شعب يحمل في قلبه قيماً عريقة، من بينها قيمة الحب والكراهية، لكن هل يمكن للإنسان أن يعيش بلا ميول قلبية؟ هذا ما يجعلنا نتأمل في طباع السعودي، الذي إن لم يُحب، لا يكره. السعودي، بطبعه إنسان يحمل في قلبه مشاعر عميقة، لكنه يمتاز بنوع من الاعتدال في التعامل مع هذه المشاعر، وليس من الشائع أن تجد شخصاً يُعبر عن كراهية صريحة، بل هو أقرب إلى من يتجنب الكراهية بقدر ما يمكن، هذا ليس بسبب عدم وجود مشاعر سلبية، بل بسبب تربية وثقافة تعلمت أن الكراهية هي نار تحرق صاحبها قبل أن تصل إلى غيره. في المجتمع السعودي تُعلم الأجيال منذ صغرها أن الحب هو الأساس، وأن الكراهية هي استثناء يجب التعامل معه بحكمة، هذا لا يعني أن الناس لا يغضبون أو لا يشعرون بالإحباط أو (الحميّة)، بل إنهم يتعاملون مع هذه المشاعر بطريقة تحافظ على التوازن النفسي والاجتماعي، ويُقال إن السعودي إذا لم يجد الحب في قلبه لشخص ما، فإنه لا يملأ هذا الفراغ بالكراهية، بل يتركه خالياً، مفضلاً اللامبالاة على الحقد. هذا النهج ليس مجرد فلسفة حياة، بل هو جزء من الهوية الثقافية السعودية التي ترسخت عبر العصور في القبائل القديمة، كان الاعتدال في العواطف ضرورة للحفاظ على السلام الاجتماعي في مجتمعات تعتمد على التعاون والتضامن. اليوم، نجد هذا المبدأ يتجلى في كيفية تعامل السعوديين مع بعضهم البعض، حيث يُفضلون حل الخلافات بالحوار والتسامح بدلاً من الانغماس في دوامة الكراهية. لكن هل هذا يعني أن السعودي لا يعرف الحب؟ بالطبع لا.. الحب في ثقافتهم هو شعور عميق، يُعبر عنه بالفعل أكثر من القول، الحب للأهل، للوطن، للأصدقاء، هو جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية. ولكن حتى في الحب، يوجد نوع من الاعتدال، حيث لا يُسمح للمشاعر بأن تفقد الإنسان عقله أو توازنه. السعودي إن لم يُحب، لا يكره، هو تعبير عن فلسفة حياة تسعى للاعتدال والتوازن وهذا النهج ليس مثالياً في كل الحالات، لكنه يعكس رغبة عميقة في الحفاظ على السلام الداخلي والخارجي في عالم يمتلئ بالتطرف والانقسامات، يبقى هذا المبدأ درساً يستحق التأمل والتعلم منه.