** كان السفر إلى خارج البلاد للتصييف يكاد يكون نادراً وكان أكبر طموح للقادرين مادياً السفر إلى القاهرة.. أو إلى بيروت والشام.. وتكاد تُعد على أصابع اليد الواحدة الأسر التي تفعل ذلك وكان الأقل امكانيات من هؤلاء يقضون فصل الصيف اللافح في بساتين الطائف طيبة الذكر وفي المدينةالمنورة في الخروج إلى بساتين العوالي.. وقربان وقباء والعيون.. والزهرة.. تلك البساتين الغنية بزروعاتها وبنخيلها.. وألوان وأشكال فاكهتها التي لا تشبهها فاكهة طعماً ولا مذاقاً ابتداء من ألوان الرطب المتعدد الأشكال والأحجام والطعم أيضاً.. إلى حبات "الحماط" والرمان.. والعنب بنوعيه "الحجازي" وهو كبيرة حبته و "الشريفي" الرقيق في قشرته واختلافه في شكله فإذا كانت حبة - الحجازي - مدورة فإن حبة الشريفي بيضاوية وترى في وسطه حبات "بذره"، وكان بعض الأسر "يشترون" صيف بعض هذه البساتين أي ما "تغله" من منتوجات صيفية ما عدا الخضروات فهذه لصاحب البستان.. وتتحول تلك البساتين في ليالي الصيف إلى أمسيات فرح.. عندما يذهب أصدقاء وجيران من "أخذ" صيفاً إليه في بستانه المؤقت لقضاء بعض الأيام معهم دون أن يتبرم بهم. ما تصالح عليه بالربيع العربي بهذه الثورات لم يجعل الكثيرين يحبذون الذهاب إلى تلك البلدان التي مرَّ بها ذلك الربيع. لقد كانت تلك البساتين.. طيبة الذكر مثل سواله والهرميه.. والعهن.. والبدرية والصفيه والدوار والبوعي.. والمراغة .. أو الجوعانية والاسعدية في العيون.. وغيرها من البساتين التي غابت عن الوجود ولم يعد لها أثر هي أماكن "التصييف". اليوم تحول "التباري" بين الأسر في المكان الذي تقضي فيه صيفها .. فقد تغيرت الأماكن من البلاد العربية إلى الأوروبية غرباً.. وشرقاً. إنه زمن "الدوار" الذي يلف رؤوسنا بسرعته الفائقة في الدوران فلم نعد نعرف أين نضع أقدامنا؟!!..