يزيع: أبحث عن حياة افتراضية عسيري: العزلة تمرين للوقت عدنان : أنا مرعوب جدا أبو زيد: أخضع للعزل الصحي الغامدي : بين الأفلام والقراءات العشوائية لم تستثن فوبيا كورونا أحداً من حالة الهلع التي نشرتها، ولم تدع فرداً في هذا الكون بمعزل عن إعادة الحسابات وتغيير نمط وسلوك يومياته، فمثلما أفزعت العامل البسيط أرعبت المثقف وكما أهدت للشوارع السكون هدّت كبرياء النخب وأظهرت هشاشة الإنسان المتغوّل أحياناً بمعرفته وثقافته، وبما أن للأزمات وجهاً حسناً فإنها منحت المثقفين عشاق القراءة فرص العودة للمكتبة واستظهار خبيئة خير جليس وضاعفت تمسك النخبويين بالحياة، إذ يرى الكاتب أحمد عسيري في العزلة تمريناً للوقت، وإعادة صياغة لينبغيات العمر والحياة، وقال «كنت أظنها انحجابا مؤقتا ومنعطفا ضاغطا لسيرورة الزمن ووعي الذات،إلا أنها انبعاث ورصد والتفات تجريدي، واختراق لذواتنا ودواخلنا الجمعية المحدودة». وعدّها درسا جاهزا ومحركا لنواتج تتبعها إثر رحيل وانطفاء الغريب المتمرد وجبروته العصي. مؤكداً أثرها الإيجابي متمثلاً في اكتشاف الإنسان أنه كائن ضئيل رغم قدرته على تخطي الضوائق والبواعث والخروج من القوقعة والمصائر والإعضالات ومستجدات عصره الشاقة، وتعويله على الاستعلاء وغرور العقل الظرفي، بتصحيح مسار التاريخ المتحرك. وأشار إلى أن القراءة تكشف الركام المتموضع داخل المكتبة من الكتب الثاوية والمنتظرة لقراءتها وطيها، والمتساكنة مع الولع والشغف وحب الاستزادة، وعدّ القراءة مواجهة عقلية مستفزة، وحوصلة من الاغتناء والتعاطي والاستذكار النهضوي والحضاري، موضحاً أنه يقرأ كتاب «انهيار العقل العربي. المسألة وما بعد» لمؤلفه وفيق رؤوف، يتحدث عن كيفية تنشيط وتفعيل النوابض العقلية للعقل العربي،لتمكينه من أن تقوم له قائمة داخل منظومة الارتقاء الكوني متمثلاً مقولة «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا». وعد الشاعر اللبناني شوقي بزيع الأزمة تجربة قاسية وغير مسبوقة منذ قرن من عمر الزمن كونه لم يكن أحد مهيأ لحدث كهذا، ويرى أنه برغم الهول الذي يواجه الجميع ظهرت هشاشة الإنسان على كوكب الأرض وهدم فايروس ضئيل الكبرياء والمجد الذي توهمه البعض ما عرّى الصورة التي كان يرسمها النخبوي لنفسه، مؤكداً أنه في ظل رهبة الموت الممتدة من كف تصافح وصديق يعانق تعزز الإحساس بالآخرين وتؤنسن الشعور بالحياة وتضاعف التعلق بها، وعدها تجربة مثيرة للجدل كونها تكسر التراتبية بيننا وبين من هم معنا، وكشف عن استشعاره جمالية العزلة في رحم البيت والابتعاد عن صخب الشوارع والنصوص السطحية العابرة كما قال، مضيفاً أنه يجد نفسه يلتهم الكتب بحثاً عن حياة افتراضية متخيلة تمثل فردوساً وشاطئاً مؤمّناً للأرواح من الرعب. ويؤكد الشاعر عبدالوهاب أبو زيد أن الجائحة البغيضة أتاحت فرصة البقاء القسري في المكتبة بحكم أنه خاضع للعزل الصحي إثر عودته من سفر. وكشف عن دخوله في حالة نفسية سيئة كونه قريبا وبعيدا عن أفراد أسرته في نفس الوقت، ولأنه عائد من سفر طويل نسبيًا، وقال «مع مرور الأيام، خضعت للأمر الواقع الذي فرض على الجميع، وحاولت أن أستثمر ساعات وأيام العزلة بما يفيد». مشيراً إلى أنه قرأ وكتب وترجم وعاد لنصوصه القديمة سعيًا لترتيبها وإعدادها للنشر في وقت غير بعيد من الآن. ولفت إلى أنه تصالح مع حالة العزلة المضاعفة التي يعيشها وفرضت عليه، في ظل ارتفاع معدل إنتاجه ما يؤكد حاجة الكاتب للعزلة التي تتيح له الاقتراب من نفسه أكثر بعيدًا عن التفاصيل الحياتية والعملية التي تستهلك جزءًا كبيرًا من وقته وطاقته. وأوضح الكاتب وحيد الغامدي أن الوقت مقسم بين قراءات عشوائية وكتابات ومشاهدة أفلام تاريخية. وقال قرأت قبل يومين حزام أبي دهمان في ليلة واحدة.. وأضاف بأنه يقرأ حالياً كتاب (دين الفطرة، لروسو ) وسيقرأ ما أمكن كون العزلة لن تتكرر أبداً إلا في ظرف مماثل، ولفت إلى دور المثقف في نشر الوعي الصحي والحث على الانضباط الاجتماعي، وألا ينساق خلف الدعوات المضللة حول الوباء، سواء كانت نظريات مؤامرة أو خرافات شعبية متداولة تفسر ما حدث وأن يدرك أن هذا الفايروس عدو لكل البشر، بكل أديانهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم السياسية والقومية، ما وحد البشر ضد عدو مشترك بمسلك واحد وإجراءات صحية وسياسية واحدة، ودعا المثقف لنشر رسائل قيم التسامح والتعايش والتفكير بمصير الجنس البشري وحماية البيئة. فيما قال الكاتب أحمد عدنان ل«عكاظ»: «أنا مرعوب جدا» ولم أر أي كائن حي من أسبوع، موضحاً أنه يقرأ (كتاب الحروب الصليبية) وأن القراءة تستمر طوال اليوم في حين لا مكان لريموت التلفزيون.