هل الإنسان خرافة بالمعنى الذي جاء في معجم المعاني الجامع، القائل إن الخرافة مجرد حديث مستَمْلَح مكذوب. أم أن الإنسان أسطورة أو قصّة قصيرة ذات مغزًى أخلاقيّ. لقد جاءت كلمة «إنسان» 43 مرة في القرآن، قال تعالى {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ}. {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}. {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ}. {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ}. {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ}. {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}. حقاً إن الإنسان كائن عجيب في أحواله، يصنع المقاييس التي تروق له. يقول الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل «قيل إن الإنسان حيوان عاقل، وأنا أبحث طيلة حياتي عن أدلة يمكنها تأكيد ذلك!». أما الفيلسوف اليوناني أرسطوطاليس فيرى أن «الإنسان حيوان سياسي يعيش على التقليد». والواقع إن الإنسان خرافة أو أسطورة يصنعها عن ذاته ولنفسه؛ لهذا أرى أن الإنسان يحتاج أن يتعرف على نفسه ويخرج من أسطورته التي صنعها. يُقال إن بوذا قال: «لا تصدق شيئاً فقط لأنه ببساطة قيل لك... لا تصدق شيئاً فقط لأنه ينشر كإشاعة بواسطة كثيرين... لا تصدق ما في كتبك فقط لأنه مكتوب هناك... لا تصدق التقاليد فقط لأنها متوارثة من أجيال أقدم... صدق بعد المعاينة والتحاليل... عندما تجد شيئاً يتوافق مع المنطق ومساهماً في الخير والمنفعة للواحد وللكل تقبله وعش وفقه... عليك أن تبحث عن الحقيقة لا تعبد أولئك الذين اكتشفوها». يقول الشاعر الكبير نزار قباني في قصيدته الخرافة: حين كنا في الكتاتيب صغارًا حقنونا بسخيف القول ليلًا ونهارًا فنشأنا كنباتات الصحاري نلعق الملح ونستاف الغبارا يوم كان العلم في أيامنا فلقة تمسك رجلينا وشيخًا وحصيرًا شوهونا شوهوا الإحساس فينا والشعورا فصلوا أجسادنا عنا عصورًا وعصورًا صوروا الحب لنا بابًا خطيرًا لو فتحناه سقطنا ميتين فنشأنا ساذجين وبقينا ساذجين نحسب المرأة شاة أو بعيرًا ونرى العالم جنسًا وسريرًا. اصنع نفسك بعقلك، وفكر ولا تكن أسير قول وفكر سقيم. انزع الأغلال وسابق العصر والأوان؛ لأن المستقبل يصنعه الإنسان الذي استطاع أن يخرج عن كذبة صنعها، وخرافة صدقها، وعقل أهمله وفكر ضيعه وقول ساذج اتبعه. كاتب سعودي [email protected]