انضمت موسكو ولاغوس اليوم (الاثنين) الى أكثر من ثلاثة مليار نسمة في العالم يلازمون منازلهم على أمل الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي بات الرئيس الأمريكي يأخذه لى محمل الجد مستعدا للاسوأ. لكن اجراءات العزل لمواجهة هذا الوباء الذي تسبب بوفاة أكثر من 33 ألف شخص في العالم بينهم طفل يقل عمره عن السنة، لا تزال غير مطبقة إلى حد واسع في عدة دول في افريقيا أو أمريكا اللاتينية خصوصا. «ابقوا في المنازل» رسالة تتكرر على التلفزيون في فنزويلا لكنها تصطدم بالواقع كون 60% من سكان البلاد البالغ 30 مليون نسمة يواجهون نقصا في المياه بحسب منظمات غير حكومية. والنتيجة أنه في أحد احياء كراكاس الشعبية، هناك 200 شخص ينتظرون على الرصيف لتعبئة المياه. ودخلت موسكو اليوم (الاثنين) اليوم الأول من اجراءات العزل لمدة غير محددة فيما دعا رئيس الوزراء الروسي بقية البلاد الى الاستعداد للقيام بالمثل من أجل وقف انتشار فيروس كورونا المستجد. وأمر رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين بعزل تام، والذين لا يحترمون الاجراءات يواجهون عقوبة سجن تصل الى خمس سنوات اعتبارا من 8 مارس. ويسمح لسكان موسكو البالغ عددهم 12,5 مليون نسمة بالخروج من منازلهم فقط للتوجه الى العمل اذا كان ضروريا وللطوارئ الطبية وللتمون او التوجه الى صيدلية، كما يمكنهم الخروج لرمي النفايات او لنزهة الكلب في محيط مئة متر من مساكنهم. في العاصمة النيجيرية لاغوس التي تعد 20 مليون نسمة بدأت ايضا اجراءات العزل التام. وسجلت نيجيريا، الدولة الاكثر اكتظاظا بالسكان في افريقيا مع حوالى 200 مليون نسمة، مساء امس (الاحد) 97 حالة معلنة لكن العدد قد يرتفع سريعا كما حذر وزير الاعلام لاي محمد الخميس. وفيما بلغ عدد الاصابات 140 الفا في الولاياتالمتحدة من اصل 700 الف اصابة مثبتة في العالم، بدأ الرئيس الامريكي دونالد ترمب يكثف الاجراءات حيث مدد القيود المفروضة للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد. ويأتي هذا التغيير في موقف ترمب الذي سبق وقال إنه يتطلع لعودة الحياة في البلاد لطبيعتها بحلول منتصف أبريل، في وقت حذّرت بريطانياوإيطاليا من أن الإجراءات المفروضة لاحتواء الوباء ستستمر لأشهر. وأسفر كوفيد-19 عن وفاة أكثر من 35 ألف شخص حول العالم بينما تجاوز عدد الإصابات المؤكدة 700 ألف حالة. في انتظار ذروة الوباء وحذّر ترمب من أن الوضعقد يتدهور لبعض الوقت في الولاياتالمتحدة التي شهدت تضاعف عدد الإصابات خلال يومين فقط. وأفاد أن «التقديرات بناء على النموذج (الحالي) تشير إلى أن معدّل الوفيات سيبلغ ذروته على الأرجح خلال أسبوعين»، معلنا عن تمديد إرشادات التباعد الاجتماعي حتى 30 أبريل. وأضاف «لن يكون هناك أسوأ من إعلان النصر قبل تحقيقه». وجاءت تصريحات ترمب بعدما حذّر الطبيب أنتوني فاوتشي، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأوبئة وخبير الأمراض المعدية، من إمكان أن يحصد الفيروس أرواح ما بين مائة ومائتي ألف شخص في الولاياتالمتحدة ومن احتمال إصابة الملايين. وتضغط الإصابات الجديدة على نظام الرعاية الصحية في الولاياتالمتحدة. وفي كل أماكن انتشار كوفيد-19، تراقب الدول وتيرة الوفيات التي يمكن ان تشير الى تجدده او تراجعه وكذلك وصول الوباء الى ذروته. وبدأت أمس جمعية خيرية بإقامة مستشفى ميداني في حديقة سنترال بارك في نيويورك للمساعدة في تخفيف العبء عن مؤسسات المدينة. وانعكست التداعيات الإنسانية للإغلاق العام الذي جمّد قطاعات ضخمة من الاقتصاد الأمريكي، على مخازن الأغذية في نيويورك، حيث يقول المنظمون إن الطلب بلغ ذروته. وقال إريك ريبرت من منظمة الإنقاذ الغذائي «فود هارفست» إنه «كان هناك في السابق 1,2 مليون شخص في نيويورك بحاجة إلى المساعدة للحصول على الغذاء.الآن، تضاعف العدد ثلاث مرات». 6 شهور وتزامنت إعادة تقييم ترمب للإطار الزمني لعودة الأمور إلى طبيعتها مع تدهور الأوضاع في أوروبا. وسجّلت إسبانيا 838 وفاة خلال 24 ساعة، ليرتفع عدد الوفيات بشكل قياسي لليوم الثالث على التوالي. وقال الممرض في مستشفى «إنفانتا صوفيا» في مدريد إدواردو فيرنانديز «امتلأ قسم العناية المشددة لدي بشكل كامل». ويذكر أن السلطات أقامت مستشفى ميداني يضم 5500 سرير في مدريد وحوّلت حلبة تزلج إلى مشرحة. وأضاف فيرنانديز «نحن على شفير انهيار كامل إن لم يكن ذلك قد حصل بالفعل». وفي بلجيكا، تخطت حصيلة الوفيات جراء الوباء 500 وفاة، بينها 160 خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيما وصل عدد الإصابات المؤكدة إلى نحو 12 ألفا، على ما أعلنت السلطات الصحية اليوم. وتسبب فيروس كورونا المستجد بوفاة أكثر من 500 شخص في بلجيكا حتى صباح اليوم وفق أرقام السلطات الصحية التي أحصت نحو 12 ألف إصابة مؤكدة منذ بدء تفشي الوباء. وأفاد مسؤولون بريطانييون أن الحياة قد لا تعود لما كانت عليه قبل ستة أشهر. وأفادت نائبة كبير المستشارين الطبيين في بريطانيا جيني هاريز أنه لن يكون بإمكان الأطباء تحديد إن كان العزل التام الحالي نجح في إبطاء تفشي الوباء قبل عدة أسابيع. وذكرت أن إجراءات احتواء الفيروس ستخضع لمراجعة كل ثلاثة أسابيع «على الأرجح على مدى الشهور الستة المقبلة» على أقل تقدير. أما في إيطاليا، حيث سجّلت ثلث الوفيات العالمية، فحذرت الحكومة المواطنين من أنه سيكون عليهم الاستعداد لفترة عزل تام «طويلة جدا» يتم رفعها تدريجيا، رغم تداعياتها الاقتصادية. وقال مستشار الحكومة في مجال الصحة لوكا ريتشيلدي «نخوض معركة طويلة جدا. ننقذ حياة الناس عبر سلوكنا». لكن الضغوط التي تسببت بها التدابير المفروضة على المجتمع الإيطالي والتي كانت أمرا لا يمكن تخيّله قبل أسابيع فقط بدأت تظهر تدريجيا. ولعل المثال الأبرز كان بدء عناصر من الشرطة مدججين بالسلاح بحراسة مداخل متاجر بيع الأغذية في صقلية بعدما وردت تقارير عن عمليات سلب ونهب قام بها أشخاص لم يعودوا قادرين على شراء الأطعمة. وفي افريقيا، من شأن فرض عزل تام أن يشكل تحديا هائلا للسلطات في دول يعيش عدد كبير من سكانها في فقر ويكسبون قوتهم يوما بيوم. وداع عائلي قبل اغلاق الحدود الروسية مع بيلاروسيا قرب بلدة كراسنايا غوركا على بعد 470 كلم غرب موسكو، امس (ا.ف.ب.) وفي بنين، قال الرئيس باتريس تالون إن بلاده لن تفرض عزلا تاما كونها تفتقد «الإمكانيات التي تملكها الدول الغنية» للقيام بذلك. وحذرت مجموعات إغاثية من أن تداعيات فيروس كورونا المستجد على دول العالم المتقدمة قد تبدو ضئيلة للغاية أمام الآثار المدمرة التي قد يتركها على سكان الدول الفقيرة أو مناطق الحروب على غرار سورية. ويشير خبراء الأممالمتحدة إلى أن ثلاثة مليارات شخص حول العالم لا يملكون القدرة على الوصول إلى المياه والصابون، الأسلحة الأساسية للحماية من الفيروس.