شدّ مدير عام مرور الرياض اللواء سليمان العجلان انتباه المشاركين في فعاليات المنتدى الثاني لحماية المستهلك، بعد أن استعرض بعض الحوادث المرورية المأساوية التي راح ضحيتها آلاف الاشخاص بسبب الإطارات المغشوشة والمقلدة. وطرح العجلان بعض القصص المأساوية الناتجة عن الحوادث المرورية والتي عايشها شخصياً عبر مشاركته في عزاء ذووي المتوفين، مضيفاً: "لقد فقدت ابني الأكبر في حادث مروري وأعلم ما هي التبعات النفسية التي تتعرض لها الأسر بعد وقوع مثل هذه الحوادث الشنيعة". وعلى مدار نحو 30 دقيقة شهدتها قاعة الملك فيصل للمؤتمرات ظهر امس، قدم اللواء العجلان بعض الصور التي تعكس حجم الكوارث الاقتصادية والاجتماعية لحوادث السيارات. وقال العجلان "تعتبر قطع الغيار والإطارات المغشوشة من الأسباب الرئيسة لوقوع الحوادث المرورية، واستخدامها يضر بالمستهلك صحياً واقتصادياً كما أن تجارتها تلحق الضّرر بالمجتمع أمنياً واقتصادياً وبيئيًا"، مشيرا في الوقت ذاته الى ان الدافع الحقيقي لشراء قطع الغيار والإطارات المقلّدة والمغشوشة من قبل المستهلك هو رخص ثمنها وتوفّرها في كلّ الأوقات، مقارنة بأسعار القطع الأصلية، وعدم توفّرها على بصفة مستمرّة. ونبه العجلان الى خطورة التمادي في استخدام الاطارات المغشوشة، قائلا "المستهلك لا يعي خطورة استخدام قطع الغيار والإطارات المغشوشة والمقلّدة، كما أن رجال المرور يجدون صعوبة في تمييزها". وسيطرت قضايا الغش التجاري والتقليد على ورقات عمل المشاركين في المنتدى، وسط تحذيرات أطلقها مسؤولون حكوميون، ادركوا مخاطر الغش والتقليد على الاقتصاد الوطني. وقال عبدالرحمن الهزاع وكيل وزارة الثقافة والإعلام المشرف على الإعلام الداخلي ان أساليب التحايل والتزوير والغش في مختلف الأنشطة تنشط وتكون سهلة في الدول التي تنتشر فيها الأيدي العاملة الأجنبية، التي تسعى إلى التكتل في بؤر وتجمعات سكنية، لتكون هذه التجمعات أشبه بالخلية التي تحمي قلبها، ويصعب اختراقها، نظرا لأن في وسط هذه التجمعات يتم التستر على الأيدي العاملة المخالفة للأنظمة، واستغلالها استغلالا سيئا من قبل من يتسترون عليهم. وأشار الهزاع في ورقة عمل بعنوان "لمحة لأساليب الغش والتقليد التجاري في الاعتداء على حقوق المؤلفين عبر التجارة الالكترونية في المملكة العربية السعودية" الى ان انتشار الأيدي العاملة الأجنبية، والمخالفة لأنظمة الإقامة، أو العمل وممارسة المهن التجارية، وتوفر انتشار تقنية المعلومات، ولسهولة إمكانيات انتهاك وقرصنة المصنفات الفكرية، أسهمت بشكل كبير في خلق بيئة لحماية المقرصنين. ولفت الى ان الجهات الرقابية تلمس ذلك من خلال الحملات الأمنية، وحملات الجهات المعنية بالجوازات التي تشارك بها وزارة الثقافة والإعلام، التي أسهمت في تفكيك كثير من هذه الخلايا، وتم ضبط كميات تجارية كبيرة من المصنفات الفكرية المزورة وبشكل خاص، مصنفات الأفلام، والبرمجيات للحاسب الآلي، وبرامج العاب الحاسب، وفك تشفير الأجهزة الالكترونية، إلى جانب الكشف عن كثير من قضايا وجرائم التزوير في مختلف المجالات. لكن الهزاع قال ان جرائم الاعتداء التي تقع على مصنفات المؤلفين تكون الأبرز، نظرا لسهولة تزوير المصنفات الفكرية، ولعدم الحاجة إلى رؤوس أموال لذلك، ولأن استخدام المصنفات الفكرية من متطلبات الحياة اليومية، ولكثرة انتشار العمالة الأجنبية السائبة والمخالفة للأنظمة المرعية كنظام الإقامة، والعمل، وممارسة المهن، ولتوفر بؤر سكانية لتجمعاتهم توفر لهم الحماية، مع وجود من يساعدهم على تصريف منتجاتهم المزورة من خلال البيع على الأرصفة، والبسطات، ومن خلال التواجد على مداخل المحلات التجارية التي تبيع المصنفات الفكرية ومحاولة لفت انتباه الزبائن إلى توفر المصنفات لديهم وبأسعار دون مستوى الأسعار الحقيقية. فيما أكد صالح الخليل وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون المستهلك على أهمية تعاون الشركات والمؤسسات أصحاب المنتجات التي تحمل علامات تجارية معروفة مع وزارة التجارة والصناعة للإبلاغ عن أي تقليد لعلاماتهم التجارية لتتمكن الوزارة من اتخاذ الإجراءات النظامية وفق نظام العلامات التجارية، وكذلك قيام أصحاب المصانع الوطنية في الإبلاغ عن أي منتجات مقلدة أو مغشوشة مثيلة لمنتجاتهم يتم طرحها في الأسواق وتكون غير مطابقة للمواصفات والمقاييس لتتمكن الجهات المختصة من سحب عينات من هذه المنتجات من الأسواق المحلية لإخضاعها للفحص والتحليل أهمية التزام المستوردين بالمواصفات القياسية المعتمدة وعدم استيراد سلع غير مطابقة، لتجنب مخالفة الأنظمة مما يؤدي لرفض دخول وارداتهم للسوق المحلي. وقال القاضي الغامدي رئيس الدائرة الإدارية الحادية عشرة بجدة في ورقة عمل بعنوان: "السلطات القضائية ودورها في الحد من ظاهرة الغش التجاري والتقليد، وحماية حقوق الملكية الفكرية" ان 7%من التجارة العالمية تستهلك في السلع المزيفة، كما أن الإنتاج المبني على التزييف والقرصنة بلغ في الولاياتالمتحدةالأمريكية - باعتبارها دولة تملك إحصائيات دقيقة - لوحدها 650 مليار دولار في السنة الواحدة، كما أنّ التزييف في السلع ارتفع من مبلغ 5.5 مليارات دولار في عام 1982م إلى أكثر من 650 مليارا عام 2007 بزيادة تفوق (10000%). وأضاف "لم يقف مخترقو حق الملكية الفكرية عند ذلك، بل تجاوز أثرهم إلى الاقتصاد العام للدول التي يقطنونها، فهم لا يدفعون الضرائب المطلوبة منهم مما يؤثر بطريقة غير مباشرة على رقي الخدمات التي تقدمها دولهم، ناهيك عن نشوء جماعات إجرامية منظمة - ومنها الجماعات الإرهابية - تعمد إلى سرقة الملكية الفكرية كوسيلة لجمع الأموال. وأما عن الصحة والسلامة العامة؛ فإنك قد تتعرض للإصابة أو الموت في كل مرة تتعاطى فيها عقاراً، أو تقوم بتشغيل جهاز كهربائي كالمروحة، أو تقود سيارتك، أو تستخدم واحداً من آلاف المنتجات التي تصنع عالمنا المادي". وزاد" على الصعيد العربي والمحلي ففي إحصائية أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط وهيئة الغذاء والدواء في السعودية قدرت حجم خسائر الغش التجاري على المستوى العربي ب 88 مليار دولار، وتتكبد المملكة خسائر طائلة قدرت بنحو 41 بليون ريال سنويًا بسبب السلع المغشوشة والمقلدة، غير الخسائر البشرية الأخرى التي لا تقدر بثمن، إذ تفيد المعلومات بأنه من كل 6 آلاف حالة وفاة هناك 3 آلاف منها جاءت بسبب قطع الغيار المقلدة مثل الإطارات والكوابح والتي تدخل إلى المملكة عبر النقاط الجمركية. فيما تطرق عبدالمحسن اليوسف مدير عام الادارة العامة لضبط الجودة في هيئة المواصفات والمقاييس والجودة إلى إجراءات تقويم المطابقة ودورها في فسح السلع وتسهيل التجارة بين الدول تماشياً مع متطلبات منظمة التجارة العالمية (WTO). ونبه الى ضرورة التركيز على شهادات المطابقة وأهميتها ودورها في تنمية التبادل التجاري بين الدول وكذلك دورها في التحقق من مطابقة السلع للمواصفات القياسية لحماية المستهلك والإقتصاد. الى ذلك قال المهندس إبراهيم الخليف مدير الادارة العامة للتحقق من المطابقة في هيئة المواصفات والمقاييس يعمد بعض المنتجين لتغيير شكل طرازات مشهورة أو استخدام نفس العلامة التجارية، أو تغيير حرف منها بطريقة تضلل المستهلك، وفي غير الحالات الظاهرة التي يكون فيها الاختلاف في المسميات واضحاً للمستهلك خاصة عند استخدام نفس الشكل والماركة التجارية المعروفة. وأضاف" الطريقة الأساسية للتمييز بين السلع المقلدة والأصلية تكمن في إجراء الاختبارات الضرورية، وتبين المواصفة القياسية المتوفرة في كلتا السلعتين، ومضاهاتهما لتقرير ما إذا كانت السلعة أصلية أم مقلدة". وقال الخليف إن الغش التجاري والتقليد ظاهرة مدمرة ومكافحتها وحماية المستهلك مصطلح واسع يشمل جميع ما يقدم للمستهلك من خدمات من قبل مختلف الأجهزة (الحكومية الوطنية أو الإقليمية أو الدولية أو الخاصة) وذلك لحمايته من مختلف أنواع الممارسات الضارة وغير المشروعة كالغش والتزوير والاحتكار وكل ما له علاقة بالأمن وبالسلامة وبالصحة العامة أو صحة البيئة أو الجودة النوعية للسلع والمواد. فيما استعرض المهندس سعود العسكر الامين العام لهيئة التقييس الخليجية بالانابة الدور الرقابي الرسمي لضمان صحة وسلامة شهادة المطابقة. وقال "تتم جميع عمليات تقويم المطابقة من اختبار وتفتيش وتدقيق وإصدار شهادات المطابقة للمنتجات أو لنظم الجودة والبيئة بصورة أو بأخرى باستخدام واحدة أو أكثر من التقنيات الإحصائية والتي بدورها تخضع لآليات وأنظمة مختلفة. وأضاف" لا يمكن الجزم أو ضمان تام لصحة وسلامة شهادة المطابقة، إلا أنه يمكن رفع مستوى الثقة في هذه الشهادات من خلال الآليات والأنظمة التي تضعها الجهات التشريعية لضبط المنتجات". وقال إن شهادة المطابقة هي وثيقة تمثل الدليل المرئي على مطابقة المنتج، وعادة ما تكون إرسالية من المنتج تحتوي على وحدات من المنتج للمتطلبات الخاصة به.