السعودية واليونان.. علاقات ممتدة وفرص واعدة    اختراق في «الصفقة المرتقبة».. تسليم مسودة نهائية لهدنة غزة لإسرائيل وحماس    ترأسا مجلس الشراكة الإستراتيجية.. ولي العهد ورئيس الوزراء اليوناني يبحثان العلاقات الثنائية وتطوير التعاون    إثراء الضيافة القابضة تستعرض رؤيتها المستقبلية في مؤتمر الحج 2025 لتحقيق تجربة استثنائية لضيوف الرحمن    6 هلاليين.. في «الحرة»    تهنئة رئيس كرواتيا بمناسبة إعادة انتخابه لولاية جديدة    مشروع نظام رعاية الموهوبين على طاولة الشورى    "سعود الطبية" تُنقذ 600 مريض يعانون من النزف الهضمي في 2024    لبنان يختار ال"العون" وال"سلام"    نائب أمير منطقة تبوك يطلع على تقرير عن موشرات الأداء التعليمي بالمنطقة    هيئة الهلال الاحمر السعودي بنجران تتلقى 12963 بلاغاً خلال عام 2024    فيصل بن مشعل يزور محافظة أبانات ويلتقي الأهالي    وزير الطاقة يعلن الاستثمار في المعادن بما فيها اليورانيوم    فليك: فخور باللاعبين والجماهير أذهلتني.. وآنشيلوتي بغضب: نستحق الخسارة    بايدن يكشف عن قيود جديدة على تصدير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    حرس الحدود بتبوك تحبط تهريب 77000 قرص من مادة الأمفيتامين المخدر    الشباب والهلال يتألقان في ختام بطولة المملكة للتايكوندو،    أكثر من 51 ألف مستفيد للخدمات الصحية بمستشفى القويعية لعام 2024    فيصل بن بندر ومحمد بن عبدالرحمن يعزيان في وفاة بدر بن حشر    الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز يرعى توقيع اتفاقية لتطوير مداخل حاضرة الدمام    ختام مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة    مفوض الإفتاء "صحة الإنسان قوة للأوطان"    معالي وزير المالية يوقع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال المالي مع نظيره العماني    وصول الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة لمساعدة الشعب السوري الشقيق    ارتفاع ضحايا حرائق غابات لوس أنجلوس إلى 24 شخصًا    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في حائل    الإحصاء: %82.3 من الأطفال في عمر "24 - 59 شهرًا" يسيرون على مسار النماء الصحيح    نائب أمريكي: السعودية قوة وشريك أساسي لتعزيز الاستقرار    انخفاض درجات الحرارة على منطقتي الرياض والشرقية اليوم    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة المساجد بالمحافظة    أمسية شعرية مع الشريك الأدبي يحيها وهج الحاتم وسلمان المطيري    لبنان: البداية باحتكار الدولة حمل السلاح    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    «سهيل والجدي» ودلالات «الثريا» في أمسية وكالة الفضاء    «موسم الرياض» يسجل رقماً قياسياً ب16 مليون زائر    جامعة الملك سعود تنظم «المؤتمر الدولي للإبل في الثقافة العربية»    «التربية الخليجي» يكرم الطلبة المتفوقين في التعليم    شبح الهبوط يطارد أحد والأنصار    نغمة عجز وكسل    الراجحي يضيق الخناق على متصدر رالي داكار    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    أمير نجران يستقبل مدير الجوازات    العلاقة المُتشابكة بين "الذكاء الاصطناعي" و"صناعة المحتوى".. المحاذير المهنية    يِهل وبله على فْياضٍ عذيّه    أمير القصيم يرعى المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    جميل الحجيلان    السباك    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    في موسم "شتاء 2025".. «إرث» .. تجربة ثقافية وتراثية فريدة    لبنان الماضي الأليم.. والمستقبل الواعد وفق الطائف    هل أنت شخصية سامة، العلامات والدلائل    المستشفيات وحديث لا ينتهي    7 تدابير للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    مباحثات دفاعية سعودية - أميركية    أمير القصيم يشكر المجلي على تقرير الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة بريدة    الديوان الملكي: وفاة والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السمن البري.. خبرة
الرائحة واللون يكشفان الغش والشتاء موسم البيع
نشر في عكاظ يوم 16 - 10 - 2009

من اللون والرائحة بل من النظرة العابرة في كثير من الأحيان يعرف أصحاب الخبرة السمن البري الجيد والسليم من المغشوش، إنها الخبرة الطويلة هي التي جعلتهم يتميزون بهذه المكانة في التعامل مع اكتشاف جودة السمن والعكس صحيح أيضا.
هكذا يجلسون أمام أوانيهم بارتياح، وهكذا يبيع بعضهم ما لديه من تلك البضاعة وهو مطمئن إلى أن من اشترى منه سيعود إليه ثانية، يقفون في محلاتهم ولسان حالهم يقول ننتظر الزبائن ولا نفكر في رؤية الزبون لمرة واحدة فقط، بل مرات.
بائع السمن البري يضمن بضاعته التي تعب في انتقائها ويحرص على كسب ثقة الناس، ومن يتجاهل هذه الأصول فالناس لن تعود إليه لأنه وباختصار بائع يغش الناس، وهم يقولون «لسنا من ذلك النوع» .. بائعو (السمن البري) هكذا يتحدثون عن مهنتهم وعلاقتهم بالزبائن.
الخبرة بالوراثة
عبد الله محسن بن عراش (25 عاما) ورث خبرة تجارة السمن البري من عمه ومارسها على امتداد ثمانية عشر عاما، يقول: من الصغر أشاطر عمي هذا المكان وأتردد عليه دوما، وكان حريصا على إكسابي خبرة من أجل أن يكسبني مهنة في اليد، وكنت أرغب في متابعة المشوار عبر تجارة السمن، وساعدني على ذلك أن محل عمي كان من أقدم المحلات في جدة، ومرتادوه ممتدون فهم تعاملوا مع عمي ثم معي إلى الآن وهم يأتون من شرق البلاد وغربها ومن جنوبها وشمالها، فهناك العديد منهم من ابتعد عن جدة لظروفه المعيشية، ومع ذلك متواصلون معي حيث أرسل الكمية التي يريدها عن طريق الشحن.
وهكذا الوضع مستمر لأعوام من التعامل المعتمد على الثقة، ويستطرد عراش: عملنا هذا رأسماله الثقة والتي لولاها لما بقي هذا المحل، والمسألة تمتد لأكثر من نصف قرن.
ويستكمل عراش: السمن أنواع، فهناك البري المديني، الطائفي، القصيمي، الجنوبي، وأخيرا الصومالي.. ولكل نوع عشاقه، فالمديني يطلبه غالبا كل من يعيش بالقرب من طريق المدينة جدة، وربما ينافسه الطائفي، وأهل القصيم أيضا يأتون بحثا عن السمن المعروف في منطقتهم.
وكذلك الحال بالنسبة للجنوبي وإن كان غالبا ما يكون من البقر وهي الجهة الوحيدة التي يأتي منها السمن البقري في حين السمن المديني والطائفي والقصيمي هو سمن الغنم.
أما عن كيفية شراء السمن وإحضاره للمحل، فنعتمد منذ أكثر من نصف قرن على أناس نثق بهم يمدوننا بالسمن من مناطقهم، ومع ذلك لا تعني هذه الثقة أننا لا نستطيع أن نميز السمن النظيف أو السليم من المغشوش.. إنها خبرة السنوات جعلتني على دراية كبيرة بمعرفة المغشوش من النظرة العابرة، فضلا عن رائحته ولونه والترسبات، كلها مقاييس الجودة، كما لا يمكن أن يمر من خلالي سمن مغشوش لأنني أعرفه تماما، ولهذا أستخدم السمن من محلي في بيتي وأنصح به كل معارفي وأقاربي.
الدفء بالبري
من جهته، يبدأ أنور عبده الحطامي (30 عاما) حديثه بالقول: (من عمل حوالي ثلاثة أرباع عمره في مجال السمن لا تخف عليه من تعرضه للغش).
ويضيف: لا أخفيك أن الغش في السمن البري مسألة يصعب التعرف عليها، لكن مع وجود الخبرة تصبح المسألة سهلة جدا، ويستطرد: لقد عملت منذ أعوام لدى رجل كان يملك محلا لبيع السمن، وكان يجلب سلعته من كل المناطق وكان يذهب بنفسه ولا يعتمد على أحد لانتقاء ما يريد، ولهذا كان يتركني في المحل لأديره في غيابه، من هنا اكتسبت الخبرة، وخصوصا بعدما أصبح هذا الرجل يرسلني للقيام بهذه المهمة، ولهذا وجدت نفسي قادرا على العمل بصورة مستقلة وبالذات أنه شجعني ودعمي كثيرا، حيث كان يعتبرني كابنه وبمساعدته فتحت محلا صرت فيه معروفا بالمصداقية، والحقيقة أن الناس حينما يأتون تكون في أذهانهم شكوك مسبقة تجاه وضع السمن لكثرة ما تعرضوا له من حالات غش، لكنهم بمجرد أن يأخذوا في البداية كعادتهم كمية بسيطة أجدهم بعد فترة يعودون ويأخذون كميات أخرى، لأنهم اكتشفوا صدق ما قلته، ولأنني أعطيتهم سمنا سليما، ومع الأيام والسنوات باتوا يتعاملون معي بصورة دائمة.
ويستطرد الحطامي: حالي كحال السوق أبيع أنواع السمن التي تأتي من المدينة المنورة، القصيم، من جنوب المملكة، ومن الطائف، والحقيقة أن كل منطقة لها سمنها، والذي يختلف في (التحويج).
والتحويج هو تلك الإضافات التي يحرص بعض من يعدون السمن البري على وضعها، فمثلا سمن المدينة المنورة غالبا ما يكون (سادة) أي بلا إضافات، لكن في بعض الأحيان يضيفون له النعناع أو الحبق ولا غير، في حين يضيف أهل الطائف للسمن البري عشبة (الضيرمان أو البعيثران) وهي الميزة الخاصة التي يتميز بها السمن الطائفي.
أما السمن الذي يأتي من الجنوب فيضاف له (الحلبة) غالبا، وتتراوح أسعار السمن ما بين (80 100) ريال، ويكثر الطلب على السمن البري في البرد في حين لا يبحث عنه في الحر، ولهذا موسمنا يشتد في البرد فقط.
المرعى يحدد النوعية
ولا يبتعد عبد الخالق حسن الوعل (31 عاما) عما ذكر سابقا إلا أنه يذكر حقيقة عجيبة بقوله: إن السمن غير ثابت في نسبة كثافته وحتى شكله وهذا يتغير في كل عام عن الآخر بسبب تغير المرعى، فلو تناولت الأغنام عشب البراري عقب المطر يأتي السمن ثقيلا وكثيفا، وإذا اعتمدت على البرسيم فالسمن يأتي خفيفا، أما إذا اعتمدت على الشعير والعلف المشترى من السوق فالسمن يكون أرق بكثير ولا طعم له، والحقيقة يظل سمن المراعي البرية والتي تتناولها الأغنام أو الأبقار بعد المطر هو الأجود من وجهة نظري، لأنني أظن أنها الأكثر فائدة لصحة الإنسان، أغنام التربية بالإمكان أن تحصل منها على السمن، لكن لا أظنه بجودة سمن المراعي الطبيعية، ولهذا كلما جاء المطر كان منتوج السمن غزيرا والسمن عموما بضاعة لا تتلف، بل على العكس كلما مضى عليه الزمن، أعطاه مذاقا مختلفا ونكهة خاصة تماما مثل العسل.
ومن المواقف التي ما زلت أتذكرها في تعاملي مع السمن أن الشخص الذي أتعامل معه لجلبه من الطائف أحضر لي صفيحة مليئة بالسمن البري ولأنني شارفت على إغلاق المحل ليلا فقد وضعتها في الداخل على أمل أن آتي صباحا، وأفرغها في الأواني الخاصة، إلا أنني عندما حضرت في الصباح وجدت أن السمن يخرج من أسفل باب المحل وارتعدت، ولكن عندما فتحت المحل وجدت أن السمن كان يأتي من تلك الصفيحة التي أحضرها الرجل وأن الصفيحة قد أفرغت تماما من أية قطرة سمن فيها.. لقد كانت الصفيحة (مخرومة) من أسفل.
وعلى الفور، اتصلت بالرجل وأبلغته بالموقف فقال: لا بأس تحمل أنت نصف القيمة وأنا النصف الآخر.
ولا ينسى عبد الخالق تقديم التحذير بقوله: من أكثر حالات الغش شراء السمن البري من الباعة الجائلين وهذا خطأ فادح، وقد يؤدي إلى ضرر صحي.
بائع الزجاجات
تدخل حميد نصار الحربي (84 عاما) بقوله: قبل ثلاثة وأربعين عاما اشتريت من بائع متجول كان يبيع السمن في زجاجة في محطة البنزين، وأقسم أن السمن الذي يبيعه سليم تماما واشتريت قارورتين منه، واستخدمت إحداهما فور ذهابي للبيت، ولم أكد أتناول كمية منه مع الرز بالعدس حتى وجدت نفسي أشعر بألم شديد في بطني، وكذلك زوجتى وابني ومن فضل الله تعالى أننا استفرغنا كل ما كان في بطوننا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.