حذر الرئيس العام الأسبق لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن السعيد من مغبة التبرع لما يسمى قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، أو التجاوب مع دعوة الرجل الثاني في التنظيم سعيد الشهري التي أطلقها في تسجيل مرئي أخيرا عبر مواقع إلكترونية متطرفة على شبكة الإنترنت. وأكد في حوار مع «عكاظ» أن تكفير الشهري لوالده ولجماعة المسجد وانقطاعه عن الصلاة معهم «لأنهم كفرة يتقاضون رواتب من حكومة كافرة» بحسب معتقده الفاسد وفكره الضال يدل على جهله وضلاله وعدم تمييزه بين الحق والباطل. وكان والد المطلوب سعيد الشهري المدرج في قائمة ال85 المطلوبين أمنيا قد أفاد في حديث مع «عكاظ» نشر الاثنين الماضي، أن ابنه كفره قبل تسلله للأراضي اليمنية وانخراطه في تنظيم القاعدة، موضحا انقطاع الابن عن الصلاة مع جماعة المسجد «لأنهم كفرة يتقاضون رواتب من الحكومة». وأبان الدكتور السعيد أن إطلاق الكفر بالمعاصي من أعمال أهل البدع الذين خرجوا على المسلمين مثل المعتزلة لافتا إلى أن التبرع للقاعدة فتنة وإشعال للنار وقتل للمسلمين. وفيما يلي نص الحوار: كيف تنظرون إلى تكفير الابن لأبيه، كما فعل المطلوب الأمني سعيد الشهري الذي تسلل لليمن وأصبح قياديا في ما يسمى قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، التي يتزعمها اليمني ناصر الوحيشي؟ جاء في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الرجل الذي قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، وإذا كان الذي قيل له ينطبق عليه هذا الشيء وأن عمله وصل إلى الكفر يكون كما قال، مثل لو رمي نصراني أو إنسان خرج من الإسلام بما ذكر في قضية الردة والأبواب الأخرى قد لا تعطي الحقيقة، وإن كان مرتدا وقال له هذا الكلام فهو كذلك، وإلا يرجع لنفس المتكلم إذ إنه يبوء هو بهذا الكلام. انقطع المطلوب الشهري عن الصلاة مع جماعة المسجد في الحي الذي يقطنه بحسب رواية أبيه بحجة أنهم «كفار يتقاضون رواتب من حكومة كافرة» وفق معتقده وفكره الفاسد.. كيف ترى ما ذهب إليه هذا المنحرف؟ كون الإنسان يترك الجماعة مع أناس يظن فيهم هذا الظن لا يجوز، ومن الناحية الإسلامية معروف ما جرى للإمام أحمد ومن معه من المعتزلة الذين أرادوا منه أن يقول بخلق القرآن، وكذا كلمة إطلاق الكفر بالمعاصي من أعمال أهل البدع الذين خرجوا على المسلمين مثل المعتزلة، ومن كانوا يدينون بمثل هذا الأمر ممن يكفرون بالمعاصي وهذا لا يجوز ومرتكبه مخطئ فيما ارتكب. النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يعمل عنده رجل كافر يهودي كان يخدمه، وعند موته دعاه النبي للإسلام وكان أبوه حاضرا فقال «أطع أبا القاسم». الأمر الآخر أن علي بن أبي طالب اشتغل عند يهودية أخرج لها الماء كل غرب بتمرة، والنبي أعطى الأجر لغير مسلم وتعامل مع غير مسلم، والتعامل مع غير المسلمين لم يُخرج من الدين، ثم من أقام الصلاة وصلى صلاة المسلمين فهو مسلم. في الوقت نفسه كفر المطلوب المذكور جماعة المسجد نظير تقاضيهم رواتبهم من حكومة كافرة، نجده يتقاضى راتبا شهريا بمقدار ثلاثة آلاف شهريا كانت تسيره له وزارة الداخلية إلى قبل تسلله إلى اليمن وانخراطه في التنظيم الإرهابي، أوليس في هذا تناقضا يفضح زيغه وزيغ من يقف وراءه؟ عمله في غير استلام الراتب أفضع من عمله في الراتب، وهو قد يقول إنني كسبت مالا من أناس حلالي الدم، ويرى نفس التأويل لأن هؤلاء جهلة ليسوا أهل علم من زعيم القاعدة إلى آخرهم، فزعيمهم مهندس ولم يكن طالب علم وبالتالي فهو ضال في ذلك أكثر من ضلاله بقضيته، لأن تكفير عموم المسلمين يدل أن ليس لديه عقل ولا يمكن إطلاق الكفر على العموم ولذلك قالوا من رمى جماعة من المسلمين لا يتصور منهم وقوع فاحشة حتى ولو كان رميا فهو يعزر لأن ليس له عقل ولا يمكن أن يصدق قوله ولا يضر أحدا، وحتى العقوبة خففت إذا رمى مجموعة ولا يمكن أن يقال للإنسان يا كافر إلا بعد أن يأتي بأمر من نواقض الدين ليحكم عليه بالردة، أما عدا ذلك فلا يجوز أن يقول هذا الكلام. هؤلاء جميعهم جهلة أسأل الله أن يردهم للصواب فهم لا يعرفون حقا من باطل. استحلال الدماء أعظم من الكفر ولو لم يكفر، فالذين يفسدون في الأرض تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويقتلون أو ينفون من الأرض بسبب ما هم فيه من فساد. إن مثل هذه الأعمال السيئة التي أفسدوا فيها في الأرض وقتلوا ناسا صالحين وأطفالا وشيوخا وأناسا لا ذنب لهم، وأهلكوا الأموال؛ كلها أعمال مفسدة والعياذ بالله. تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يتزعمه الضال أسامة بن لادن صور لعناصره والمنتمين إليه أن ما يقومون به جهاد في سبيل الله.. هل هذا من الجهاد في شيء؟ هذا ليس جهادا اللهم إذا كان يجهد نفسه بمعنى لغوي، أما كعمل شرعي فالجهاد ما كان لرفع كلمة لا إله إلا الله.. القاعدة وأعضاؤها تتنطع بمثل هذه وهي لم تقم في يوم من الأيام بعمل لخدمة الإسلام كمواجهة العدو الحقيقي المتربص بالأمة، القاعدة لها أصول قديمة فاسدة لا نستطيع أن نجزم بشيء منها، وهم كما ذكر ابن تيمية «شر من اليهود ومن النصارى». إذاً ما حكم الانتماء لتنظيم القاعدة فكرا وعملا؟ لا يجوز الانتماء إلا للكتاب والسنة لا للقاعدة أو غيرها، لأن هؤلاء غير مشرعين، ذلك أن التشريع قد انتهى منذ وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم)، والذي يحدث الآن ليس انتماء، وإنما دخول الإنسان مع مجموعة يستظل بهم فقط، وبالتالي لا يجوز أن ينتمي المسلم لغير الكتاب والسنة. بدأت القاعدة في التسول من عموم الناس لدعم المجاهدين في اليمن بحسب زعمها ما مدى مشروعية التجاوب مع تلك الدعوات، وما واجب المسلمين نحوها؟ الواجب ألا يلتفت مسلم لهذه الدعوات وألا يتجاوب معها وألا يقدم هللة واحدة لها وبأية طريقة من الطرق، وهناك من يضلل ويقال هناك أيتام وفقراء ومتضررون في بعض الأماكن كالعراق وأفغانستان والصومال وغيرها، فيأتي يستجدي لغير الحقيقة ويجمع بين الكذب والزور وجمع الأموال للإفساد في الأرض. ولا يجوز للإنسان أن ينفق إلا بعد أن يعلم أنه لمستحق. التبرع للقاعدة فتنة وإشعال للنار، أسأل الله العافية. وكم قتل من الناس في عموم الأرض باسم الدين وهو بريء منه.