أوصت دراسة بحثية قامت بها جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل لصالح الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بالمنطقة الشرقية «بناء» بالكشف المبكر عن حالات اليتم والأمهات الأرامل، والتقييم البنائي لحالاتهن والتشخيص التنبؤي بالمشكلات التي يمكن أن يتعرض لها الأيتام وأمهاتهم وتفاديها من خلال برامج نوعية موجهة إلى الأم التي فقدت زوجها وتركت أيتاما، وتقديم البرامج التي تتناسب مع الفئة العمرية والمستوى التعليمي للأمهات، وتقديم مجموعة من البرامج التدريبية المناسبة التي تتيح التعامل مع ضغوط الحياة ورفع مستوى الدافعية للأبناء وتعزيز الثقة بالنفس، بالإضافة إلى تمكين الأسر من إنشاء مشاريع تنموية قصيرة. وخلال لقاء عقد أمس بحضور عدد من أعضاء جمعية «بناء» والداعمين لها أشار رئيس جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل الدكتور عبدالله بن محمد الربيش إلى أن الدراسة التي قامت بها الجامعة تأتي من رسالة الجامعة في خدمة المجتمع ودورها المجتمعي، في دعم الأيتام والأرامل، لافتا إلى أن العلاقة مع جمعية «بناء» ليست وليدة اليوم، حيث سبق أن قامت الجامعة بعدة دراسات سابقة لصالح الجمعية، كان من نتيجتها تقديم برامج وخدمات أفضل لهم، كما قدمت تسهيلات بالنسبة لقبول فئة الأيتام بتخفيض نسب قبولهم قياسا بالآخرين، وكذلك الحال بالنسبة للمسابقات الوظيفية، حيث ترجح كفة اليتيم واليتيمة على غيرهما من المتقدمين، فيما يقدم صندوق الطلاب الدعم المالي، بالإضافة إلى أجهزة الحاسوب والأجهزة التعليمية بالتعاون مع جمعية «ارتقاء». وأضاف أن دعم الجامعة لا يتوقف عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى تقديم الخدمات الصحية والعلاجية عن طريق 3 منشآت طبية مملوكة للجامعة، وهذه الخدمات يستفيد منها بقية أفراد المجتمع. بدوره أفاد وكيل الجامعة للابتكار وريادة الأعمال الدكتور عمر المعمر بأن الاهتمام بالأيتام والأرامل يتجلى من الإيمان العميق بما حث عليه الإسلام وبما تستحثه الأخلاق والمروءة ويتطلبه التعاضد المجتمعي، ويتأتى ذلك في الانضمام للمنظومات التي تعنى ببناء اليتيم وتعزيزه عبر الانتباه والاهتمام لكل ما يحيط فيه ويرتبط به، ويتراءى ذلك من الخدمات التي تقدمها جمعية بناء لرعاية الأيتام وأمهاتهم بالمنطقة الشرقة «بناء». وأضاف الدكتور المعمر أن الصورة لايمكن أن تكتمل إلا بتعاضد الجهات الأكاديمية البحثية والمؤسسات الخيرية ودعم الرواد من أبناء ورجالات المجتمع، كان من المتطلب أن تتكامل الخبرات بدءا من الجامعة كبيت خبرة وحكمة، مرورا بالمؤسسة المجتمعية كرافد ومتابع، وانتهاء برجال الأعمال كداعم ومساند، وذلك تمهيدا لإحداث تطويرات نوعية تنهض بالأيتام وأمهاتهم وتمد لهم العون لإصلاح شأنهم بما يحقق التكامل والتكافل لمجتمعاتهم، مشيرا إلى أن جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تفخر بأن تكون جزءا من منظومة الاقتصاد والتنمية القائم على العلم والمعرفة. وأشاد المعمر بثقة جمعية «بناء» في المسار البحثي الذي تقوم به لصالحها، ولرئيس الجامعة لثقته بما تقوم به وكالة الجامعة للابتكار وريادة الأعمال في إجراء دراسات علمية ترتبط القطاع الثالث بالمؤسسات الأكاديمية والبحثية وينعكس بالإيجاب على أصحاب المصلحة والفئات المستهدفة، كما أشاد بجهود المشاركين بإعداد الدراسة وعلى رأسهم الدكتور أحمد الشركسي. أما عضو جمعية «بناء» المهندس خالد الزامل فأكد أن شراكة جمعية بناء مع جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل كان لها دور مهم في تطوير الخدمات المقدمة لفئات الأيتام والأرامل الغالية علينا جميعا، مشيرا إلى أن الجمعية منذ تأسيسها في عام 2010 حرصت على التميز في خدماتها وتقديم الخدمات الشاملة لأكبر عدد من اليتامى والأرامل حتى باتت اليوم تقدم خدماتها إلى أكثر من 3000 يتيم ويتيمة وأرملة. ولفت إلى أن الجمعية تشرفت بالتعاون مع الجامعة التي قدمت إليها حتى الآن 4 أبحاث بأدوات بحثية رصينة، مشيرا إلى أن تحسن وتطور خدمات الجمعية ومشاريعها مكنها من الفوز بالمركز الأول في جائزة الملك خالد في 2016، كما تم تكريمها على المستوى الخليجي كواحدة من أفضل الجمعيات التي تقدم الخدمات المتطورة للأيتام والأرامل. يذكر أن عينة الدراسة التي شملت 810 أفراد من الأيتام وأمهاتهم أشارت إلى أن أبرز التحديات النفسية التي واجهت أمهات الأيتام هي الخوف على مستقبل الأبناء والشعور بالذنب نتيجة عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات الأبناء جميعها، وبدرجة كبيرة، جاء عبء الديون المالية والضغوط النفسية والمعاناة من العلاج في المستشفيات الخاصة، والخوف والحزن المستمر كأبرز التحديات للأيتام وأمهاتهم. وأظهرت مؤشرات الصحة النفسية لأمهات الأيتام أن 26% من الأمهات لم يشعرن بأي عرض، بينما مثل 44% من الحالات مستوى بسيطا من الخطورة، و18% مستوى متوسطا من الخطورة، و12% مستوى عاليا من الخطورة. وأكدت الدراسة أن الأمهات هن أكثر عرضة لخطر تفاقم الاحتياجات النفسية والاجتماعية والتحديات ذات العلاقة، ولذلك يجب أن توجه إليهم برامج وقائية مناسبة، وبرامج وقائية في الصحة النفسية والإرشاد النفسي، بالإضافة إلى توفير مصادر رزق ثابتة ومستدامة للأسر المحتاجة، كما يجب إحالة الأمهات في مستوى الخطورة المرتفع إلى مصحات للتدخل العلاجي المباشر، والتركيز على الأمهات الصغيرات وذوات المستويات الاقتصادية.