يكسب الرهان على دور حاسم للقاحات في دحر جائحة كورونا زخماً يتزايد مع مرور كل يوم، على رغم عودة الإصابات الجديدة للارتفاع في بعض أرجاء العالم، خصوصاً دول القارة الأوروبية. وفي أتون تفشي السلالات المتحورة من فايروس كورونا الجديد، التي يبدو أن اللقاحات المتاحة قادرة على كبحها؛ انعقد إجماع وسط العلماء على أن تردي الأزمة الصحية في تلك الدول يعزا أساساً لتعجلها تخفيف التدابير الوقائية، من دون تريث أو حكمة. وفي بريطانيا، حيث عاد الطلاب إلى مدارسهم أمس (الإثنين)؛ حذرت مسؤولة الصحة العمومية في إنجلترا الدكتورة سوزان هوبكنز أمس، من أن الشتاء القادم ربما يكون شديد الوقْع على بريطانيا. وبررت تحذيراتها بالإشارة إلى المخاوف من تزايد تفشي السلالات المتحورة القادمة من الخارج، ومن احتمالات تفشي وباء الإنفلونزا الموسمي، الذي لم يجد فرصته المعتادة هذا الشتاء، بسبب اضطرار السكان إلى ملازمة بيوتهم، امتثالاً لسياسات الإغلاق. ورجحت أن السكان سيكونون أقل مناعة ضد الإنفلونزا، لأنهم لم يتعرضوا لأي فايروس تنفسي طوال أزمة تفشي فايروس كوفيد-19. وقالت إن تلك المخاوف توجب الحذر، والاستعداد لما أسمته أسوأ السيناريوهات. وكانت بريطانيا فتحت الأسبوع الماضي الباب لتطعيم السكان الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً. وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون إنه يتطلع الى موعد فرصته في التطعيم، إذ إنه ضمن هذه الشريحة من العمر. وأكد وزير الصحة البريطاني مات هانكوك الليل قبل الماضي، أن اثنين من كل خمسة بالغين في بريطانيا حصلوا على اللقاح. وأشارت رويترز أمس الأول، إلى أن دراسة أجرتها جامعة أكسفورد أثبتت قدرة لقاح أسترازينيكا الإنجليزي على تدمير السلالة البرازيلية من الفايروس، التي يخشى من أنها تستطيع أن تبطل فعالية اللقاحات. ويتوقع أن تنشر الدراسة في مجلة علمية في وقت لاحق من الشهر الجاري. وعلى صعيد ذي صلة؛ تجدد الحديث أمس في بريطانيا عن دور يمكن أن يلعبه عقار ستاتن، الذي يوصف لخفض كوليسترول الدم، في معالجة كوفيد-19. وكان نشر العام الماضي تقرير يؤكد أن الستاتن يمكن أن يحول دون وفاة المصاب بكوفيد-19. وذكرت دراسة أجراها علماء جامعة كولومبياالأمريكية الأسبوع الماضي، أن عقار ستاتن أدى فعلياً إلى منع وفاة عدد من المصابين الذين تمت مراقبتهم في غرف العناية الفائقة. ويعتقد أن ذلك يعزا، في جانب منه، إلى قدرة الستاتن على منع حدوث الالتهابات، وهي السبب الرئيسي في وفاة مصابي كوفيد-19، من جراء الالتهابات التي تصيب الأوعية الدموية والرئتين والقلب بسبب الفايروس. وفي تطور آخر، أعلنت شركة ريدجينك بيوثيرابيوتيكس أن دواء ابتكره علماؤها، ويجري تصنيعه بالتعاون مع شركة ميرك الدوائية العملاقة، لمعالجة كوفيد-19 أظهر نتائج جيدة جداً. وأوضحت أنها انتقلت أخيراً إلى المرحلة الثانية من التجارب السريرية على الدواء المضاد للفايروس، الذي سمته مولنابيرافير. وأشارت إلى أن الغرض من التجارب الجارية هو معرفة مأمونية العقار الجديد، وقدرته على إزالة الأحمال الفايروسية المتأتية من الإصابة بكوفيد-19. وعلى صعيد اللقاحات، قال باحثون في روسيا أمس الأول، إن لقاح سبوتنك الروسي المضاد لفايروس كورونا الجديد أظهر فعالية كبيرة ضد التحورات الجديدة للفايروس، خصوصاً السلالتين البريطانية والجنوب أفريقية. كيف يكتشف الخبراء السلالات المتحورة ؟ يقوم الخبراء بأخذ عينات من الفايروس من المصابين بكوفيد-19 لمعرفة ما إذا حدثت فيها أي تحورات وراثية، من خلال ما يعرف بتسلسل الجينوم. وهي الطريقة نفسها التي ظل العلماء يستخدمونها منذ سنوات لدراسة أصناف البكتيريا، والنباتات، والحيوانات، والبشر. وقد استطاعوا حتى الآن التمكن من معرفة أكثر من 500 ألف تسلسل جينومي لفايروس كورونا الجديد. ويقوم الفايروس عادة بإحداث تحور في تركيبته الوراثية أثناء قيامه باستنساخ نفسه بعد اقتحامه خلايا جسم المصاب. ويقول العلماء إن معظم التحورات التي تحدث لا قيمة لها. غير أن بعضها يكسب الفايروس المتحور خاصية الانتشار السريع، أو الفتك الشديد، أو مقاومة اللقاحات والأدوية. ويبدو أن العلماء يشعرون بقلق شديد حالياً من ثلاثة تحورات؛ وهي السلالات البريطانية، والجنوب أفريقية، والبرازيلية. ويعتقد أن بريطانيا هي الأكثر قدرة عالمياً على فحص التسلسل الجينومي للفايروس كوفيد-19، إذ إنها تفحص نحو 10% من العينات التي ثبتت إصابتها بالفايروس، في حين أن النسبة لا تتعدى 1% في الولاياتالمتحدة.