ينشغل قادة العالم في تكثيف الإجراءات المتبعة والمشددة لحماية الشعوب من جائحة كورونا، بينما ينشغل الرئيس التركي أردوغان بتكريس جلّ وقته وجهده وتكريس المحامين والمؤسسات المالية لفتح شكوى جنائية ضد الصحفي التركي «فاتح بورتاكال»، المذيع في قناة «فوكس تي في»، لمجرد نشره تغريدة على موقعه الشخصي في تويتر..! هذه حقيقة صادمة، لافتة للغاية، بل مرعبة، تُضاف إلى ملف كبير متراكم حول عقلية هذا المبتز العالمي، منذ تولى رئاسة الوزراء في تركيا وأبدى علانية نيته القضاء على كل خصومه خاصة من الإعلاميين، وصولا إلى توليه سدة الحكم، في عام 2014 وبدء حملة اعتقالات طالت آلاف الصحفيين وزجهم في السجون التركية، إضافة إلى ملفات الابتزاز الدولية المعروفة كابتزاز أوروبا بملف اللاجئين السوريين. ما حدث أن أردوغان، وفي محاولة يائسة للملمة تأثير جائحة كورونا، وحين عجز عن قول الحقيقة التي تؤكد انهيار النظام الاقتصادي التركي كلياً، وظهر فشله بتسويق بعض النظريات الهشة حول فرض الإجراءات على الشعب التركي، بدا يرتدي ثوب المظلومية وراح يستجدي الشعب ويشحذ على الهواء باسم الشعب التركي ويطلب إطلاق حملة تبرعات وطنية لدعم متضرري فيروس كورونا، وقال: «ننتظر الإسهامات الكبرى في هذه المرحلة من رجال الأعمال وأهل الخير». فرد بورتاكال قائلاً: «إننا نمر بأوقات صعبة، ونطلب من أولئك الذين لديهم ودائع أو مدخرات ألا يطلبوا المال..!». بالطبع، جُن جنون أردوغان، لم يتمالك نفسه، فما قاله بورتاكال يصيبه شخصياً ويصيب عائلته وحزب العدالة والتنمية، بعد أن بات معروفاً أن أردوغان وعائلته ورموز حزب الإخوان الفاسدين يتربعون على عرش قائمة أكبر المدخرين وأصحاب الودائع والعقارات الفارهة، فطلب أردوغان صباح الثلاثاء 7 أبريل 2020، من محاميه أحمد أوزيل، تقديم شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام في إسطنبول، تدّعي أن «بورتاكال» يقود حملة من الأكاذيب والتلاعب بالجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي وارتكابه جريمة إهانة الرئيس التركي..! تغريدة بورتاكال تتحدث عن واقع مرير تعيشه تركيا هذه الأيام، خاصة بعد فشل أرودغان على الجبهات الخارجية سواء في ليبيا ومحاولة إخضاع الشعب والجيش الوطني الليبي لسطوة العثمانيين، أو في سوريا، وإجباره على التراجع إلى ما بعد خطوط المراقبة وفشل المناطق الآمنة، كذلك الفشل الدولي في حل مشكلة اللاجئين، الذين يتعرضون اليوم لأزمة قاتلة بسبب قراراته الدكتاتورية بزجهم لاقتحام حدود أوروبا دون أدنى مسؤولية تجاه الواجب الإنساني بفحصهم ورعايتهم من جائحة كورونا. كان على أردوغان أن يلتفت إلى عبده الصغير «بن جاسم» في قطر، وبدل أن يتندر الأخير بنكات سمجة حول قدرة قطر على تقديم المساعدات! أن يأمره بإفراغ مال الشعب القطري الشقيق في الخزائن التركية، وسيكون ذلك مجرد دفعة صغيرة تضاف إلى دفعات قطر الكبيرة لتمويل الإرهاب الذي بدأه نظام الحمدين منذ الربيع المشؤوم، ولم يتوقف لغاية اليوم. * روائية وباحثة سياسية [email protected]