لا يزال الخوف من سلالة دلتا (الهندية سابقاً) يهدد أماكن عدة في العالم، خصوصاً المملكة المتحدة، حيث أعلنت السلطات الصحية أمس (الثلاثاء) أن هذه السلالة المتحورة وراثياً من فايروس كورونا الجديد أضحت غالبة في 200 من مناطق إنجلترا، أي أكثر من 58% من أرجاء كبرى مقاطعات المملكة المتحدة، وهي إنجلترا، وويلز، وأسكتلندا، وآيرلندا الشمالية. وأظهرت أرقام وزارة الصحة أمس أن سلالة دلتا مسؤولة عن أكثر من نصف عدد الإصابات في ثلثي أرجاء إنجلترا خلال الأسبوعين المنتهيين في 29 مايو الماضي. وهو ما يمثل ضعف عدد الإصابات الجديدة خلال الأسبوع الذي سبقهما، حين كانت «دلتا» تهيمن على 102 من مناطق إنجلترا. وهذا أيضاً أكبر ثمانية أضعاف مما كان عليه الوضع الوبائي في بداية مايو، حين كانت «الهندية» تهيمن فقط على 23 من مناطق إنجلترا الإدارية. وفي لندن غدت «دلتا» السلالة المهيمنة على الإصابات في جميع أحياء العاصمة البريطانية، باستثناء أحياء غرينيتش، وهافرينغ، ووالتام فورست. وأشارت إحصاءات حكومية أمس إلى أن 283 من المجالس المحلية البالغ عددها في بريطانيا 380 منطقة شهدت زيادة في عدد الإصابات خلال الأسبوع المنتهي في 2 الجاري. وأعرب وزير الصحة مات هانكوك الليل قبل الماضي عن اعتقاده بأن السلالة الهندية أقدر على التفشي بنسبة 40% من سلالة كنت البريطانية التي انعقدت لها الهيمنة على المشهد الوبائي البريطاني قبل غزو السلالة الهندية. وزادت تلك الأرقام والمخاوف القلق من أن يؤدي ذلك كله إلى تأجيل تحرير بريطانيا من جميع ما بقي من قيود الإغلاق، بحلول 21 الجاري. لكن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قال مساء (الإثنين) إنه لا يوجد شيء في البيانات حتى الآن يشير إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى تأجيل «يوم الحرية». وأكدت مصادر حكومية متطابقة أن الحكومة لن تتخذ قراراً بهذا الشأن حتى تقف على البيانات التي ستصدر في 14 يونيو الجاري، أي قبل أسبوع من «يوم الحرية» المرتقب. وتم حتى الآن تطعيم 40.4 مليون بريطاني بالجرعة الأولى على الأقل من اللقاحات المتاحة ضد كوفيد-19. وأعلنت السلطات أمس الأول فتح الباب أمام أي شخص يزيد عمره على 25 عاماً للحصول على اللقاح. غير أن صحف لندن ذهبت أمس (الثلاثاء) إلى أن أعضاء مجلس الوزراء البريطاني منقسمون في شأن التدابير الوقائية التي يتعين إبقاؤها بعد تحرير بريطانيا من الإغلاق. ورجحت أن التحرير سيؤجل بنحو أسبوعين، بسبب التحذيرات المتواصلة من العلماء البريطانيين من مغبة تعجل إزالة الإغلاق. ويرى وزراء أنه ينبغي أن يكون انعتاق الاقتصاد هو الباعث الأول لأي سياسة بشأن التحرر من القيود الصحية. وذكرت «ديلي ميل» أن وزيري الصحة هانكون، وشؤون مجلس الوزراء مايكل غوف يرون أنه ينبغي التحفظ والحذر، بينما يرى وزيرا الخزانة ريشي سوناك، والنقل غرانت شابس أنه يتعين عدم تأخير «التحرير». ونسبت «التايمز» أمس إلى مصدر في مجلس الوزراء قوله إنه يتوقع تأخير «يوم الحرية» فترة تراوح بين أسبوعين وشهر. ويرى دعاة التعجيل بالتحرير أنه على ارتفاع عدد الإصابات الجديدة في إنجلترا بنسبة 68% عن الأسبوع الماضي، إلا أن تلك الزيادة لم تؤد إلى ارتفاع في عدد المنومين في المستشفيات، ولا إلى حدوث وفيات بكوفيد-19. وأشارت «التايمز» أمس إلى أن كبير أطباء الحكومة البروفيسور كريس ويتي، وكبير علمائها سير باتريك فالانس متحفظان على التعجيل بإزالة القيود الصحية. ويريان أنه على رغم تسارع حملات التطعيم، إلا أن اللقاح فشل في توفير حماية بنسبة 100%، في أتون مخاوف جمة من قدرة السلالة الهندية على التفشي السريع. ومن المقرر أن يلقي جونسون خطاباً الإثنين القادم، يعلن فيه ما إذا كانت حكومته ستمضي قدماً في مخطط التحرير، حتى لو كانت البيانات المرتقبة ستشير إلى أن الأمور تشير في الاتجاه الخاطئ. وفي الهند، تنفست السلطات والشعب الصعداء للمرة الأولى أمس، بعدما تم تسجيل أقل من 100 ألف إصابة جديدة للمرة الأولى من 6 أبريل الماضي. فقد أعلنت الحكومة رصد 86498 إصابة جديدة الثلاثاء، إلى جانب 2123 وفاة إضافية، ارتفعت بالعدد إلى 357344 وفاة. وارتفع عدد الإصابات التراكمي في الهند أمس إلى 29 مليون إصابة. أعرب أطباء هنود عن قلقهم من خطورة سلالة دلتا الهندية، التي قالوا إنها تحدث مضاعفات لم يروها خلال الموجة السابقة من هجمة السلالة العادية من فايروس كورونا الجديد. وأوضحوا أن ثمة حالات متزايدة لمصابين فقدوا حاسة السمع، وأصيب بعضهم باضطرابات معوية حادة، وبجلطات أدت إلى حدوث غرغرينا موجبة لبتر الأعضاء. وقال أطباء في إنجلترا وأسكتلندا- بحسب بلومبيرغ- إن السلالة الهندية المهيمنة حالياً على المشهد الصحي في بريطانيا تتسبب في ارتفاع حالات التنويم بالمستشفيات. وانتشرت سلالة دلتا في أكثر من 60 بلداً خلال الأشهر الستة الماضية. وأسفر ذلك عن حظر السفر في دول عدة. وقد يؤدي انتشارها إلى تأجيل تحرير بريطانيا من تدابير الإغلاق المقرر في 21 يونيو الجاري. ونسبت بلومبيرغ إلى استشاري في طب الأمراض المُعدية بمستشفى أبوللو بمدينة شيناي الهندية يدعى عبد الغفور قوله إنه بدأ يرى مزيداً من مرضى كوفيد المصابين بالإسهال الحاد، وهو أمر لم يكن له وجود خلال الموجة الأولى. وقال: السنة الماضية اعتقدنا أننا عرفنا الكثير عن عدونا الجديد، لكنه تغير، لقد أضحى الفايروس شيئاً لا يمكن التنبؤ به. وقال ستة أطباء في الهند إن من أعراض كوفيد الجديدة آلام المعدة، والدوار، والقيء، وفقدان الشهية، وفقدان السمع، وآلام المفاصل. وقالوا إن هذه الأعراض لا توجد لدى المصابين بسلالتي «بيتا» (الجنوب أفريقية)، و«غاما» (البرازيلية).