بعد ليلة طويلة من إتمام السهر على جهاز الكمبيوتر والتنقل عبر المواقع الشبابية أغلقت «إلهام» الفتاة البالغة من العمر 19 عاماً جهازها الساعة السادسة صباحاً، في وقت كانت أسرتها قد استغرقت في نومها بعد تناول وجبة السحور وأداء صلاة الفجر جماعة؛ لتقوم بكسل إلى سريرها وترمي بجسدها المتعب في نوم طويل لم تفق منه إلاّ قبل صلاة المغرب بنصف ساعة، لكنها لم تنس بعد ذلك النوم الطويل أن تنوي بأن تؤدي مافاتها من أوقات الصلاة؛ فقررت أن تجمع صلاة الظهر والعصر، ثم تصلي صلاة المغرب التي لم يتبقى عليها سوى دقائق معدودة.. لكنها جلست قليلاً أمام التلفاز حتى تخرج من دائرة النعاس «تصحصح»، فيما انشغلت الأم بترتيب سفرتها الرمضانية بعد أن طلبت من أبنتها أن تقوم بغسل يديها استعداداً لوجبة الإفطار، وبعد أن أعلن المؤذن دخول صلاة المغرب كانت «إلهام» أول من تربع على مائدة السفرة، ويبدو أنها قررت جمع الصلاتين الغائبتين مع صلاة المغرب الحاضرة، فيما راحت الأم تسكب إليها كأس اللبن وهي تعلق: أشربيه كله فأنت صائمة طوال النهار والجسم يحتاج للغذاء.. دون أن تتنبه لغذاء الخلق والروح الذي غاب لدى «إلهام». ويؤدي البعض فريضة الصيام لكنه ينسى أو يتناسى بأنه لا صيام دون صلاة، فالصلاة عامود الدين، وبها تتم العبادات، فيمسك البعض عن الطعام والشراب في نهار رمضان وينام طوال النهار حتى آذان المغرب فيعتقد بأنه أتم صيامه، وتخلص من الشعور بالجوع والعطش بنومه المتواصل، دون أن يفكر بأن في الصيام قيم أخلاقية لابد أن تهذب المرء وترقى بمستوى تعاطيه مع خالقه، ولابد أن تعلمه أولاً الصبر على إتمام العبادات والخجل من الله.. فكيف تؤدي فريضة الصيام وأنت تاركا أو مهمل لصلاتك وهي «العهد»؟. إن في الصيام سبيل جميل لتغيير العادات السيئة التي أعتدنا على اقترافها في غير رمضان، وفي هذا الشهر وسيلة جيدة لمحاولة التغلب على عادات غير منطقية كالنوم لساعات طويلة في النهار، فيضيع من يفعل ذلك عليه متعة حقيقية في الصيام؛ ليس فقط لأنه يؤدي صلاته ويصوم، بل لأنه في حالة تعبد وانسحاب عميق إلى الله. إن للوالدين مسؤولية كبيرة في توجيه أبنائهم خاصة المراهقين على آداء صلاتهم في وقتها، مع إتمام فرص الصيام، وكما يخطئ الأبناء في ممارسة تلك العادات السيئة في رمضان يخطئ الآباء بتغافلهم عن توجيه أبنائهم. صح النوم: أنت في رمضان.. ولاصيام دون صلاة. وخزة: من أكبر التناقضات أن تصوم لأنك تستحي من الناس ألا تفعل.. لكنك لا تستحي من الله أنك لا تصلي