"الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو الغيط ل «الحياة»: سورية ميزان المشرق ومتفائلون بخطوات لمصالحات في القمة العربية
نشر في الحياة يوم 04 - 03 - 2010

شدد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط على أن «حماس» لن تحسم أمرها قريباً في ملف المصالحة الفلسطينية، معتبراً أن طهران «تتحرك إلى جانب الفلسطينيين لاستخدامهم من أجل مصالحها، ويجب ألا تُرهن المصالح الفلسطينية على محراب مواجهة إيرانية – غربية».
وفي حوار أجرته «الحياة» مع أبو الغيط عشية الاجتماع الوزاري لمجلس الجامعة العربية، قال وزير الخارجية المصري إن «لا فتور مع دمشق، ومتفائلون بتقارب وتنسيق مشترك». واستدرك أن «سورية هي ميزان المشرق، ونسعى إلى الحفاظ على أمنها القومي»، وإذ تحدث عن اتصالات رفيعة المستوى مع دمشق، حذر من العواقب الإقليمية لأي مواجهة «شاملة» مع إسرائيل. ووصف الرئيس باراك أوباما بأنه «مكبّل».
ووافق على القول بأن المنطقة باتت «رهينة لدى إيران». لكنه شدد على أن «مصر هي رأس الحربة في الدفاع عن المصالح العربية»، مبدياً تفاؤله بمزيد من الخطوات في «جمع الشمل» خلال قمة ليبيا، استناداً إلى المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتحقيق المصالحات العربية». وهنا نص الحوار:
 يُعتقد أن المصالحة الفلسطينية ما زالت أكبر الملفات التي تشغل الديبلوماسية المصرية، و «حماس» اشترطت تعديل الورقة المصرية لقبول التوقيع على اتفاق المصالحة مع «فتح»، ما طبيعة هذا التعديل؟ بعض أوساط حركة «حماس» يطرح المسألة موحياً بأن القاهرة هي التي تعطل الاتفاق؟
- المصالحة الفلسطينية ليست وحدها التي تحظى بالاهتمام المصري، المصالحة هي أحد عناصر القضية الفلسطينية. العنصر الآخر هو إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل على الأسس التي نصمم عليها كدول عربية على الأرضية التي تتيح لهذه المفاوضات أن تحقق تقدماً، ولكن في ما يتعلق بالمصالحة فهذا الملف سبق الحديث فيه. مصر تداولت مع الطرفين «فتح» و «حماس»، وجاء السيد خالد مشعل إلى القاهرة في نهاية أيلول (سبتمبر) 2009، وأجرى مشاورات مع الجانب المصري المشرف على هذا الملف، وتحدث عن المصالحة كأنها قضية منتهية. وعندما طرحت مصر الورقة على ممثلي «حماس» قالوا إنها تختلف عن تلك التي وقعتها منظمة التحرير. الورقة المصرية لم تتغير، وإذا ما قبلت «حماس» توقيعها فإننا سوف ننظر في الملاحظات التي يرغبون في التقدم بها أو إرفاقها بهذا التوقيع. مصر تعمل لمصلحة القضية الفلسطينية، من قبل صدور قرار تقسيم فلسطين في 1947 وحتى الآن، كان هناك عشرات الآلاف من العسكريين المصريين وآلاف من الديبلوماسيين المصريين الذين سعوا إلى خدمة القضية الفلسطينية. واليوم نشهد للأسف توجهات تضع الأيديولوجيا والمصلحة الضيقة في مرتبة أعلى من مستقبل القضية والشعب، وبالتالي فليمضوا في ذلك الطريق وسوف نصمم على الجهد الذي نبذله، وآمل أن يتحلى الجميع بالحكمة ذات يوم.
ما ترغب في تعديله «حماس» هل هو واضح؟
- هم يتحدثون عن الانتخابات من حيث النسب والأفراد. نعم عندهم بعض الأفكار في ما يتعلق بالصياغات وهي أفكار تنطوي على ملاحظات هامشية. الأهم أنهم لم يسلموا حتى الآن بشكل رسمي أي شيء. كلها أحاديث إعلامية وإعلانية. هم يقولون إن مصر لها تحفظات، وأنها لم تقم بصوغ ما اتفقنا عليه بالشكل الذي اتفقنا عليه. ونحن نرى أن الورقة صيغت بدرجة عالية جداً من الحرفية. لا أعتقد أن المسألة هي مسألة صياغة الورقة أو ما تهدف إليه. أعتقد أن هناك الكثير من التوجهات الخارجية التي تفرض ثقلها على قرار «حماس»، بالإضافة إلى مصالح «حمساوية» تفرض ثقلها أيضاً على الأرض، فضلاً عن علاقات «حماس» بالإيديولوجيا. يتردد أن هناك رغبة في (حماس) الداخل في التوقيع، وعدم رغبة في (حماس) الخارج في التوقيع. آمل أن الطرفين «الحمساويين» يصلان إلى أن هذه مصلحة الشعب الفلسطيني. لن يتم تغيير الورقة ولن يُطرح على الفلسطينيين لهذه المصالحة إلا الورقة المصرية.
التوجهات الخارجية التي تفرض ثقلها على قرار «حماس»، هل تنطلق من سورية أم من إيران؟
- أنا أقول من إيران لأن سورية دولة عربية سعت على مدى تاريخ هذه القضية إلى بذل الجهد من وجهة نظرها. لكن سورية تستضيف «حماس» على أرضها وهذا أمر يتعلق بها ولا خلاف لنا فيه مع دمشق. ولكننا نقول إن الكثير من التحركات الإيرانية يهدف إلى الإمساك بأوراق عربية لقضايا عربية للتأثير ليس في هذه القضايا بل لاستخدامها في أهداف تبتغيها إيران.
يعني إبقاء المنطقة رهينة مثلاً إلى حين تسوية الملف النووي الإيراني؟
- بالتأكيد. هذه أحسن صياغة استمعت إليها منذ شهور إن لم يكن لسنوات.
محمود الزهار عزا عدم إنهاء الانقسام الفلسطيني إلى عدم وجود رغبة عربية جدية في طي صفحة هذا الانقسام، معتبراً أن بعض الدول العربية توظف الفلسطينيين في خلافاتها؟
- لا أعرف ماذا يقصد. أنا أعتقد أن العرب جميعاً يسعون إلى خدمة أهداف الشعب الفلسطيني وأن الفلسطينيين هم المطالبون اليوم بأن يتحركوا في اتجاه المصالحة ووحدة العمل. اليوم (الاثنين الماضي) كان لنا لقاء مع أحد كبار المسؤولين البريطانيين ومع وزير خارجية استونيا وعلى مدى الأسابيع الأخيرة التقينا بالكثير من المسؤولين الكبار، منهم وزير خارجية إيرلندا. الجميع يتحدثون عن شيئين: كيف يمكن إنهاء الخلاف الفلسطينيالفلسطيني الذي يجهز على المصالح الفلسطينية، وكيف تعطون إسرائيل الفرصة لأن تدعي أنه لا يوجد شريك؟ بالتالي تقدمون لها القضية الفلسطينية على «طبق من ذهب». أنا أثق في العرب وفي حقيقة النيات العربية. تختلف المناهج ولكن الهدف العربي واحد وهو تحقيق تسوية عادلة للشعب الفلسطيني تقود إلى إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية.
هل تعني أن إيران هي التي تقدم القضية الفلسطينية على «طبق من ذهب» إلى إسرائيل؟
- لا أقصد هذا، أنا أقصد أن الانقسام الفلسطيني ومواقف وأوضاع هذا الانقسام هي التي تقود إلى هذا، ولكن إذا حاول طرف إقليمي غير عربي أن يخدم مصالحه باستخدام هذه القضية والترويج لمواقف محددة فهو يضر القضية. أحياناً كثيرة الإنسان يسأل نفسه: كم عدد الشهداء الذين فقدوا على مدى ستين عاماً في المنطقة الممتدة من غرب الحدود الباكستانية حتى الحدود المصرية – الليبية. ستكتشف أنها دماء عربية وشهداء عرب.
في رأيك هل ما زال هناك أمل بحل للانقسام الفلسطيني، وهل يكون قريباً؟ في أيلول (سبتمبر) الماضي تحدثتم عن أيام قليلة حاسمة؟
- لأننا كنا نتصور أن حديث خالد مشعل يعكس نيات حقيقية، وهو (مشعل) قال إن قضية المصالحة أصبحت وراءنا.
هو كان يقصد أنها مسألة محسومة؟
- فهمنا ذلك، ثم وجدنا في أول تشرين الأول (أكتوبر) الماضي حديثاً عن ملاحظات. حتى هذه اللحظة لم يحسموا أمرهم، ولا أعتقد أنهم سوف يحسمون أمرهم في المستقبل القريب، وسوف تمضي إسرائيل لتحقيق المكاسب في البناء وفي الاستحواذ والاعتداء على مصالح العرب والمسلمين وسوف يتحدثون عن الحرم الإبراهيمي وعن المسجد الأقصى وسوف يتحركون ويتحركون ونحن نتحدث عن المصالحة وإدانة العدوان.
خالد مشعل حين زار الرياض أبلغ وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن توجهات «حماس» عربية لأن قضية فلسطين عربية أولاً، وقبل أيام قبلت الفصائل الفلسطينية خلال لقائها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق ثم طهران بوضع نفسها في خندق واحد مع طهران؟
- أعتقد أن البعض فقد قدرة تحديد أولويات العمل السياسي. المواجهة هي مواجهة فلسطينية – إسرائيلية وإذا كانت إيران تتحرك في جانب الفلسطينيين فهي تتحرك لاستخدامهم من أجل تحقيق مصالح إيرانية. من يوافق أن يُستخدم يجب أن يعي أن هذا الوضع الإيراني الفردي أو الإيراني – الأميركي سوف يمتد لفترة طويلة ولا يجب أن تُرهن المصالح الفلسطينية على محراب مواجهة إيرانية – غربية. المصلحة الفلسطينية تأتي أولاً وأخيراً. مرة أخرى نقول إن آلاف الشهداء العرب فقدوا حياتهم في سبيل القضية الفلسطينية ولا ينطبق ذلك على غيرهم.
سورية ما زالت تكرر أنها مع المصالحة الفلسطينية ووحدة الفلسطينيين، أليس بإمكانها لعب دور لدى «حماس» لتسهيل الحل، بالتالي دعم الجهود المصرية؟ هذا السؤال يطرح نفسه باستمرار منذ فترة طويلة.
- ما زلت أنتظر في هذا الاتجاه الذي تتحدث عنه. نحن نأمل أن يتحدثوا مع ضيوفهم (قادة حماس) كي يقنعوهم بأن هذا لمصلحة القضية الفلسطينية.
ولماذا لم يحدث هذا حتى الآن؟
- يسأل في ذلك أشقاؤنا في سورية. نحن نسعى لعلاقات طيبة واحترام متبادل وعمل وتعاون مع سورية. لكن المسألة تكمن في اختلاف المناهج الذي يجب ألا يفسد القدرة على العمل المشترك، عندما نلتقي على الحد المتاح له.
بعض المراقبين يرى انطلاقاً من السؤال ذاته أن الأمر ذاته قد يكون مؤشراً إلى هيمنة التأثير الإيراني على التأثير السوري وغلبته لدى «حماس»؟
- هذا الأمر نقرأ عنه تحليلات سياسية ومقالات. لا أستطيع تحديد حقيقة الأمر، لأن البعض يقول هناك خلاف على الإمساك بالقرار. أعتقد أن سورية تسعى لمصلحة فلسطينية – عربية مشتركة، أما إيران فتسعى لمصلحة إيرانية فقط، وهناك فارق بين مصالح العرب ومصالح إيران، وقد نستطيع أن نتعاون وأن نبقي على الاتصال. قد نستطيع أن نتاجر. قد نستطيع أن نستفيد بالدعم الإيراني للفلسطينيين إذا كان الدعم يستهدف فعلاً تحقيق التسوية، أما إذا كان يسعى إلى المواجهة المسلحة واستمرار الحرب والدعوة إلى إنهاء القضية الفلسطينية من خلال الانتصار النهائي للفلسطينيين على دولة إسرائيل وتحطيمها، فنقول لإخواننا الفلسطينيين الذين قد يصدقون هذا الكلام وللأخوة في إيران: هذا وضع لا يمكن للعالم أن يسمح به. علاقات القوى وتوازناتها لن تسمح به، فلا تخدعوا الفلسطينيين حتى يسلكوا هذا الاتجاه.
لكن إيران تعتبر أنها تتعامل مع القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين انطلاقاً من كونها دولة إسلامية؟
- هذا حقها كدولة إسلامية. ولكن أيضاً تركيا دولة إسلامية ذات تأثير قوي ولا نرى هذا المنهج هناك. أندونيسيا وماليزيا هما من القوى الإسلامية المؤثرة ولكنهما لا تتصرفان بهذا الشكل الذي يؤدي إلى «تفسخ» قدرة الفلسطينيين على مواجهة الخصم الإسرائيلي. اليوم نحن في أشد الحاجة إلى وحدة الموقف وصولاً إلى تحقيق الهدف الذي يسعون إليه. «حماس» نفسها لا تقول اليوم بتدمير إسرائيل، ولكنها تقول: نحن على استعداد لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967. إذا كان الأمر كذلك فهم يقبلون فعلاً بدولة إسرائيل.
القاهرة - دمشق
ألا ترون أن كسر الجمود في العلاقة بين القاهرة ودمشق يتيح إمكانات جدية لتسريع المصالحة الفلسطينية؟
- بالتأكيد هذه قراءة دقيقة مع تحييد التأثير الإيراني.
يمكننا أن نفهم أن المطلوب أولاً أن تقوم دمشق بتحييد التأثير الإيراني؟
- تحييد طهران يتم عبر موقف عربي واضح يطلب منها العمل معنا من أجل خدمة أهداف القضية الفلسطينية وليس لتحقيق المزيد من المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تؤدي إلى المزيد من الخسائر الفلسطينية. نحن نسعى بأكبر سرعة ممكنة لتحقيق انفراج في التسوية الفلسطينية. كل من يُعقّد هذا الانفراج لا يساعد القضية الفلسطينية.
ليس بعيداً عن الواقع القول إن المصالحات العربية – العربية هي مفتاح إنهاء الانقسام الفلسطيني، ما الذي يعيق تبديد الفتور بين القاهرة ودمشق؟
- لا يوجد ما يسمى فتوراً، بل ابتعاد بعض الشيء عن التنسيق المشترك. أثق أن المستقبل سوف يحقق هذا التقارب والتنسيق المشترك. المسألة هي في اختلاف الرؤى نحو المناهج التي تصل بنا إلى تحقيق الأهداف العربية على أرض هذا الإقليم. نحن لا نوافق على أن تفرض قوى إقليمية تأثيرها على أرض العرب. والقضايا العربية وأرض العرب هي ملك العرب الذين لهم وحدهم حق تقدير ما في مصلحتهم كي يتحركوا لتحقيقها.
بعد قمة الكويت ومبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتحقيق المصالحات العربية، صدر موقف سوري إيجابي يكاد يتطابق مع الموقف السعودي – المصري في هذا الموضوع.
- أعتقد أن الأمور وقتها سارت إلى الأمام ثم توقفت لأسباب ليست معروفة، وآمل أن يحمل المستقبل تغييراً في المناهج.
بأي معنى توقفت؟
- هذا ما حدث، ولكن آمل أن تتحرك الأمور مجدداً وأعلم أن مصر وسورية على وفاق في ما يتعلق بعلاقاتهم التجارية والاستثمارية وتكثيف هذا التعاون الاقتصادي. يجب ألا يفوتنا إطلاقاً أن الجيشين المصري والسوري حاربا سوياً وساعدا بعضهما ويجب ألا ننسى أن سورية هي ميزان المشرق، بالتالي نسعى للحفاظ على الأمن القومي السوري.
قيل إن من المفارقات نجاح قطر في رعاية اتفاق للتمهيد لوقف الحرب الطويلة في دارفور، المتداخلة مع تعقيدات كثيرة فيما تتعثر جهود مصر لدى الفلسطينيين، على رغم التماس الجغرافي والمصالح الأمنية المشتركة؟
- لكل قضية ظروفها، قضية فلسطين تتعرض لتدخلات أجنبية حادة وبتأثيرات قوى إقليمية ثقيلة اليد في حين أن قضية السودان ودارفور لا تخضع لهذه التأثيرات، بل على العكس فالجميع يسعى إلى حل هذه القضية. التسوية الدارفورية، هي في شكل مباشر بين حركة «العدل والمساواة» والحكومة السودانية وتمت في اتصالات مباشرة قام بها الجانبان التشادي والسوداني. كان هناك تواجد قطري ولا يزال ونؤيده ونباركه وصدر به قرار من الجامعة العربية وشاركت مصر ليس فقط في صياغة القرار بل كذلك في السعي نحو جمع الأطراف للتسوية في دارفور حتى هذه اللحظة لم يحدث الانفراج الشامل. حدث انفراج طيب رحبنا به وباركنا تحرك أشقائنا في الدوحة بين حكومة السودان وحركة «العدل والمساواة»، وبقية الفصائل لم تقرر بعد، هناك جهد ليبي – مصري – تشادي – سوداني – قطري – وفرنسي ودولي لتحقيق هذا الهدف. دارفور هي بُعد خطير ومأساة حقيقية، لكن الأخطر في الملف السوداني هو مسألة العلاقة بين الشمال والجنوب ومصر تعطي جهداً طيباً ونظرة مركزة على هذا الموضوع لأنه أيضاً له تأثيراته على مصر وجوارها.
العلاقات المصرية – القطرية، هل تخطت الهدوء السلبي؟
- لا أعلم ما المقصود بالهدوء السلبي. هي علاقة هادئة بمعنى أنهم يجتهدون وينشطون في مواجهة الكثير من المشاكل التي تواجه الإقليم ويجب أن لا ننسى أن قطر تتولى رئاسة القمة العربية وعليها مسؤوليات، والرئيس مبارك اتصل أكثر من مرة بسمو أمير قطر لكن الزيارات عالية المستوى لم تحدث على مدى عام ونصف عام، وآمل أن تتحرك الأمور نحو تكثيف الاتصال. لا مشكلة لنا مع قطر. المشكلة مع المحطة الممولة قطرياً المسماة «الجزيرة» التي تقوم بالتغطية السلبية لكل ما هو شأن مصري، وأتصور أن المسؤولين عن هذه المحطة إذا عاودوا النظر إلى داخلهم والأسلوب الذي يستهدفون به الشأن المصري سوف يرون أنهم وعلى مدى سنوات لم يتحدثوا عن مصر بكلمة إيجابية. لا يمكن أن تكون مصر كلها سيئات وسلبيات. هي أقوى الدول العربية وتملك أكبر قوة مسلحة عربية. تملك أكبر عدد من السفارات والهيئات الديبلوماسية في الخارج. مصر تحملت الكثير من أجل جمع الشمل العربي، على المستوى الدولي في الأمم المتحدة وفي الوكالات المتخصصة وغيرها. مصر موجودة كي تدافع عن مصالح العرب طبقاً لإمكاناتها وأيضاً طبقاً لحجم التأييد الذي يأتيها من أشقائها، وهي دائماً رأس الحربة، موجودة دائماً لمصلحة العرب.
تعتبرون أن وحدة السودان من ضرورات الأمن القومي المصري، بعد الدوحة هل يتوارى القلق من شبح تقسيم السودان؟
- مصر تنظر إلى أي أرض عربية في إطار الحفاظ على وحدة التراب، بالتالي تؤيد السودان وحكومته وشعبه في السعي إلى الحفاظ على وحدة التراب، ونسعى لتشجيع الجنوب وأهله على اختيار البقاء في إطار السودان الموحد أو البقاء في إطار العلاقة الوثيقة الإطارية بين الشمال والجنوب. نفضل دائماً خيار الوحدة، ولكن للشعب حق تقرير المصير خصوصاً أن القيادة السودانية في الشمال وافقت على حق تقرير المصير، كأحد الخيارات المتاحة وليس الخيار الوحيد. سوف نسعى لمساعدة أهل الجنوب ليتوحدوا مع أهل الشمال. سوف نطالب كل القوى المانحة والقوى الإقليمية والدولية ذات التأثير بأن تسعى لتشجيع الجنوب للحفاظ على وحدة السودان، ولكن إذا انفصل الجنوب نأمل بأن يكون الانفصال سلمياً، ونأمل أن تتاح الفرصة للشعب السوداني في الجنوب، لإقامة مؤسساته وخوض انتخاباته بالشكل الذي يجعله جديراً بالثقة.
ما الذي تتوقعونه من مؤتمر وزراء الخارجية العرب؟ هل تتوقعون دعماً لفظياً للجهود المصرية؟
- الجهود المصرية هدفها هو المصالحة الفلسطينية. الدعم العربي نرحب به ونقدر أن إخوتنا في العالم العربي يقدرون هذا السعي المصري ولكن مصر تنطلق في جهدها من مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية أخذاً في الاعتبار أن الأراضي الفلسطينية في تماس حدودي مع أرض مصر، أي أن مصلحة مصر تفرض عليها هذه المواقف. لا يوجد إلا مصر والأردن اللذان لهما حدود مشتركة مع أراض فلسطينية، هذان الطرفان لهما مسؤوليات محددة والتقدير العربي لتلك المسؤوليات موجود دائماً. المملكة العربية السعودية دائماً تأخذ من المواقف ما يدعم مصر، كذلك تفعل منطقة الخليج. تقريباً هناك فهم كامل من الكثير من الأطراف العربية لهذا الجهد المصري نقدره ونشكره. من يعبر إلى فلسطين يفعل ذلك أما عن طريق مصر وإما عن طريق الأردن. لا يوجد طرف آخر عربي لديه هذا التماس، مع ذلك لا نستطيع أن ننكر إطلاقاً حق الجميع في تقديم المشورة ونستمع إليها ونقدرها.
بسبب هذا التماس، لمصلحة من إرباك الدور المصري الإقليمي؟
- الدور المصري الإقليمي ليس مرتبكاً على الإطلاق وهو واضح يمسك بكل مشاكل هذا الإقليم: مصر موجودة على مسرح القضية السودانية ولا أحد ينكر هذا. موجودة على مسرح القضية الفلسطينية وبقوة. وعلى مسرح القضية اليمنية إذا سميناها القضية اليمنية. مصر رئيسة حركة عدم الانحياز، والرئيسة المشتركة للاتحاد من أجل المتوسط. لديها سياساتها وأولوياتها واهتماماتها، وقد يتصور البعض أن الحركة المصرية المدروسة تحتاج إلى المزيد. مصر لديها أولويات تجاه شعبها وأولويات تجاه التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الأرض المصرية أيضاً، بالتالي هي لا تسعى لإهدار موارد. هي تسعى لشحذ همة الشعب المصري وشحذ همة الشعب العربي، ومصر أيضاً موجودة في القارة الأفريقية بقوة. حيث لديها خمسون سفارة، بالتالي لا معنى للحديث عن ارتباك دورها الإقليمي. نحن ننفذ سياساتنا ولا نخشى هذا الطرف أو ذاك، لدينا علاقات متميزة مع الكثير من الدول العربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية.
وكيف ترى مبررات الكلام عن الدور المصري وتعثره؟
- من يتكلمون عن هذا الدور يبحثون عن قضية. مصر هي التي سعت الى عقد مؤتمر المانحين لفلسطين، بالتالي ما هو المطلوب منها؟ هل يطلبون العودة إلى «قعقعة السلاح» لنكشف عن فاعلية الدور المصري في الشرق الأوسط؟ يجب أن نتجه إلى الاستقرار وإلى السلام. هذا محور السياسة الخارجية المصرية حالياً: السلام والتنمية والاستقرار.
القمة العربية
ما هي حظوظ استكمال المصالحات العربية في قمة طرابلس أواخر الشهر الجاري، على قاعدة المبادرة التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز؟ هل القمة المصرية - السورية واردة على هامش مؤتمر القادة العرب؟
- لا أعلم، ولكن المؤكد أن هذه القمة سوف تشهد محاولات لكسر الجليد والتحرك نحو هدف جمع الشمل العربي، ونأمل أن يتحقق ذلك من خلال الفهم المشترك لما نواجهه من تحديات في هذه اللحظة.
ما هو مستوى قنوات الاتصال بين القاهرة ودمشق حالياً؟
- هناك اتصالات ذات مستوى عالٍ، ولكن يجب ألا أفصح عن محتواها أو القائمين بها. هناك اتصالات ربما أسبوعياً على مستوى عال.
بعد مرور أكثر من سنة على دخول أوباما البيت الأبيض، وشهور على خطابه في جامعة القاهرة، لم يفصح بعد عن مبادرته لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي...
- الرئيس الأميركي مُكبل حالياً بالكثير من المشكلات التي ورثها عن الإدارة السابقة. هناك تحد حاد للولايات المتحدة في أفغانستان، هناك وضع في العراق يفرض على الولايات المتحدة الاحتفاظ هناك حتى هذه اللحظة ب 130 ألف فرد أميركي. هناك أيضاً المشكلة الاقتصادية والمالية والمصرفية الأميركية، ومعارك الداخل الأميركي الخاص بنظام التأمين الصحي، هناك الكثير من القضايا الضاغطة على القرار الأميركي، ومع ذلك رحبنا كثيراً بحديثه في القاهرة، ورحبنا كثيراً بحديث الرئيس أوباما في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما تحدث عن الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال. ويبقى أن تترجم الإدارة الأميركية هذه المواقف إلى عمل يحقق الهدف الذي يتحدثون عنه. حتى الآن نرى بطئاً شديداً في تحقيق هذه الأطروحات ونأمل في المستقبل القريب بدفعه إلى كشف الكثير من المواقف الأميركية في هذا الصدد.
الاستيطان و «النووي» الإيراني
هناك أطروحات تفسر الجمود أو التلكؤ الأميركي في الشرق الأوسط، إزاء التوسع الاستيطاني خصوصاً، بحاجة واشنطن إلى غل يد إسرائيل في معالجة أزمة الملف النووي الإيراني، ما يمنعها من ضرب منشآت إيرانية، خشية عواقب خطيرة.
- هذه رؤية مطروحة ويتحدث بها كثيرون، في المقابل قال بعضهم منذ شهور إن واشنطن سوف تتحرك بالملف الفلسطيني كي تغطي المواجهة المقبلة بين الغرب وإيران. نأمل بأن تحسم الإدارة الأميركية رؤيتها وأن تمضي في طريقها مدعومة من اللجنة الرباعية الدولية. نأمل بأن يتحركوا إلى أمام وأن يحققوا تسوية أو يساعدوا على تسوية فلسطينية تؤدي إلى امتصاص الغضب العربي وامتصاص الغضب الإسلامي وتهدئة خواطر العرب، بالتالي تؤدي إلى مرحلة جديدة من التعاون بين العالم الإسلامي والعربي من ناحية والعالم الغربي من ناحية أخرى لأننا في هذه اللحظة نكتشف الكثير من التحركات العسكرية على أراضي المسلمين، وهذه كلها نتيجة مشكلات نبعت من عدم تسوية القضية الفلسطينية، من هنا دائماً ننصح بالمساعدة في تسوية القضية الفلسطينية حتى نستطيع تغيير «النهج الصدامي».
تسود مخاوف وتكهنات في المنطقة حول موعد «المواجهة الشاملة» التي لوحت بها إيران ثم سورية في حال اعتدت إسرائيل عليهما أو على لبنان و «حماس»، «توازن الردع» الذي تتحدث عنه قوى الممانعة، واقع أم تمن؟
- آمل بألا نصل إلى اختبار للقدرات ونصمم على عدم قيام إسرائيل بأي أعمال عدوانية تجاه سورية أو لبنان. هذا بالنسبة لمصر «خط أحمر» ويجب ألا تستغل إسرائيل الفرصة. نرفض أن تعتدي إسرائيل على سورية، يتحدثون عن سورية بالتالي لبنان. هما دولتان عربيتان ونسعى الى توفير كل ما يحقق مصالح شعبيهما.
نسمع عن ذريعة إسرائيلية تروج لحرب دمار شامل في لبنان بحجة حماية حكومة سعد الحريري ل «حزب الله»؟
- هذا شأن داخلي يجب ألا نتدخل فيه.
إسرائيل تهدد بشن حرب شاملة على لبنان...
- نرفض أي عمل عدواني ضد لبنان وننصح إسرائيل بعدم معاودة الحرب ضده. يجب ألا يستخدم السلاح لمحاولة إنهاء مشكلات لأن العنف لم يكن بحال من الأحوال وسيلة لحل أو مفتاح لحل أي مشكلة.
ماذا عن دعوة الرئيس الإيراني الى العمل على إزالة إسرائيل بوصفها «جرثومة الفساد» كما قال؟
- لا أعلم إذا كان العرب يفكرون في هذا الأمر.
لكن الرئيس الإيراني يعد بالانتصار في حال حدثت مواجهة شاملة...
- آمل ألا تحدث هذه المواجهة الشاملة لأن آثارها سوف تكون ثقيلة على هذا الإقليم الذي عانى كثيراً. دعونا نتحرك نحو السلام. دعونا نسعى إلى تسوية القضية الفلسطينية. دعونا ندفع بالقوات الأميركية خارج العراق. دعونا ندفع بالغرب خارج الإقليم. دعونا نقيم حواراً جاداً بين العالم الإسلامي – العربي من ناحية، والعالم الغربي من ناحية أخرى وأن تكون التسوية الفلسطينية أحد العناصر الرئيسية لهذا الحوار.
هناك من يعتقد بتأخير بت القضاء المصري في قضية خلية «حزب الله» مراعاة لوطأة الظروف الإقليمية؟
- القضاء المصري يعمل في إطار قانوني ولا يأخذ أي اعتبارات سياسية في الحسبان. كثيرون قالوا إن هناك تسوية سياسية، وأقول إن هناك قضاء مصرياً سيحسم الأمر قانونياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.