في عالمنا الكثير من المشاعر التي نعجز عن إيجاد تفسير لها. يرهقنا ويشتت أفكارنا، فنمضي من بداية اليوم حتى آخره نتأمل تلك المشاعر الموجعة، ولا نعرف لها علاجًا إلا بالوصل. لا نستطيع أن نصفها؛ فهي شعور؛ كالفرح والحزن والاشتياق.. وما أدراك ما الإشتياق..! شعور أعمق وأوجع من الشوق..! الألم الناتج عن الإشتياق هو شعور عميق يمزج بين الحزن والحنين، كأنه غصة في القلب لا تزول، هو شعور بالخواء الداخلي، حيث يبدو وكأن جزءًا منك مفقود، وتبقى مستمرًا في البحث عنه في كل لحظة. في سياق الحب، غالبًا ما يكون الشوق هو الصفة الأكثر إيلامًا، لأنه يعكس غياب الشخص الذي نحبه. يتجسد هذا الألم في لحظات الانتظار الطويلة، وفي الذكريات التي تلاحقك دون رحمة. لرائحة، لإبتسامة، لمكان وزمان .. مثل نار هادئة تشتعل داخلك، لا تحرقك تمامًا لكنها تؤلمك باستمرار، كلما حاولت أن تتجاهلها، تجد نفسك مشدودًا نحو من تشتاق إليه، كأن روحك تتوق للقاءه. إنه ألم يجعلك تعيد ترتيب كل لحظاتك، وتملأ عقلك بالتساؤلات: متى، كيف، ولماذا؟ ربما خير من يجسد تلك المشاعر الشعراء وأصحاب الوصف والتمثيل في تجسيد اللاشعور وترجمته لقصائد تنجح في وصف تلك المشاعر. الحب هو أحد أكثر المشاعر تعقيدًا وجمالًا في حياة الإنسان. يُقال إن الحب هو القوة التي تُحرك العالم، ولكنه في الوقت نفسه، يمكن أن يكون السبب وراء أعمق المشاعر ألماً. من الصعب تخيل الحب دون وجود الشوق، هذا الشعور يظهر بقوة عندما يكون الحبيب بعيدًا، سواء كان ذلك بسبب الظروف أو الفراق. فهو يمثل العلاقة العميقة بين الحبيب والمحبوب، حيث يكون القلب متعلقًا بتلك اللحظات الجميلة التي قضياها معًا، ويظل يحنّ إلى تكرارها. لكن، ماذا لو كان الشوق يُثقل كاهل القلب ويجعل الحياة مليئة بالألم؟ كيف يمكن للإنسان أن يتعلم أن يحب دون أن يشتاق؟ هل يمكن أن نصل إلى حالة من الرضا والسلام الداخلي تجعلنا نتجاوز الألم الذي يسببه؟ بين الحضور والغياب يكون الدرس الأكبر في التوازن بين الاحتفاظ بالذكريات الجميلة والقدرة على المضي قدمًا في حياتنا دون أن يسيطر علينا الشوق بشكل يعوق سعادتنا. الغياب لا يعني نهاية جمال تلك اللحظات، في الحقيقة قد يكون الغياب سببًا في تقوية المشاعر وإعطائنا الفرصة لتقدير ما لدينا بشكل أفضل. الحب الذي لا يتطلب الشوق، ليس حبًا حقيقيًا نحن نحب الآخر ليس فقط بسبب وجوده، ولكن بسبب التأثير الذي تركه في حياتنا. لنتعلم أن نجد السعادة في الحاضر، دون أن نثقل قلوبنا بالحنين المستمر. ليس فقط لمحبوب يكْملُ نصفنا، ربما يكون لأم، لأب لاخ غائب واخت غيبها الموت.. وكما قال نزار قباني: اشتقت إليك فعلمني أن لا أشتاق علمني كيف أقص جذور هواك من الأعماق علمني كيف تموت الدمعة في الأحداق علمني كيف يموت الحب وتنتحر الأشواق.. بقلم/ حصة الزهراني ماجستير في العلاقات العامة والإتصال المؤسسي- وزارة التعليم