سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الصوم .. لا يؤثر على جودة النوم ولا يسبب زيادة النعاس خلال النهار ! تغير نمط ومواعيد ونوعية الأكل الفجائية قد ينتج عنه زيادة عمليات إنتاج الطاقة (الأيض)
يصادف شهر رمضان هذا العام توافقه مع الإجازة الصيفية وهو أمر لم نعهده منذ سنين وهذا من وجهة نظري سيعقد التغيرات التي تحدث في نوم الصائمين خلال شهر رمضان. فالصائمون هذا العام سينقسمون إلى قسمين قسم من الشباب وهم يتمتعون بالإجازة الصيفية والمتوقع أن أكثرهم سيقضي الليل في السهر وينام بعد وجبة السحور وصلاة الفجر والنوع الآخر هم الموظفون الملتزمون بدوام ثابت حتى وإن تأخر موعد بدء الدوام إلا أن عليهم الاستيقاظ صباحا للذهاب إلى العمل وهذا يعني أن العائلة الواحدة وفي البيت الواحد ستنقسم إلى فريقين فريق يحاول السهر والآخر يطلب بعض النوم لالتزامه بموعد استيقاظ محدد وفي الغالب فإن الفريق الذي يفضل السهر تكون كلمته هي الأعلى في النهاية ويسود السهر في أغلب منازلنا في شهر رمضان. وقد قمنا بإجراء بعض الأبحاث على النوم في شهر رمضان وأرى أنه من المناسب مشاركة القراء في نتائجها في هذا الوقت من العام. يرتبط شهر رمضان في ذهن الكثير من الناس بالسهر ليلا والنوم نهارا. وهذا النمط من الحياة يختلف من بلد مسلم لبلد آخر حيث يبدو أن العادات السائدة في المجتمع تؤثر على نمط حياة الفرد خلال الشهر الكريم. من ناحية أخرى فإن التغير السريع في نمط تناول الطعام من النهار إلى الليل (الصوم خلال النهار والإفطار في الليل) يصاحبه بعض التغيرات العضوية (الفسيولوجية) في الجسم. والسؤال المعتاد سماعه، هل يؤدي الصيام خلال شهر رمضان إلى زيادة النعاس والنوم؟ للإجابة على هذا السؤال نحتاج إلى بعض التفصيل حيث يجب التفريق بين تأثير الصوم على فسيولوجية الجسم وبين تأثير تغير نمط الحياة خلال شهر رمضان وتأثير ذلك كله على النوم. كيف يؤثر تغير نمط الحياة خلال رمضان على النوم؟ يرتبط شهر رمضان لدى الكثير بالسهر خلال الليل. وتحدث تغيرات في نسق حياة المجتمع ككل مما يساعد على السهر خلال الليل. فساعة بدء الدوام تتأخر خلال رمضان وتنشط المحلات التجارية حتى ساعة متأخرة من الليل وكذلك القنوات الفضائية وتكثر اللقاءات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء بين الأقارب والأصدقاء حتى ساعة متأخرة من الليل. وينتج عن السهر نقص حاد في عدد ساعات النوم خلال الليل لدى البعض مما قد يسبب الخمول والنعاس وتعكر المزاج خلال النهار. وقد وجدنا في دراسة أجريناها على طلاب كلية الطب (عينة مكونة من 56طالباً وطالبة) أنه لا يوجد اختلاف في مجموع ساعات النوم التي ينامها الطالب خلال شهري شعبان ورمضان فقد نام الطلاب نفس عدد الساعات خلال شهر شعبان والثلاثة الأسابيع الأولى من رمضان. ولكن الاختلاف كان ظاهرا وجليا في مواعيد وقت النوم والاستيقاظ. فقد تأخر وقت النوم لدى الطلاب من الساعة 3011مساء إلى حوالي الساعة الثالثة فجرا خلال الأسبوع الأول من رمضان واستمر هذا التغير في الأسابيع التالية وتأخر وقت الاستيقاظ من الساعة 306صباحا إلى الساعة 458صباحا خلال الأسبوع الأول من رمضان والساعة 159صباحا في الأسبوع الثالث من رمضان. ولم يصاحب ذلك تغير في عدد أو مدة الغفوات خلال النهار. والمفارقة أنه بالرغم من حصول الطلاب على نفس عدد ساعات النوم فإنهم كانوا يشتكون من زيادة حادة في النعاس خلال نهار شهر رمضان وهذا قد يعزى إلى احتمالات منها: التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، احتمال وجود تغيرات فسيولوجية مصاحبة للصيام كتغير إفراز هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الصوم، أو احتمال وجود بعض العوامل النفسية أو تغير المزاج التي تصاحب الصيام وتؤثر على النوم. وتبقى كل الاحتمالات السابقة نظرية وتحتاج إلى تأكيد. هل تحدث تغيرات فسيولوجية تؤثر على النوم خلال الصيام؟ هناك بعض العوامل التي قد تؤثر على فسيولوجية النوم خلال الصيام. فتغير نمط ومواعيد ونوعية الأكل الفجائية من النهار إلى الليل قد ينتج عنها زيادة عمليات إنتاج الطاقة (الأيض) خلال الليل مما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم خلال الليل. ففي العادة تنقص درجة حرارة الجسم حوالي نصف درجة مئوية قبل النوم مما يساعد على النوم ولكن نتيجة لزيادة الأكل في رمضان خلال الليل قد ترتفع درجة حرارة الجسم مما قد يؤدي إلى زيادة النشاط وعدم الشعور بالنوم خلال الليل. ويتبع ذلك خلال الصيام انخفاض درجة حرارة الجسم أثناء النهار والشعور بالنعاس أو بصورة مبسطة تغير الساعة الحيوية في الجسم. وهذه إحدى النظريات المطروحة عن علاقة الصوم بالنوم ولها ما يدعمها من الدراسات. ولكن هذه النظرية لم تتطابق مع بحث أجريناه حديثا على مجموعة من المتطوعين الأصحاء حيث لم نجد أي اختلاف في النظام المعتاد لدرجة حرارة الجسم بين شعبان ورمضان كما أننا لم نجد أي تغير مهم في النظام (الإيقاع) اليومي لإفراز هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الشهر الكريم. كما أن دراسات وقياسات النوم الموضوعية في المختبر لم تظهر أي تغير في جودة النوم خلال شهر رمضان. وبالرغم من شعور الصائمين بالنعاس خلال النهار إلا أن القياسات الموضوعية لزيادة النعاس في المختبر لم تظهر أي زيادة في النعاس خلال شهر رمضان عند حصول الصائم على نوم كاف خلال الليل. لذلك وبناء على الدلائل المتوفرة من الأبحاث يبدو أن الصوم في حد ذاته لا يؤثر على جودة النوم ولا يسبب زيادة النعاس خلال النهار. وأن التغيرات التي تحدث في النوم خلال شهر رمضان قد يكون مردها إلى تغير نمط الحياة خلال شهر الصوم. من ذلك تتركز النصائح للصائمين خلال الشهر الكريم على الانتظام في نمط الحياة اليومي وعدم التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ فنوم النهار لا يغني عن نوم الليل. لذلك ينصح القارئ الكريم بالحصول على ساعات نوم كافية خلال الليل والحصول بعد ذلك على غفوة قصيرة خلال النهار إن أمكن. كما أن الإفراط في الأكل خلال الليل وبالذات قبل النوم يؤدي إلى اضطراب النوم وزيادة ارتداد الحمض إلى المرىء مما يؤثر على جودة النوم. وتزداد أهمية ما سبق ذكره في حق الأطفال حيث يجب على الوالدين مراعاة حصول أطفالهم على نوم كاف خلال شهر رمضان.