تشكل زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى سورية حدثا بارزا، من حيث توقيتها أو نتائجها المرتقبة، والتي تتعدى العلاقات الثنائية بين المملكة وسورية إلى جميع الملفات العالقة في المنطقة والعالم. ندوة «عكاظ» في دمشق تناولت الزيارة وأبعادها والنتائج المرتقبة مع المحلل الاستراتيجي السوري ثابت سالم ومدير تحرير صحيفة «الوطن» السورية مصطفى السيد: • كيف تقرأون زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى سورية؟ - سالم: آن الأوان لإعادة اللحمة إلى النظام السياسي العربي وفي ما يخص محطة إعادة التقارب ما بين المملكة وسورية، يتبادر السؤال حول إمكانية استمرار هذا التقارب وقدرته على معالجة المسائل الشائكة بشكل أو بآخر على إضفاء المزيد من النماء على علاقتهما المشتركة ولا ننسى وجود مناخ دولي عام يرى أن مصلحته لا تكمن في قيام علاقات عربية قوية، ولا سيما بين الرياضودمشق والقاهرة. وبالتالي فإن أي تقارب لن يحقق أهدافه إذا لم يبن على استراتيجية يتفق عليها العرب، ولا بد من وضع جدول أعمال أساسه مصلحة العرب حول الملف الفلسطيني والصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك الملف الإيراني ولا ننسى الملف الاقتصادي. فالتكامل العربي سواء كان سياسيا أو اقتصاديا يجب أن يقوم على منهجية واضحة الأهداف ونأمل أن تكون هذه القمة هي الفاتحة في هذا الاتجاه وأن تضع مصلحة العرب أساسا في كل الملفات وبخاصة الملف الإيراني والقضية الفلسطينية. - مصطفى السيد: يجب الأخذ بعين الاعتبار أن المنطقة العربية وشعوبها تحكمها الجغرافيا ولعل هذه المسألة تنطبق تحديدا على المملكة وسورية ومصر والعراق، أضف إلى ذلك الجيران وبينهم تركيا وإيران وخلال السنوات الخمس الماضية كانت هناك قوى غربية تسعى لشق الصف العربي وعبر ذلك إعادة تشكيل المنطقة. - ثابت سالم: إن مسألة مواجهة المخططات الخارجية يجب أن لا تنحصر في مسألة التقارب العربي وحسب، إذ لا بد من الاتجاه في العمل إلى أعمق من ذلك، وأعتقد أن المناخ الدولي وغياب الحوار أثر على العمل العربي المشترك وعلينا، وهذا ما أثر أيضا على القضية المركزية أي القضية الفلسطينية. والعرب باتوا يتفرجون على دول العالم وشعوبها وهي تشكل تكتلات تؤمن مصالحها دون أن يتقدموا في هذا الاتجاه. العرب محكومون بأنهم أمة واحدة تربطها مصالح مشتركة وهذا بالطبيعة يفترض دعم فكرة التكتل العربي وبالتالي المطلوب هو أكثر من تقارب. • ما هو المقصود بأكثر من تقارب؟ - السيد: السوريون منذ مائة عام يتحركون في الإطار النظري للمسألة العربية والكتلة المالية الموجودة في منطقة الخليج، وفي المملكة تحديدا هي أداة أكثر فعالية لتحقيق ما هو أكثر من تقارب، وهنا أقصد الجانب الاقتصادي المطلوب تعزيزه بين البلدين وتوسيعه ليشمل أقطارا عربية أخرى، فهناك رؤوس أموال عربية ضخمة ومؤسسات مصرفية متطورة تبحث عن ملاذات آمنة بعد الأزمة المالية الدولية، - سالم: الأستاذ مصطفى يركز على الجانب الاقتصادي فيما أرى أنه وقبل هذا الجانب يجب أن تتوافر الإرادة السياسية، فنحن ندرك أن هناط ضغوطات على النظام العربي الرسمي، ولكن علينا التمرد على هذه الضغوط. فإذا توافرت الإرادة السياسية بإنشاء تكتل ما يرتبط جدليا بالمصلحة الاقتصادية يمكن أن يحقق من وراء هذا التعاون الاقتصادي أو هذا التكامل، • باعتقادكم ما هو موقع الملف الإيراني في هذه القمة، خصوصا أن سورية ترتبط بعلاقة تحالفية مع إيران؟ - سالم: في إيران الآن وبعكس ما كان أيام الشاه حكام يقولون لنا نحن نقف إلى جانب قضاياكم، وتحديدا مع القضية الفلسطينية، فلماذا لا نحاورهم بل لماذا لا نضمهم إلى تكتلنا ونقيم تفاهما سياسيا واقتصاديا مشتركا. بكل بساطة إيران دولة لها مصالح ونحن ندرك أنها تحتل جزرا عربية لماذا لا يحصل حوار وتفاهم؟ فهل نذهب إلى تاريخ صدام أم إلى تفاهم وتحالف فلنجرب وإن ثبت لنا أن إيران تسعى لنفوذ سياسي أو غير سياسي على حسابنا يكون عند ذلك كلام آخر. لكن لماذا أريد ان أخلق عدوا آخر يضاف إلى العدو الجالس على قلبي في فلسطين؟ • هل تعتقد أن هذه القمة ستمهد لحوار عربي إيراني يمكن أن يلعب فيه دور الوسيط لإطلاقه؟ - سالم: القضية المركزية الآن هي استعادة أراضينا المحتلة سواء في لبنان أو سورية أو فلسطين، فلدينا أيضا أراض محتلة وهي الجزر الإماراتية، كما أن العراق يشتكي من مسألة المياه مع إيران وعلينا فتح حوار حول هذه القضايا العالقة وإن لم نصل إلى التفاهم يجب علينا أن نملك قوة قادرة على مواجهة مثل هذه التحديات، فما الذي يمنع أن يكون لدينا كعرب مشروع نووي مواز للمشروع الإيراني؟ - السيد: الأهم من الحوار الإيراني العربي، المطلوب هو حوار عربي عربي ويجب أن ننهي معه مسألة الخلافات العربية والإصغاء للدول الأجنبية.. • إذن هل تعتقد أن هذه القمة قد تفتح حوارا عربياً عربيا، وتحديدا على المسار السوري المصري؟ - السيد: المرحلة الراهنة أرست معادلة يجب أن نفهمها جميعا، هي أنه لم ولن تكون هناك إمكانية أي بلد عربي بأن يبتلع بلدا عربيا آخر، وهذا الهاجس العربي العربي يجب إزالته للتأسيس للمرحلة المقبلة، طالما أن هذه الدول رسمت حدودها بشكل مستقر فلا داعي إذن للخوف، فهل استطاعت سورية أن تبتلع لبنان أو أن تبتلع مصر السودان، هناك حقائق يجب أن ندركها هو أنه لا خوف على الكيانات العربية، وعلينا أن ندرك مصالح شعوبنا التي تطمح إلى إنشاء قوة عربية موحدة تردع أي اعتداء على هذه الأمة، فالمشروع النووي الإسرائيلي حاضر للعيان وهو يهدد كل المصالح العربية، والمطلوب من هذه القمة أن تتحرك لتأمين حماية المصالح العربية العليا وتوسيع هذا التقارب واستعادة المثلث السعودي المصري السوري لا بل توسعته. • هل سيكون للقمة انعكاس إيجابي على المستوى الفلسطيني، وتحديدا في تحقيق المصالحة الفلسطينية؟ - سالم: أعتقد أن هذا ما يؤخر المصالحة الفلسطينية، وما حصل في مجلس الأمن أخيرا أعتقد أنه سيعيق تحقيق المصالحة الفلسطينية. - السيد: الطرفان لديهم علاقات طيبة مع سورية والمملكة، وأقصد فتح وحماس ويجب أن تشكل هذه القمة عاملا إيجابيا على المحور الفلسطيني ونقطة انطلاق لحل كافة الملفات العالقة من العراق إلى لبنان وغيره من الملفات. • الموقفان السعودي و السوري متطابقان لجهة المبادرة العربية، وإنها ليست مطروحة للأبد، فهل سيكون هذا الملف موجودا في القمة؟ ** سالم: لا شك في ذلك، فقضية فلسطين لا يمكن لأي لقاء عربي أن يتجاهلها، الواقع مرير وأحمل حماس كما أحمل فتح مسؤولية ما يجري. ولا بد أن يحصل نقاش وتفعيل الموقف العربي في حركة الصراع مع العدو الإسرائيلي، فلدينا إمكانيات كبيرة وعلينا تفعيل البرنامج العربي المشترك وفقا لهذه الإمكانيات. • تفصيلا، ماذا تتوقعون من نتائج سريعة للقمة السعودية السورية على الصعيد اللبناني والفلسطيني والعراقي والايراني؟ - سالم: في العراق سوف يتطلب الموقف المشترك التمسك بوحدة أراضي العراق واستقلاله، أما على الصعيد الفلسطيني أتوقع التأكيد على التمسك بالمبادرة العربية إلى حين، أو العودة إلى الممانعة واستغلال موقف الإدارة الأمريكية الحالية التي تسعى لاستعادة صورتها، وبالتالي على حساب إسرائيل. فيما على صعيد الملف اللبناني، فسورية لا يهمها ما يحصل في لبنان على صعيد المسائل الداخلية، وما يهمها هو الاتجاه العام، السوريون ليسوا بوارد التدخل بالمسائل الداخلية اللبنانية. أما الملف الإيراني فيجب أن تخرج القمة بصيغة ما، مع إيران بأن لا تتدخل بالشؤون العربية والتعاون معها كقوة إيجابية يجب أن نصل معها إلى صيغة تفاهم تتحقق عبرها مصالحنا العربية.