تنطق شعوب العالم آلاف اللغات الحية، ولكل منها طريقة في التعامل مع الجنس أو النوع في اللغة، ويعتبر التأنيث والتذكير من أهم الأمور التي تتميز بها أغلب اللغات، حيث إنها تساهم في تشكيل «جنس» الكلمات والمصطلحات وبالتالي تحديد توجيه الجمل وكيفية تنسيقها بطريقة سليمة وبنية لغوية صحيحة. لكن، هل يعقل أن التأنيث والتذكير يحدد نظرتنا إلى العالم؟ هل لو كانت السيارة مذكر والكتاب مؤنث كانت ستختلف الأمور؟. هناك لغات في العالم تصنف الأسماء إلى جنسين مذكر ومؤنث، على رأسها اللغة العربية، بالإضافة إلى الفرنسية والإسبانية على عكس لغات أخرى لا تجنس الأسماء، كالأرمينية والتركية والتايلندية واليابانية، أما بالنسبة للإنجليزية فلا تحدد جنساً للأسماء، لكنها في المقابل تستخدم ضمائر مختلفة، فيمكن القول إن معظم اللغات تحتوي على الجنسين، وأن منها من يضيف أيضاً الجنس المحايد بين الاثنين. وتم تطوير فرضيات في علوم اللغة تقول إن للشخص حدساً في تصنيف الأسماء وتجنيسها، وأجريت دراسات على مجموعة من الأشخاص الذين تعتبر اللغة الروسية لغتهم الأم، حيث طلب منهم تصور أيام الأسبوع كأنها أشخاص ومحاولة تحديد جنس الشخص المقترح هل هو مؤنث أو مذكر، والمفاجأة أن جميعهم دون استثناء اقترحوا على تصور أيام الإثنين، الثلاثاء والخميس أسماء مذكرة، ويرون أن أيام الأربعاء، الجمعة والسبت أسماء مؤنثة، بينما واجه الجميع صعوبة في تحديد جنس الشخص المرادف ليوم الأحد والذي يعتبر لغوياً كلمة محايدة لا جنس لها وبالتالي، تثبت هذه التجربة أن الجنس اللغوي عنصر أساسي في تحديد ماهية الكلمات وتشكيل التصور العام لها وترجمتها البصرية في الدماغ. وتقسم اللغة العربية المؤنث والمذكر إلى: حقيقي: ما كان اسماً لمذكر أو مؤنث حقيقي، كأسماء الرجال والنساء والحيوان؛ كامرأة ورجل وأسد وناقة. مجازي: ما يُعامل مجازاً، معاملة الأنثى والذكر من الناس أو الحيوان مثل: شمس ودار وبدر وباب، دون أن يكون له بالضرورة نوع حقيقي أو دلالة لفظية في آخره. ولغتنا العربية مؤنثة لفظاً، لكن هل ترجح التأنيث على التذكير؟ تبحث في كتب اللغة فلا تجد جواباً شافياً، اللهم إلا هذا التقسيم القديم.