحكومية المعنية بالملكية الفكرية في المملكة تقوم بجهود كبيرة في سبيل المحافظة على هذه الملكية، ولكن هذه الجهود لا تكفي إن لم تساندها جهود مماثلة من المجتمع بكافة فئاته ومن القطاع الخاص، وهو المستفيد من الناحية الاقتصادية إذا بيعت منتجاته الأصلية. نحن نتطلع إلى يوم ترتقي فيه عندنا ثقافة الحفاظ على الملكية الفكرية ومحاربة كل ما يتعارض معها من نسخ وتزوير وقرصنة لجميع المنتجات على نحو يحفظ لكل ذي حق حقه وهذه هي تعاليم ديننا الحنيف الذي نحن سائرون على نهجه. [email protected]