كنا بدوا دائمي الترحال، ننصب بيوت الشعر حيث يوجد الماء والمرعئ لمواشينا. ونعتمد في إفطارنا وسحورنا على الحليب، السمن، التمر وخبز الصاج . نخلد للنوم مبكرا، ولا مكان للسهر في قاموسنا. أطلق ذيب نايف الرويس، من أهالي شمالي الطائف، زفرة عميقة وواصل حديثه عن ذكرياته الرمضانية قائلا: كان رمضان يتزامن أحيانا مع عز الصيف في وقت لم تكن فيه وسائل تكييف للهواء. ونتدثر في موسم الكنة بالشراشف المبللة بالماء لنتقي من حرارة الجو. في الماضي كان الأقارب حينما يقترب الشهر الفضيل ينصبون خيامهم على مسافات متقاربة لكي يجتمع الرجال كل ليلة على مائدة إفطار أحدهم، بينما تفطر النساء في خيامهن. وفي ليلة آخر شعبان يتحلقون حول الراديو لتحين دخول رمضان. ولم يكن يتغير أي شيء في برنامجهم اليومي غير مواعيد الوجبات. فقد كانوا ينامون عقب صلاة العشاء مباشرة ليستيقظوا بعد منتصف الليل لتناول السحور. وعقب صلاة الفجر لا يعودون للنوم ثانية كما يفعل الكثيرون هذه الأيام. ويبدأون يومهم بمتابعة أغنامهم وإبلهم. وبعد قيلولة قصيرة عند الظهيرة تعد النساء الإفطار، في حين يختص الرجال بإعداد القهوة. التقط طرف الحديث صالح العتيبي مشيرا إلى أن سحورهم في الغالب كان كبسة اللحم. وأضاف رغم أننا كنا نعيش حينذاك في ظروف صعبة ونعاني كثيرا من الظمأ في نهار رمضان خاصة عندما يكون الجو حارا، إلا أن تلك الأيام كانت جميلة، ولا يمكن أن ننساها أبدا. ومن أجمل العادات الرمضانية التي لا تزال عالقة في الأذهان رغم اندثارها تناوب الأقارب في إعداد مائدة الإفطار ليفطروا مجتمعين كل يوم، مما يقوي أواصر المودة بينهم. وكانوا يتفادون الترحال والسفر في رمضان لوعورة الطرق وقلة السيارات. ويستغرب العتيبي سهر الشباب هذه الأيام حتى الصباح لمشاهدة المسلسلات والبرامج التلفزيونية، ومن ثم ينامون خلال النهار حتى أذان المغرب.