دافعت بريطانيا أمس مجدداً عن قرار علمائها تمديد الفاصل الزمني بين جرعتي اللقاح، بذريعة أن ذلك سيتيح لها تطعيم أكبر عدد ممكن من سكانها، لمنع تفشي فايروس كورونا الجديد. وقال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك لشبكة «سكاي نيوز» إن هناك ثقة كبيرة في أن الجرعة الأولى من اللقاح توفر «فعالية محترمة» ضد الإصابة بالفايروس. وشدد على أن الهدف من القرار هو تسريع حملة التطعيم في أرجاء الجزر البريطانية. وكان القرار البريطاني محل انتقاد من العلماء في دول عدة. بيد أن الوضع تبدل بين ليلة وضحاها! فقد أعلن عدد متزايد من الدول أنها ستعيد النظر في الفاصل الزمني بين إبرتي اللقاح الذي حددته الشركات المنتجة للقاحات، خصوصاً بعدما اشتد تواتر الأنباء عن أن السلالات الجديدة من فايروس كورونا الجديد أكثر سرعة في التفشي من السلالات السابقة. وفيما ارتفع عدد جرعات اللقاح المستخدمة في العالم أمس ليصل إلى أكثر من 63 مليون جرعة، في 56 بلداً؛ تعاني حملات التطعيم في عدد من الدول عراقيل كبيرة، من جراء تضاؤل الإمدادات؛ خصوصاً عقب إعلان شركتي فايزر الأمريكية وأسترازينيكا البريطانية أنهما لن تستطيعا الوفاء بالطلبيات الأوروبية، لأسباب تتعلق بالطاقات الإنتاجية لمصانعهما. وأعلنت فرنسا مطلع الأسبوع الحالي أنها قررت مضاعفة الفاصل الزمني بين إبرتي اللقاح من 3 إلى 6 أسابيع، لتضمن تطعيم ما لا يقل عن 700 ألف شخص إضافي. وبدت بريطانيا مبتهجة أمس، على رغم أزمتها الصحية المتفاقمة، بعدما أكدت استطلاعات حكومية أن 80% من الشعب البريطاني أكدوا رغبتهم في الخضوع للتطعيم. ويعني ذلك أن تحقيق ما يعرف ب «مناعة القطيع» بات ميسوراً في بريطانيا. غير أن الوزير هانكوك حذر مجدداً من أن السلالات الجديدة من الفايروس، وقال هانكوك: لا نعرف درجة خطورة السلالتين على اللقاح. ولكن يتعين علينا أن نتبع الحكمة القائلة إنه يجب أن نغلق أبواب بريطانيا لمنع تسلل هاتين السلالتين. وبدا لكثيرين أن تصريح هانكوك «شيء قليل جداً في وقت متأخر جداً». فقد أقر هو نفسه بأن هناك 77 إصابة بالسلالة الجنوب أفريقية في بريطانيا، و9 إصابات بالسلالة البرازيلية. وأضاف هانكونك أن حكومة بوريس جونسون راغبة في تخفيف الإغلاق في أقرب فرصة ممكنة. لكنه ذكر أنه على رغم أن الإغلاق الحالي أدى إلى انخفاض ملموس في عدد الإصابات الجديدة، إلا أن ذلك الانخفاض ضئيل جداً بحيث لا يسمح بالتفكير في رفع الإغلاق قريباً. وفيما يوشك عدد وفيات بريطانيا بكوفيد-19 على تجاوز عتية ال100 ألف وفاة؛ ارتفع عدد من تم تطعيمهم من السكان أمس إلى أكثر من 6 ملايين نسمة. وأوضح هانكوك أمس الأول أنه تم تطعيم أكثر من ثلاثة أرباع عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 80 عاماً. كما أن ثلاثة أرباع عدد المسنين المقيمين في دور للرعاية الصحية تم تطعيمهم. وارتفع العدد اليومي للمطعمين إلى 500 ألف نسمة السبت وحده. وتم التوسع في مراكز التطعيم، بحيث أصبح ممكناً الحصول على الجرعة الأولى في الصيدليات، وعيادات أطباء الأحياء، إضافة إلى المراكز الكبيرة التي خصصت للتطعيم في أرجاء البلاد. وفي واشنطن، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن عدداً متزايداً من الدراسات حذر من احتمال إبطال السلالات الفايروسية المتحورة مفعول اللقاحات. وكتبت أن أشد تلك الدراسات إنذاراً تلك التي أكدت أن بعض تلك السلالات يمكن أن تصيب بعض من تم تطعيمهم بوباء كوفيد-19. وهو تطور لم يكن الأطباء والعلماء يتوقعون حدوثه بتاتاً. وأضافت الصحيفة أن هذه الدراسات تثير مسألتين مثيرتين للقلق، هما: أن الأشخاص الذين تعافوا من الأعراض المعتدلة لكوفيد-19 يمكن أن يصابوا به مرة أخرى من طريق إحدى السلالات المتحورة الجديدة. وأن اللقاح قد يكون أقل فعالية ضد السلالات المتحورة الجديدة. وقال أستاذ علوم المناعة بجامعة روكفلر في نيويورك الدكتور مايكل نوسنسويغ، الذي قاد إحدى تلك الدراسات، إنه إذا كان الهدف من التطعيم هو إبقاء المصابين خارج المشافي فسيحقق تلك الغاية من دون عقابات. لكن اللقاح قد لا يمنع الناس من الإصابة بالأعراض الخفيفة، أو حتى بالإصابة التي لا تصاحبها أعراض بسبب تلك السلالات المتحورة.