من الأشياء الملفتة للنظر في التغيرات الطارئة على ثقافة المجتمع، إدمان الناس السفر خارج البلاد في كل صيف، مع بدء إجازات المدارس، حتى صار قضاء الصيف أو بعضه خارج البلاد أمرا لازما للترويح عن النفس، وبات من لا يسافر لقضاء الإجازة يعد غريبا شاذا، واستحكمت عادة السفر للخارج لقضاء الإجازة في نفوس الناس إلى حد أن أضحى غير القادرين ماديا يستدينون أو يبيعون بعض ممتلكاتهم ليوفروا لأنفسهم ما يحتاجون إليه من نفقات السفر الباهظة. هذه العادة لم تكن موجودة قبل نصف قرن تقريبا، وكانت نسبة سفر الناس خارج البلاد لقضاء الإجازة نسبة طبيعية، حيث كان الأغلبية يقضون إجازاتهم داخل بلادهم، رغم ندرة وسائل التبريد في تلك الأيام وقسوة معاناة الحرارة والسموم أو الرطوبة. أما اليوم فإن عادة قضاء الإجارة الصيفية خارج البلاد تبدو مستحكمة في الناس حتى بدا كأن الأصل هو السفر، وأن الاستثناء هو البقاء، وهي عادة تنتشر في بلادنا أكثر منها في أي مكان آخر، عدا دول الخليج المجاورة، إلا أن هذا لا يعني أنه لا توجد مدن أو مصائف محلية جميلة ومريحة، لكن تلك المصائف لم تجد من يدعم الاصطياف فيها، ولو أخذنا الطائف مثالا لوجدنا أنه في فترة السبعينات ومن قبلها كان عدم المصطافين في الطائف أكبر بكثير من الآن، وكانت منطقة الهدى تعج بالقادمين من جدة ومكة وغيرها للتصييف هناك في خيام وبيوت شعر، قبل أن تكون فنادق أو استراحات أو ملاهي ومدنا ترفيهية. ويبدو أن الحماسة للتصييف في الطائف كانت مرافقة لتصييف الحكومة فيها، فمنذ أيام الملك عبد العزيز ولعقود خلت، جرت العادة أن تنتقل الحكومة خلال فصل الصيف إلى الطائف، فكان في انتقالها حافز لانتقال الناس إليها. كانت الطائف مزدهرة ومنتعشة لقضاء الحكومة فصل الصيف فيها. ثم لما تخلت الحكومة عن تلك العادة الصيفية، أهملت الطائف ونسيها الناس وغابت عنهم الحماسة للذهاب إليها. ونموذج الطائف هذا، يؤكد ارتباط انتعاش المنطقة وإقبال الناس عليها بانتقال الجهات الرسمية إليها، كما يؤكد أن دعم السياحة الداخلية يبدأ بالقادة والقدوة، وربما لو تم ذلك في مدن مثل أبها والباحة وبعض المناطق الشمالية أو غيرها لربما أسهمت إسهاما ملحوظا في أن يتبعها الناس ويسيرون على خطاها في الذهاب إلى حيث تكون.. وقديما قبل: يسقط الطير حيث يلتقط الحب. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة